أعلن الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون»، الثلاثاء، اعتزامه إنهاء استقدام الأئمة الأجانب إلى بلاده للوعظ في مساجدها، مؤكدا على استبدالهم بدعاة من الداخل يتقنون الفرنسية.
وقال ماكرون خلال مؤتمر صحفي، إنه سيفرض قيودا على إيفاد دول أجنبية أئمة ومعلمين إلى البلاد، وذلك بهدف القضاء على ما وصفه بخطر «الشقاق».
وذكر ماكرون في المؤتمر أن «جزءا من المجتمع يريد أن يطور مشروعا سياسيا جديدا باسم الإسلام»، لافتا إلى أنه لا توجد مشكلة بخصوص العلمانية بالبلاد، غير أنه شدد على ضرورة عدم استخدامها كوسيلة من أجل «حرب» ستعلن حيال دين ما.
وأعلن ماكرون، في هذا السياق، وقف نظام الدورات الاختيارية باللغات الأجنبية «إلكو» المعمول به في عموم المدارس الفرنسية؛ ابتداء من بداية العام الدراسي المقبل في سبتمبر 2020.
وتابع قائلا: «أعداؤنا هم أصحاب الأفكار الانفصالية، وغيرهم ممن يريدون ترك الجمهورية الفرنسية، ومن لا يتبعون القوانين. والرغبة في انقطاع صلتك بفرنسا باسم دين ما، أمر غير مقبول، فهذا أمر تتعين محاربته».
وشدد ماكرون على أنه لا توجد لديهم أية خطة تستهدف الإسلام، مضيفًا «فقط علينا أن نتصدى لتدخلات الأجانب في المدارس والمساجد».
وأشار ماكرون إلى أنهم يعتزمون تأسيس 80 مركزا تدريبيا في إطار الجهود التي تبذلها بلاده لمكافحة تصرفات «الإسلاميين»، مشددا على أن المشكلة ليست المسلمين الفرنسيين.
وأوضح أن هناك 47 حيا بباريس ستخضع للمراقبة المشددة، في إطار جهود بلاده من أجل التصدي للتطرف.
وبيّن ماكرون أنه خلال آخر عامين تم إغلاق 15 مسجدا، و12 جمعية، و4 مدارس، مشيرا إلى أن دروس اللغة الأجنبية تعطى لحوالي 80 ألف طالب بالمدارس الفرنسية في إطار نظام «إلكو».
واستطرد قائلا: «المشكلة التي نواجهها اليوم مع هذا النظام تتمثل في أننا لدينا المزيد من المعلمين الذين لا يتحدثون اللغة الفرنسية(…) وهذا ما يجعلنا لا نستطيع التواصل معهم لمعرفة ما يقدمونه خلال دورات التدريب اللغوية التي يقدمونها. إن التعليم الوطني ليس له أي اعتبار».
وأضاف ماكرون: «أنا غير مرتاح لفكرة وجود نساء ورجال في مدرسة الجمهورية يستطيعون التدريس دون أن يكون لنظام التعليم الوطني أدنى سيطرة».
وتابع: «ونحن لم نعد نسيطر على البرامج التي يعلمونها، وهذا ما يجعلنا نجهل الأشياء التي تتعارض بشكل واضح سواء مع قوانين الجمهورية أو مع التاريخ كما نرى».
وقال إنه «من بداية العام الدراسي الجديد، سبتمبر 2020، سيتم وقف التدريس باللغات والثقافة ذات المنشأ الأجنبي في كل مكان على تراب الجمهورية».
وأفاد ماكرون أنهم منذ شهور يواصلون المباحثات مع كل من تونس، وتركيا وفرنسا، من أحل إنهاء هذه المواد، مضيفا «المدرسون الذين يعطون هذه الدروس سيخضعون للمراقبة، وعليهم أن يتحدثوا الفرنسية، إضافة إلى اتباع القوانين، وستتم مراجعة مضامين تلك الدروس».
وأبرمت فرنسا اتفاقات مع تسع دول، منها الجزائر والمغرب وتونس وتركيا، تتيح لحكومات تلك الدول إيفاد معلمين إلى المدارس الفرنسية لتدريس اللغات للطلاب القادمين من هذه البلدان.
وقال ماكرون إنه توصل إلى اتفاق لإنهاء هذا النظام مع كل تلك الدول باستثناء تركيا، مضيفا: «وبداية من العام المقبل سيتم الانتقال إلى النظام العالمي في تعليم اللغات الأجنبية مع الدول التي توصلنا لاتفاق معها، وإذا لم يتم التوصل لاتفاق مع تركيا وإذا لم تقبل النظام الجديد سنقوم بإلغاء كافة الدروس(الخاصة بالتركية)».
وفي سياق مواز، شدد الرئيس ماكرون على «ضرورة المراقبة الجيدة للتمويلات التي تقدم من أجانب لدور العبادة (المساجد) بفرنسا، إذ يجب معرفة ممن ومن أين جاءت تلك الأموال وكيف تم استخدامها. وسوف نصدر قانونا بهذا الشأن».
وأفاد ماكرون أن هناك 300 من الأئمة يأتون إلى فرنسا سنويا من تركيا والجزائر والمغرب، مشيرا إلى أن عام 2020 سيكون آخر عام يستقبل فيه مثل هذه الأعداد.
وأضاف أن حكومته طلبت، الأسبوع الماضي، من المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إيجاد سبل لتدريب الأئمة على الأراضي الفرنسية والتأكد من أنهم يستطيعون التحدث بالفرنسية ومن عدم نشرهم أفكارا متشددة.
وأشار ماكرون إلى أن «الأتراك الذين يعيشون بفرنسا، مواطنون فرنسيون في عينيه يرغب في أن يكونوا فرنسيين، وأن يتمتعوا بالحقوق التي يتمتع بها الفرنسيون، وهم معنيون بنفس القوانين المعني بها الفرنسيون. فالقوانين التركية لا يمكن أن تسري هناك».