وصل توغلٌ رجال «عبد الفتاح السيسي» في مفاصل الدولة إلى مرحلة جعلت شباب «البرنامج الرئاسي» مسؤولين لهم الكلمة الأولى حتى على المحافظين الأكبر سناً، وسط مخاوف من التقارير التي يكتبها هؤلاء لمدير مكتب رئيس المخابرات الذي يدفع بهم إلى مناصب مختلفة، وفق ما نشرته جريدة الأخبار اللبنانية.
وقالت الجريدة، في تقرير لها، أن «البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب»، الذي أطلقه عبد الفتاح السيسي قبل سنوات قليلة، لم يعد دوره الاكتفاءَ بتنظيم المؤتمرات الدورية للشباب و«منتدى شباب العالم» كل عام، وإنما امتدّ للتغلغل في مفاصل الدولة، وهو ما قابلته انتقادات حادة من زملاء هؤلاء الشباب بسبب المزايا والاستثناءات التي يحصلون عليها لمجرد انتمائهم إلى البرنامج.
وأشارت إلى أن القائمين على هذا البرنامج عمدوا إلى اختيار خرّيجين من جامعات غالبيتها أجنبية أو من «كليات القمة» فحسب، ومن وسط اجتماعي راقٍ، لكي يكونوا واجهة للرئيس ورجاله.
وأضافت أن البرنامج الذي أطلقه رئيس المخابرات «عباس كامل»، ومدير مكتبه أحمد شعبان، بعد وصول السيسي إلى السلطة، على أساس أن يكون على غرار النموذج الفرنسي، صار مع الوقت شرطاً أساسياً للعمل في الوظائف العليا، بل صار لشبابه الأولوية في المنح التي توفرها الجامعات خاصة إلى كندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
ولفتت الجريدة إلى أن في آلية اختيار الشباب شروط عدة بدءاً من دراستهم وثقافتهم مروراً بمظهرهم وطبيعة أسرهم، فما بين ابن الضابط وابن القاضي وابن الدبلوماسي، جاءت الاختيارات للذين باتوا يشكلون ما يشبه «التنظيم الطليعي»، تأهيلاً لهم ليصيروا كوادر في الدولة لاحقاً.
ويستمد شباب البرنامج نفوذهم من ترشيحهم عبر المقدم شعبان الذي يتنقّل بين مكتبه في المخابرات ومقر الأكاديمية حيث يستمع إلى الشباب وما ينقلونه عن الموظفين والمسؤولين، سواء كانوا أكبر منهم في المنصب أم أقلّ، مستفيداً منهم في مراجعة التقارير التي تأتيه دورياً خاصة ما قبل إجراء تعديل وزاري أو حركة محافظين.
ويقف ضابط المخابرات خلف هؤلاء الشباب ويدعمهم حتى في خلافاتهم مع المسؤولين الأعلى منهم، وهو ما ظهر في أكثر من موقف أخيراً، لكنه يفضّل إبعادهم عن الظهور الإعلامي إلا بموافقته الشخصية.
وصار شباب البرنامج الرئاسي مسيطرين على القنوات الخاصة التي تملكها المخابرات، لتكون الصورة: شبابٌ ليس لهم أي خبرة أو علاقة بالإعلام يديرون مؤسسات كبيرة، بل يزيحون المخضرمين الذين عملوا فيها لسنوات، وهو ما تكرر في أكثر من قناة.
ورغم محدودية ما تلقّوه خلال أسابيع قليلة في «الأكاديمية الوطنية لتأهيل الشباب»، فإنهم يتعاملون مع أمور تفوق قدراتهم كثيراً، قياساً إلى المسؤوليات التي يتحملونها والملايين التي يديرونها، في الإعلام أو غيره.
قبل شهور قليلة، فُرضت مجموعة من شباب البرنامج على الفضائيات بطريقة جعلت حتى العاملين يشعرون بالغضب والتحفظ من التعامل معهم: شبابٌ بملابس أنيقة كل ما يجيدونه هو الحديث، يستفسرون عن الأمور بسطحية، وفجأة يديرون ويقررون.
وما بين نواب محافظين، ومساعدين للوزراء والمحافظين، بدأ شباب «الرئاسي» التوغل في المحافظات لدرجة أن بعض المحافظين صاروا يخشون على مواقعهم منهم.
من جهة أخرى، بدأ شباب «الرئاسي» جولة في الخارج على نفقة الدولة من أجل جذب مزيد من الشباب الأوروبيين لحضور المؤتمرات بعدما اكتفوا في الدورات الماضية بدعوة الشباب الأفريقيين المقيمين في مصر، وسط غموض في أهداف المنتدى بنسخته الجديدة التي تُعقد في شرم الشيخ أيضاً.
وأخيراً، أسندت المخابرات ملفات ثانية إلى الشباب من بينها قضايا في محافظة جنوب سيناء، ووزارات الاستثمار والتعاون الدولي، بالإضافة إلى محافظات كبيرة ومهمة مثل القاهرة والإسكندرية. لكن حتى الآن، لا تبدو بصمة هؤلاء واضحة في أي ملف، بل حتى في المؤتمرات الشبابية تبدو أخطاؤهم أكثر مما ينجزون.