ترقب كبير في مصر، لما سيشهده يوم الجمعة الموافق 27 سبتمبر، المرتقب عقب ساعات، في ظل دعوات متصاعدة تطالب برحيل عبد الفتاح السيسي، وأخرى مؤيدة تطالبه بالبقاء.
بين مقاطع فيديو وأغانٍ وتغريدات وهاشتاغات وبيانات، لم تتوقف تلك الدعوات في الحشد والحشد المضاد، في ظل حديث رسمي عن أن الأوضاع مستقرة، وسط انتشار غير مسبوق للشرطة بأبرز ميادين البلاد.
ففي صيف العام 2013، وقبل أشهر من الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، شهدت مصر ظاهرة مماثلة، بين حشد وحشد مضاد.
والجمعة والسبت الماضيان، بثت قنوات فضائية محسوبة على المعارضة وناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو لاحتجاجات نادرة، هتفت ضد السيسي.
السويس تواصل الثورة ومحمد علي يدعو لمليونية الخلاص..هل ينجح المصريون في إزاحة السيسي؟
Publiée par شبكة رصد sur Dimanche 22 septembre 2019
فيما شككت وسائل إعلام محلية مؤيدة، في صحة تلك المقاطع وقالت إنها «مفبركة»، قبل أن يتراجع بعضها ويقر بوجود تظاهرات لكن «محدودة».
وإثر ذلك، تتحدث منظمات محلية ودولية ومعارضون وإعلام محلي، عن حبس الأكاديميين البارزين حسن نافعة، وحازم حسني، وخالد داود، 15 يوما بتهمة نشر أخبار كاذبة، ضمن توقيفات طالت مئات منذ الجمعة، التي تنفيها مصر بشكل رسمي.
ونرصد هنا أبرز ملامح الجمعة المرتقبة، التي يراهن عليها معارضون في إنهاء حكم السيسي الذي بدأ عام 2014، مقابل جلب تأييد متصاعد من مؤيدين يعولون على إنجازاته ونجاحه في الحفاظ على استقرار البلاد.
وأبرز تلك الملامح كالآتي:
أولا: الداعون
- لمسيرات التأييد
أخذت دعوات التأييد للسيسي منحنى مرتفعا منذ مساء الأربعاء، مع إعلان رياضيين وفنانين مؤيدين بالأساس، الخروج الجمعة، الذي يوافق دعوات للاحتجاج والدعوة إلى رحيل النظام.
اختار المؤيدون الرابعة عصر الجمعة، للتواجد بميدانين شرقي القاهرة، أحدهما المنصة، والثاني ميدان رابعة العدوية المسمى حاليا باسم «هشام بركات»، وذلك لتأييد السيسي.
وصيف 2013، كان «ميدان رابعة» والمناطق المحيطة به، مكانا لتجمع المؤيدين للرئيس الراحل محمد مرسي، الذي أعلن السيسي حين كان وزيرا للدفاع آنذاك، خطاب الإطاحة به، في مفارقة لافتة.
وبث هؤلاء المؤيدون مقاطع فيديو تحث المصريين على النزول لتأييد السيسي والجيش، «حرصا على الاقتصاد وعدم الفوضى»، معتبرين أن النزول «واجب على كل مصري».
ومن بين هؤلاء الرياضي طارق يحيى، وأيمن عبد العزيز، والمعتز إينو، وعبد الحميد بسيوني، وعبد الظاهر السقا، والمطرب محمد فؤاد، والفنانون محمد نور، وعصام كاريكا، وصبري عبد المنعم وأحمد صيام وياسر الطوبجي وطارق الشيخ.
وكان أبرز الفنانين المؤيدين جدلا، الممثلة والراقصة فيفي عبده، عبر نشر مقطع فيديو، تنتقد فيه المظاهرات المناهضة بألفاظ خارجة والاتهام للمحتجين بأنهم «لصوص يريدون تحويل مصر لسوريا أو ليبيا أو العراق»، في إشارة لمشاهد الدمار الحالية والصراع المسلح.
وقبل أن تعتذر الثلاثاء، وتقول إن «السيسي يعني مصر، وإنها لا تتحمل الإساءة لشخصه، وإنه لا يخدم مصر فقط، بل يخدم الوطن العربي كله».
وانضم نواب مؤيدون للنظام للتواجد في مدينة نصر لتأييد النظام، وفق تقارير محلية.
- حشد الرحيل
أبرز من دعا لرحيل السيسي، هو الفنان ورجل الأعمال «محمد علي»، الذى دعا للخروج بـ«مليونية» غدا، دون أن يحدد لها مكانا.
و«علي» كان صاحب الدعوة لاحتجاج الجمعة الماضية، التي شهدت مظاهرات محدودة، لا سيما بميدان التحرير، عقب شهرته بمنصات التواصل في الحديث من مقر تواجده بإسبانيا عن الفساد في مصر وهو ما أثار جدلا واسعا، اضطر السيسي بذاته للخروج في حديث على الهواء ونفيه.
مظاهرات تضامن في الخارج ومحمد علي يوجه رسالة لضباط الشرطة والجيش..مصر تترقب مليونية الجمعة.. هل يرحل السيسي قريبا؟
Publiée par شبكة رصد sur Lundi 23 septembre 2019
كما دعا حزب «الاستقلال» المعارض، المصريين للنزول للمشاركة فيما أسماه «انتفاضة» شعبية لرحيل النظام، قبل أن تعلن أن الأجهزة الأمنية أوقفت 20 من أعضائها منهم الأمين العام مجدي قرقر.
فيما لم تعلن جماعة «الإخوان المسلمين»، التي تعد الأكبر في مناهضة السيسي، أي موقف بشأن احتجاجات الجمعة.
والتجاذب الفني وصل لملعب السياسة، حيث واصل فنانون مصريون معارضون التمسك بالنزول للمطالبة برحيل السيسي، وأبرزهما عمرو واكد، وخالد أبو النجا.
وقال «واكد» عبر حسابه على تويتر: «السيسي انتهى. خلص خلاص. الباقي كله حلاوة روح. وأي حد هيقف معاه خصوصا دلوقتي يبقى بيغلط غلطة كبيرة في حق نفسه».
وغرد أبو النجا أيضا متمسكا برحيل السيسي.
كما دعا معارضون بارزون رفض بقاء السيسي، والدعوة للتظاهر السلمي يوم الجمعة، ومن أبرزهم عصام حجي المستشار العلمي للرئيس المصري السابق عدلي منصور.
وقال حجي عبر حسابه على تويتر: «الدعوة للتظاهر السلمي يوم الجمعة ليست دعوة للدمار والخراب والفوضى كما يصورها الإعلام المضلل».
وأكد أنها «دعوة للاستماع لآمال وأحلام وطموح ملايين المصريين بحياة كريمة بعيدًا عن أي إنتماء سياسي».
ثانيا: أبرز المطالب
وفق التغريدات والتقارير الصحفية، فإن أبرز مطالب التأييد تتمثل في بقاء السيسي ورفض الفوضى، بينما المعارضون يتوافقون على عدة مطالب أبرزها رحيل السيسي، وإطلاق سراح السجناء أصحاب الرأي، وعادة تنفي القاهرة وجود معتقلين سياسيين لديها.
ثالثا: أبرز وسائل الحشد
بمقاطع فيديو وهاشتاجات وأغان مؤيدة ومعارضة تمضي وسائل الحشد ليوم الجمعة، على أمل كل فريق أن يحشد لمطالبه يوم الجمعة
ظهرت مقاطع الفيديو القصيرة للغاية كأبرز أسلحة المؤيدين والمعارضين عبر منصات التواصل الاجتماعي، وظهر هذا مع دعوات التأييد لاسيما من فيفي عبده، وحشد المعارضين وخصوصا من القنوات المصرية المعارضة بالخارج.
الأغاني أيضا كانت ضمن أطر لعبة الحشد، وقال الممثل محمد رمضان، إن فيديو «هما عايزينها (يريدونها) فوضى» عبر يوتيوب، المناهض لتلك الاحتجاج تجاوز المليون مشاهدة.
وتقول الكلمات التي تردد بطريقة أغاني الراب والمهرجانات الشعبية: «أولا إنت مش راجل.. بعد ما هربت بعيد جاي تعمل فيها مناضل بالباطل.. تعرف إيه انت عن الشارع واللي بيحصل فيه.. أكيد مسمعتش صوت الشعب وانت جوه الكباريه».
وبدأت حملة للمطالبة بالضغط على زر عدم الإعجاب على الفيديو وتجاوزت 79 ألفا، مقابل 99 ألف إعجاب.
في المقابل، روّج معارضون وقنوات معارضة أغنية لمهرجان شعبي تحمل اتهامات لاذعة للسيسي، من كلمتها «مش بنخاف، على عينك خد كشاف، مهزوز خايف تتشاف، بكره هتتاكل حاف».
وكانت مواجهة الهاشتاجات من أبرز وسائل الحشد، حيث طرح معارضون هاشتاج #انت_انتهيت_ياسيسي.. في مقابل #احنا_معاك_ياريس
رابعا: مخاوف
يقول معارضون بالخارج ومنظمة حقوقية دولية، إن لديهم مخاوف من تصاعد حدة التوقيفات العشوائية بالشوارع للحد من الخروج في تظاهرات معارضة.
وكانت حملة توقيفات كبيرة شهدتها القاهرة الأربعاء، طالبت 20 قياديا وكادرا من حزب الاستقلال المعارض بجانب الأكاديميين خالد داوود وحسن نافعة، وحازم حسني، بخلاف توقيفات السبت والأحد، التي قال حقوقيون إنها مست أكثر من 300 محتج.
وغردت منظمة العفو الدولية الخميس، معبرة عن مخاوفها، قائلة: «يجب على العالم ألا يقف مكتوف الأيدي بينما يدوس الرئيس السيسي على حقوق المصريين في الاحتجاج السلمي وحرية التعبير في مصر».
وأكدت أنه «يجب على السلطات المصرية الإفراج فوراً عن جميع المعتقلين السلميين واحترام حرية التعبير والتجمع».
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من السلطات المصرية بشأن تلك الاتهامات، غير أنها عادة تقول إنها تحترم القانون والدستور وحقوق الإنسان، وعادة ما تتهم العفو الدولية بترويج «أكاذيب» عن مصر.
خامسا: موقف المؤسستين العسكرية والأمنية
لم يخرج موقف مباشر وواضح من القوات المسلحة بشأن احتجاجات الجمعة، على خلاف ما كان واضحا قبل وبعد الإطاحة بمرسي من دعوات لضبط النفس والحفاظ على الوطن.
غير أنه على مدار 3 أيام، التقي وزير الدفاع محمد زكي بأبناء الجيش المصري في لقاءات عدة.
وفي بيان للجيش الخميس، قال زكي الذي كان قائدا للحرس الجمهوري إبان حكم مرسي، مع لقاء الكلية الفنية العسكرية: «رجال القوات المسلحة لديهم وعى كامل بكافة المخاطر والتحديات التى يواجهها الوطن».
وقبل يوم التقى بالمنطقة المركزية العسكرية، وقال : «القوات المسلحة ستظل تؤدى دورها فى حماية الوطن واستقراره مهما كانت التحديات والتهديدات».
فيما قالت وزارة الداخلية إنها ستتصدي بكل حسم لأي خروج على القانون أو زعزعة الاستقرار أو السلم الاجتماعي وفق بيان نقلته وسائل إعلام محلية.
الأناضول