ليس للفقراء في هذا البلد الغني الكبير طموحات كبيرة, فكل ما يشغل بالهم رغيف خبز صالح للاستهلاك الآدمي، وشربة ماء خالية من التلوث والأمراض، ومسكن متواضع يأوي أولادهم، ولو كان حجرة واحدة، وخدمة صحية تليق بآدميتهم، وتتمشى مع إمكانياتهم المادية المنعدمة، والتي لا يمكن أن تواجه العلاج في العيادات أو المستشفيات الخاصة.
"رصد" استطلعت أراء مواطني سوهاج في الخدمات الصحية التي تقدم لهم بالمحافظة، يقول محمود متولي – مهندس- :"لا يخفى على أحد ما وصل إليه التدني في مستوى الخدمة في قطاع الصحة بسوهاج، فالمستشفيات الحكومية تدخلها مريضا وقد لا تخرج منها سليما، فالأطباء منشغلون بعياداتهم الخاصة، ويأتون متأخرين، والممرضات لا يعاملن المرضى بإنسانية"، مؤكدا أن هذه ملاحظاته حينما أجرى عملية جراحية بإحدى المستشفيات الحكومية بالمحافظة.
ويضيف عبد الله السيد – عامل- :" أنا لا استطيع أن أتحمل مصاريف العيادات الخاصة والمستشفيات الخاصة، لذلك عندما يمرض احد أفراد أسرتي واذهب إلى إحدى تلك المستشفيات اترك كرامتي أمام الباب، فكثيرا ما نتسول الخدمات، فالممرضات ينشغلن عن المرضى والأطباء دائما غائبون، وفى أحسن الأحوال متأخرون عدة ساعات"، مشيرا إلى أنه رأى بعينه مشاجرات وصلت إلى أقسام الشرطة، بسبب التعنت والمعاملة غير الإنسانية للمرضى والمواطنين.
ويقول محمد عبد الوارث – مدرس- متحدثا عن مستشفى طما المركزي بسوهاج:" أطباء الأقسام الحرجة غير متواجدين بصفة مستمرة، و لا يوجد به وحدة رسم قلب أو أشعة تليفزيونية، أو ومركز تحاليل بالرغم من أنه مستشفي المفترض به أن يكون كبيرا كما أنه لا توجد به أدوية.
ويضيف محمود أبو طالب – مواطن سوهاجي- :" لا يمكن لأي شخص أن يتصور كمية الفساد بالمستشفيات الحكومية، إلا إذا رأى بعينيه ما يحدث من إهمال قد يودى بحياة المواطنين الأبرياء، فعندما كان ابني محجوزا بإحدى تلك المستشفيات، وكنت ابقي معه كمرافق، وكان يتم تركيب محاليل له، وهو فاقد الوعي، كانت الممرضات يتسامرن ويتركن المرضى، وكنت أنا أسهر على رعاية ابني، واذهب لهم، واخبرهم بان المحلول أوشك على الانتهاء، وكذلك اخبرهم بمواعيد اخذ الأدوية ليأتوا معي لإعطائه الحقن والأدوية".
ويقول على السيد – مواطن أخر- :" عندما كنت مريضا وكنت احتاج إلى إجراء عملية حصوات في الكلية ذهبت إلى أحد الأطباء في عيادته الخاصة، وبعدما وقع الكشف الطبي علي اخبرني أنني احتاج إلى إجراء عملية، وأخذ يساومني في الأسعار، وكأنه تاجر".
وقد حاولت "رصد" مرارا وتكرارا الوصول إلى وكيل وزارة الصحة بسوهاج ، عبر الهاتف إلا أنه امتنع عن الرد.