عقدت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين ندوة حول دولة كوسوفا الوليدة وعلاقاتها مع العالمين العربي والإسلامي، وخلال
الندوة تحدث وزير الشباب والثقافة والرياضة الكوسوفي "مملي راسنيكي"، عن قضية كوسوفا وآخر تطوراتها، والعلاقات بين كوسوفا والعالم العربي والإسلامي. وقد حضر الندوة التي أدارها الأستاذ محمد جمال عرفة رئيس قسم الشئون العربية والدولية بجريدة الحرية والعدالة, معالي السيد بكر إسماعيل مستشار وزير خارجية كوسوفا.
وفي معرض حديثه قال الوزير الكوسوفي "مملي راسنيكي": إن جمهورية كوسوفا قد استقلت حديثا عن جمهورية صريبا التي كانت جزءا من الاتحاد اليوغسلافي بعد تعرضها لعدة مذابح على يد الصرب. وهي أول دولة إسلامية في أوروبا. كما أنها أول دولة تتولى رئاستها امرأة في أوروبا الشرقية. وقد اعترفت 93 دولة حتى الآن بكوسوفا كدولة مستقلة منها 11 دولة عربية ليست من بينها مصر.
وقد أثنى الوزير على مصر وتاريخها العريق وقال: "إن كوسوفا لم تترد إطلاقا في تأييدها لثورة 25 يناير المجيدة حيث إن نجاح الثورة يمثل قيمة كبيرة للحرية والديمقراطية رغم وجود العقبات التي تعرقل تقدم مصر ولكن مع إصرار أبنائها سوف تتغلب مصر على كل هذه العوائق والتحديات".
وبحلول 17 من فبراير القادم يكون قد مر على كوسوفا 5 سنوات كدولة مستقلة. ورغم إعلان استقلالها إلا أن صربيا لازالت تعارض الاعتراف بها كدولة مستقلة ذات سيادة. وقد اعترفت 22 دولة من دول الاتحاد الأوروبي ال27 بكوسوفا التي تسعى بخطى حثيثة من أجل الانضمام لعضوية الاتحاد والاعتراف الكامل بها بين جيرانها. وتحظى كوسوفا بدعم خاص من دول الخليج العربي التي قد اعترفت بها جميعا. ورغم ذلك ووفقا لما ذكره وزير الشباب الكوسوفي, فإن اعتراف مصر بكوسوفا كدولة مستقلة هو الأهم لديهم خاصة عقب ثورة 25 يناير التي غيرت النظام السابق.
ويبلغ عدد سكان كوسوفا 1,8 مليون نسمة. وتبلغ نسبة الألبان حوالي 92% من عدد السكان وهي تحترم كل الأديان والأعراق حيث إن نسبة المسلمين هناك حوالي 95% وهي دولة تشتهر بسماحتها الدينية وعدم التمييز العرقي. وأبرز ما يميز دولة كوسوفا كدولة وليدة هو ارتفاع نسبة الشباب بها حيث تصل نسبة الشباب تحت سن 25 إلى أكثر من نصف السكان بما يجعلهم يشاركون في شتى المجالات والمؤسسات في الدولة.
وأشار الوزير إلى أنه رغم سنه الذي لم يتعدَ 32 عاما فهو يتولى وزارة هامة مثل وزارة الشباب والثقافة والرياضة بل إن هناك من هو أصغر منه في مجلس الشعب وبعض الوزارات. وشدد الوزير على أهمية أن يلعب الشباب دورا كبيرا في الحياة السياسية حيث إن الشباب هم عصب الأمة ولا يمكن أن يتم إغفال دورهم الذي لعبوه في تحرير كوسوفا وكذلك دورهم في ثورة 25 يناير للتخلص من ظلم النظام السابق. والجدير بالذكر أن رئيسة كوسوفا هي امرأة شابة وتسعى بدورها الى إبراز دور الشباب والدفع بهم في الحياة العامة في البلاد.
الجدير بالذكر أن كوسوفا لديها أحدث دستور في العالم والذي تسعى من خلاله إلى تكريس وتعزيز الديمقراطية على مستوى الدولة الوليدة التي تواجه العديد من العقبات والتحديات. والدستور الكوسوفي يحمي حقوق الجميع ولا يغفل بأي حال دور الأقليات الذين يمثلون جزءا فعالا في الحكومة والبرلمان حيث إن 20% من الوظائف تتولاها الأقليات.
وأوضح الوزير أن كوسوفا بها أقلية مصرية كانت قد هاجرت في الماضي إلى كوسوفا كما أن بمصر أقلية كوسوفية وأن محمد علي وأسرته من أصل ألباني. كل هذه الحقائق تبين مدى قدم العلاقات بين البلدين فهي علاقات تاريخية وعميقة.
وأوضح الوزير أن كوسوفا ظلت تحت الاحتلال الصربي على مدى قرن من الزمان تعرضت خلاله لحرب إبادة. وخلال حرب عام 1998 تم تشريد مليون نسمة من كوسوفا بما يمثل أكثر من نصف السكان. كما لقي أكثر من 12 ألف نسمة حتفهم إلى جانب عشرات الآلاف من الجرحى والبيوت المحروقة. وفي النهاية نجحت كوسوفا في الانتصار في الحرب بدعم الحلفاء والأصدقاء وأعلنت استقلالها بعد فترة من إدارة البلاد بواسطة الأمم المتحدة. ونسعى حاليا لمد أيدينا لصربيا لحل الخلافات البينية من خلال الحوار البناء وبخاصة فيما يتعلق بحرية التنقل والجمارك وغيرها من المشاكل.
وشدد الوزير على قيمة مصر التي تمثل بالنسبة للكوسوفيين قيمة كبيرة فهي دولة صديقة ومن ثم نسعى لتوطيد العلاقات الثنائية بيننا. ونتمنى أن تصل مصر للمكانة التي تستحقها على مستوى العالم، وأن تكون لاعبا بارزا في السياسة الدولية.
وردا على سؤال وُجه إليه من قبل رصد عن مقومات دولة كوسوفا ودعائمها, قال الوزير:"إن أهم مقومات دولة كوسوفا هي العنصر البشري الذي يمثل أهم قيمة هناك ولذلك فإننا نستثمر الكثير في مجال تنمية البشرية وبخاصة في التعليم والرياضة. كما أن كوسوفا تعتمد على الزراعة والتعدين بشكل كبير. وتعتمد كوسوفا نموذج الاقتصاد الحر وهي ثاني دولة في المنطقة في إنتاج الفحم من أجل الطاقة. وأن كوسوفا جاهزة تماما ومستعدة بكل مقوماتها للتعاون مع مصر في شتى المجالات. وقد كانت هناك اتفاقية بينية للتعاون منذ عام 2004 في مجالي الثقافة والشباب وهم يسعون لتجديد هذه الاتفاقية. كما أن كوسوفا دولة خصبة وترحب بكل الاستثمارات المصرية.
كما أكد الوزير على أن يمثل الدستور الجديد كافة أطياف الشعب المصري وبخاصة الأقليات وأنه لا يمكن استنساخ أي تجربة بذاتها فيما يتعلق بدستور دولة لدولة أخرى. وأن حقوق وحريات الأفراد أهم عناصر في الدستور وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ودستور كوسوفا هو دستور مدني يحترم حرية التدين للأشخاص دون قيد أو تدخل من قبل الدولة. كما أن الشعب الكوسوفي يتمنى حل القضية الفلسطينية بما يحفظ حقوق العودة للفلسطينين وإقامة دولتهم.
وأفاد الوزير أن هناك الكثير الذي يمكن أن تتعلمه كوسوفا من مصر وخصوصا فيما يتعلق بمجال الآثار لما تتمتع به مصر من خبرات واسعة وتاريخية في هذا المجال. كما أن كوسوفا ليس لديها اتجاهات دينية فيما يتعلق بتشكيل الأحزاب وإنما أهم هدف لدى الأحزاب هناك هو السعي الجاد للاعتراف بدولتهم على مستوى العالم كدولة حرة مستقلة ذات سيادة.