كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن رئيس الوزراء اللبناني، «سعد الحريري»، منح أكثر من 16 مليون دولار لعارضة أزياء من جنوب أفريقيا، بعد لقائهما بمنتجع فاخر في جزر سيشيل.
ووفقا لوثائق محكمة جنوب أفريقيا حصلت عليها الصحيفة، فقد تمت التحويلات البنكية إلى عارضة أزياء تدعى «فان دير ميروي» بين فترتي ولاية الحريري رئيسا للوزراء، بينما كان رئيسا لحزب المستقبل، ولا يبدو أن التحويل قد انتهك أية قوانين لبنانية أو قوانين جنوب أفريقيا.
وظهرت العارضة «فان دير ميروي» في جولات تصوير لعروض مشروبات الطاقة وعروض ملابس السباحة، لكن دخلها السنوي المعلن لم يتجاوز 5400 دولار، ثم ارتفعت ثروتها فجأة في مايو 2013، بفضل تحويل مبلغ يقدر بـ 15 مليون دولار ونصف المليون من بنك لبناني.
وأثار المبلغ الكبير الشكوك لدى السلطات المالية والضريبية في جنوب أفريقيا، التي حققت فيه، واعتبرت أنه دخل خاضع للضريبة، مما جعل التحويل يخرج إلى العلن بعد أن تم بشكل سري.
وأصرت الموديل «فان دير ميروي» على أن المال كان هدية غير خاضعة للضريبة وفقا لقانون جنوب أفريقيا، في قضايا المحاكم اللاحقة، وجادلت بأن الأموال قد أعطيت لها دون شروط، وحددت أن المانح هو السيد «سعد الحريري».
وكتبت الموديل في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى السيد الحريري، «أحبك يا سعد»، وقدمت فيها تفاصيل حسابها المصرفي، حتى يتمكن من تحويل الأموال، وأخبرته أنها تريد شراء العقارات.
لم تتمكن صحيفة نيويورك تايمز من الوصول إلى فان دير ميروي، كما أن اثنين من محاميها السابقين، ومحاميها الحالي ووالدها، رفضوا التعليق على الموضوع.
ووفق وثائق المحكمة، فإن ميروي تم اختيارها وهي في سن 19 عاما للسفر إلى منتجع خاص في جزر سيشيل يدعى «بلانتيشن كلوب» كان يتردد عليه بعض أغنى الأفراد في العالم.
وقالت ميروي في هذا المنتجع المخصص للأثرياء فائقي الثروة: «وصلنا إلى هناك، وكان التقاط الصور ممنوع. مضيفا أنها قضت أربعة أيام في المنتجع في عام 2012، وتواصلت مع أشخاص عدة هناك».
وخلال رحلة أخرى لها في مارس 2013 للمنتجع ذاته، قالت: «أخبرت الأصدقاء أن سيارة أحلامي الـ«أودي R8» تعرضت لحادث، كما كسر شاشة هاتفي المحمول».
وسرعان ما اتصل بها تاجر سيارات لشراء سيارة Audi R8 Spyder جديدة، تم دفع ثمنها وتسجيلها باسمها، كما استلمت هاتفين خلويين جديدين، أحدهما به خدمة التجوال الدولي، ولاند روفر إيفوك.
وبلغت قيمة السيارتين أكثر من 250،000 دولار، وهو مبلغ تم إضافته إلى فاتورتها الضريبية، وكتب محاموها في عام 2015 أن تلك كانت هدايا من «رجل في الشرق الأوسط ميسور للغاية».
وعندما سأل المحققون الحكوميون البنك اللبناني عن التحويلات البالغة 15 مليون دولار، قال مسؤول بالبنك إن «المرسل والمستفيد صديقان/صديقان، وهما حاليا في سيشيل».
وحسب وثائق المحكمة، اشترت ميروي عقارات تبلغ قيمتها أكثر من 10 ملايين دولار، وقالت إنها أقرضت أيضا 2.7 مليون دولار لشركة عقارية كان والدها متورطا فيها، تاركة 537000 دولار في حسابها.
واعتبرت سلطات الضرائب ادعاءها بأن المال كان هدية غير معقولة، واشتبهت في أن الأموال كانت لوالدها، «غاري فان دير ميروي»، وهو رجل أعمال خاض معارك قضائية متكررة مع سلطات الضرائب بشأن تعاملاته التجارية.
وفرضت السلطات ضريبة الدخل على المبلغ، وجمدت أصول ميروي، وعينت أمينا للإشراف عليها حتى تتم تسوية المسألة.
وتدخل السيد الحريري مرة أخرى، وأرسل لعارضة الأزياء مبلغا إضافيا قدره مليون دولار، للمساعدة في تغطية نفقاتها القانونية والمعيشية، حسب وثائق المحكمة.
ووفق المراسلات مع السلطات الضريبية، أقر محامو ميروي أنه من الصعب تصديق أن «هذه الهبة تم منحها لفتاة صغيرة» من قبل شخص كان لديه معها «علاقة عارضة»، لكن ميروي أصرت على أن المال والسيارات هدايا لها دون أية شروط.
ورفعت ميروي دعوى قضائية على المسؤولين الحكوميين في جنوب أفريقيا في يناير الماضي، وطلبت 65 مليون دولار كتعويض عن الأضرار التي سببتها ملاحقة السلطات الضريبية لها، وكشف الوثائق عن سعد الحريري.
وقالت عارضة الأزياء في الدعوى إنها اضطرت لبيع المنزل لأن تجميد الأصول منعها من دفع تكاليف الصيانة، كما أضافت أن القضايا المعروضة على المحكمة والدعاية ذات الصلة تسببت في أضرار لا يمكن إصلاحها لحياتها المهنية، وقطعت علاقتها بالسيد الحريري.
وذكرت الدعوى، «تم إنهاء علاقة المدعي بالسيد الحريري، ما أدى إلى فقدان المزايا المالية التي كانت ستعود عليها من العلاقة إذا كان قد تم السماح لها بالاستمرار دون تدخل خارجي».