أنهى النظام السوري وجود حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في دمشق، وأسقط الورقة الأخيرة في علاقته معها بإغلاق جميع مكاتبها والاستيلاء عليها بعد 13 عاما من تركز قادتها ومكتبها السياسي عقب خروجهم من الأردن.
وقال مشير المصري – القيادي في حركة حماس لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بغزة "أن قادة حماس خرجوا من سوريا والحركة لم تعد موجودة هناك"، مضيفا أن نزيف الدم السوري أحدث نزيفا في العلاقة بين حماس والنظام السوري".
وطالب المصري بضرورة خضوع النظام السوري لمطالب الشعب في الحرية والديمقراطية، مؤكدا ضرورة أن يتوقف نزيف الدم السوري، كما طالب بتحييد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا عن المعارك الدائرة التي راح ضحيتها المئات منهم.
ووصف ما حدث من إغلاق لمكاتب الحركة بأنه "أمر مؤسف"، مؤكدا موقف حركته الثابت والمنحاز إلى جانب الشعب السوري في ثورته.
والتزم قادة حماس الحياد منذ تفجر الثورة السورية قبل 19 شهرا، إلا أنهم خرجوا عن ذلك ووقفوا في صف الثورة، وكان خطاب إسماعيل هنية بالجامع الأزهر في فبراير الماضي الذي أكد فيه ضرورة إعطاء الشعب السوري الحق في العيش بكرامة مؤشرا قويا على ذلك، لتتوالى بعدها تصريحات توضح تغير موقف الحركة من نظام الأسد.
وأعلن موسى أبو مرزوق – نائب رئيس المكتب السياسي لحماس – أن الحركة حددت موقفها من الأزمة السورية، مؤكدا أنها مع الشعب في مطالبته وحركته، وأغضب هذا التغير في الموقف النظام السوري ليترجم ذلك في خطوات عملية، فقد قامت قوة من الأمن السوري وعلى مدار ثلاثة أيام منذ مساء الاثنين الماضي حتى مساء أمس الخميس باقتحام مكاتب قيادات الحركة في دمشق وجردها والاستيلاء على محتوياتها.
وحسب حركة حماس، فإن أجهزة الأمن السورية قامت بمداهمة واقتحام مكتب ومنزل خالد مشعل -رئيس المكتب السياسي للحركة بدمشق- وجردته من محتوياته وصادرت السيارات التابعة له، كما قامت قوة أخرى بمداهمة مكتب نائبه موسى أبو مرزوق ومصادرة محتوياته، وأيضا تم اقتحام مكتب عماد العلمي -عضو المكتب السياسي للحركة -والذي عاد إلى غزة بعد 21 عاما من الإبعاد ما بين دمشق وإيران وصادرت محتوياته والسيارات التابعة له، كما أعلن عضو المكتب السياسي لحماس عزت الرشق أن أجهزة الأمن داهمت أمس (الخميس) مكتبه وأغلقته بعد مصادرة السيارات التابعة له.
واستولت قوات الأمن السورية على مزرعة تابعة للحركة في منطقة دروشة في ريف دمشق، وقامت بمصادرة جميع ما فيها من غنائم وسيارات.
واستبقت وسائل الإعلام السورية الرسمية هذه الخطوات بحملة هجوم عنيفة وغير مسبوقة ضد خالد مشعل، إذ اتهمه التلفزيون السوري الرسمي بأنه "خائن وجاحد"، بعد خطابه الأخير في مؤتمر حزب "العدالة والتنمية" في تركيا، وهو ما نددت به حركة (حماس) وأعربت عن أسفها للهجوم الإعلامي السوري على الحركة ورئيس مكتبها السياسي.
وقال المحلل السياسي الفلسطيني حمزة إسماعيل أبو شنب لوكالة أنباء الشرق الأوسط" أن النظام السوري بخطوة إغلاق مكاتب حماس يخلط الأوراق، لأنه يعاقب حماس التي تتمتع بعلاقات جيدة مع إيران وحزب الله، وهما في نفس الوقت من حلفاء النظام السوري".
أما المحلل السياسي مصطفى الصواف المحسوب على حركة حماس، فقال" حركة حماس لن تخسر كثيرا من وراء إغلاق مكاتبها في دمشق لأنها مغلقة بالفعل منذ خروج قادة الحركة".
وأضاف "أن النظام السوري يتخبط حاليا ويهدف من وراء هذه الخطوة أن يغطى على جرائمه وصرف الانتباه عنها، والانتقام من الحركة لانحيازها لثورة الشعب، وتابع "حماس همها الأول حاليا هو اللاجئون الفلسطينيون في سوريا وجرائم القتل المتعمدة التي ترتكب بحقهم يوميا".ويتواجد نصف مليون لاجئ فلسطيني في 10 مخيمات سورية أكبرها "اليرموك" من حيث المساحة وعدد السكان.