نشرت صحيفة «التايمز» البريطانية تقريرًا ذكرت فيه رواية عن عملية «تعقب وقتل زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي» في باريشا أقصى شمال سوريا.
ولم تكن لدى «أبي مصطفى» أي فكرة عن أنهم وبعد 3 أشهر فقط من انتقال عائلته إلى «باريشا» سيصبحون جيرانًا لأكثر رجل مطلوب في العالم، «أبو بكر البغدادي» الذي يبلغ من العمر 46 عامًا.
تلك الليلة شهدت آخر لحظات «البغدادي» في الحياة، إذ حاصره كلب عسكري أميركي في نفق تحت الأرض، قبل أن يفجر سترة ناسفة كان يرتديها ويقتل نفسه واثنين من أطفاله.
وفوق الأرض، كان الشخص الذي يثق به «البغدادي»، والذي خانه وأبلغ عن مكان زعيم تنظيم الدولة، يشاهد أفراد قوات «الكوماندوز» التابعة لقوة دلتا الأميركية يحملون أجزاء جثة «البغدادي» إلى طائرة مروحية.
_ تنقلات البغدادي
ذكرت عدة تقارير -منذ فترة طويلة- أن«البغدادي» كان يختبئ في منازل آمنة على طول الحدود العراقية السورية، ومعظمها في العراق حيث مسقط رأسه.
وفي يناير الماضي، سافر إلى آخر معاقل «تنظيم الدولة» وهي بلدة «باغوز» الحدودية السورية، لكنه غادرها قبل المعركة النهائية التي سقطت فيها البلدة في مارس الماضي معلنة نهاية الدولة على الأرض.
وكان الكثير مما يعرف عن تحركات «البغدادي» قد جاء من أسرى التنظيم، وأبرزهم «أم سياف»، وهي أرملة أحد كبار مساعدي البغدادي الذين أسرتهم أميركا في سوريا عام 2015.
وكانت«أم سياف» التي حكم عليها بالإعدام من قبل محكمة كردية في العراق قد كشفت معلومات لا تقدر بثمن عن عائلة البغدادي والدوائر الداخلية وكيفية تحركاته، ورغم ذلك فإن معلوماتها عن تحركاته الدقيقة أصبحت قديمة.
_ كيف عرفت أميركا مكان البغدادي؟
عهد «البغدادي» بترتيب تحركاته إلى دائرة داخلية صغيرة فقط تقلصت مع نمو «الخوف والشكوك»، وكان من بينهم «أبو حسن المهاجر» المتحدث باسم التنظيم والمساعد المقرب و «مسؤول الأمن» الذي ظل اسمه مجهولًا، هذا المسؤول هو المفتاح الذي كشف «البغدادي».
ورغم أقدمية المسؤول الأمني فقد عومل أقرباؤه بقسوة من قبل «تنظيم الدولة»، الأمر الذي قوض ثقته في التنيظم، وكان قائد قوات سوريا الديمقراطية «قسد» اللواء «مظلوم عبدي» قد قال عن هذا المسؤول إنه «لم يعد يؤمن بمستقبل التنظيم»، وأراد أن ينتقم من «البغدادي» نفسه.
وفي وقت مبكر من هذا العام، اتصل المسؤول عبر وسطاء بقوات «قسد»، وفي أبريل الماضي تطوع بأخبار غير عادية تفيد بأن «البغدادي» قد انتقل إلى «إدلب»، وهي محافظة خاضعة إلى حد كبير لسيطرة منافس لتنظيم الدولة وهو «هيئة تحرير الشام» التي كانت تطارد عناصر من التنظيم وقتلت أكثر من 100 منهم.
بعد ذلك، كلف المسؤول الأمني بتأمين منازل آمنة للبغدادي بالتنسيق مع حراس الدين، ونظرًا إلى أن «البغدادي» لا يستخدم وسائل الاتصال الإلكترونية فقد كان على المسؤول أن يقابل «البغدادي» شخصيًا لمناقشة الترتيبات الأمنية والتحركات، وكان حراس «البغدادي» يرسلون لنقل المسؤول بالسيارة إلى مكان زعيم التنظيم.
_ تفاصيل عملية الاغتيال
أفاد المسؤول الأمني بأن «البغدادي» كان على وشك الانتقال إلى منزل آمن في «جرابلس»، مما استدعى قادة عسكريين أميركيين لطلب موافقة ترامب على العملية.
وفي منتصف ليلة السبت، أقلعت 8 طائرات مروحية من طراز «بلاك هوك وتشينوك» تدعمها مروحيات «أباتشي» الهجومية من قاعدة «أربيل» الجوية في العراق إلى مركز انطلاق في سوريا.
وأقلعت 6 طائرات مسيرة مسلحة من طراز «ريبر» وطائرات مقاتلة من الكويت، وتم وضع 5 طرادات ومدمرات صواريخ موجهة على أهبة الاستعداد في الخليج.
وجلبت أصوات المروحيات المقاتلين المحليين وهم يركضون اعتقادًا منهم أن هجومًا من النظام قد بدأ، وأطلقوا النار على الطائرة، ورد الأميركيون وقتلوهم جميعًا.
وبعد الهبوط انتشرت قوات «الكوماندز» لتطويق المجمع، ودفعت المدنيين إلى الوراء بينما اندفع جنود «كوماندوز دلتا» وزرعوا الجدار بالمتفجرات، وفجروا حفرة، ودعا مترجم يتحدث العربية غير المقاتلين إلى الاستسلام، وهرب 11 طفلًا ورجلان.
وقتلت نيران الأميركيين 5 مسلحين كانوا يرتدون أحزمة ناسفة، بينهم 4 نساء يعتقد أنهن زوجات وأقارب «البغدادي».
وتبع الكلب العسكري «كونان» رائحة البغدادي -الذي كان يصطحب معه اثنين من أطفاله- إلى مدخل النفق، حيث فجر حزامه الناسف وانفصل رأسه، ونظر إليه أحد جنود «الكوماندوز» وبعث رسالة فورية «هذا هو البغدادي».
وبقيت القوات المهاجمة على الأرض لمدة ساعتين قبل الإقلاع تجمع خلالها أجزاء جسد «البغدادي» وأجهزة الحاسوب المحمولة، وأجهزة التخزين الإلكترونية والهواتف، وسلمت الأطفال الآخرين إلى راعٍ محلي، وطلبت منه نقلهم بعيدًا.
وقامت بتحميل المروحيات بالغنائم، وهما سجينان يعتقد أنهما أبو محمد وابنه، والمسؤول الأمني، وبعد الإقلاع أطلقت الصواريخ لتسوية المجمع السكني بالأرض.
وتم نقل أجزاء جثة «البغدادي» إلى سفينة بحرية في الخليج لدفنها في البحر، تمامًا كما تم التخلص من رفات «بن لادن» في عهد الرئيس السابق «باراك أوباما»، وعادت القوات الأميركية إلى قواعدها في العراق.