بدأ حُلم «السيسي» بالعظمة يظهر للعيان على شكل «عاصمة جديدة» بعيدًا في صحراء مصر، لكن التكلفة الباهظة لذلك المشروع -في ظل أزمة اقتصادية ماحقة- تمثل كابوسًا يهدد تحقيق الحُلم، كما أن التصميم الأمني المبالغ فيه يثير الجدل حول المشروع.
وفي تقرير لصحيفة «لوموند» الفرنسية، قالت مراسلتها في القاهرة «هيلين سالون» إن أول صرح يبرز مكتملًا للعيان من هذا المشروع هو «مسجد الفتاح العليم» القائم على الرمال مثل سراب في الصحراء، ليقف حارسا على مدخل العاصمة الإدارية في المستقبل.
وبين ذلك الصرح و «كاتدرائية ميلاد المسيح»، مساحة شبه فارغة تمتد 16 كيلومترًا، وتتخللها مواقع للبناء وعدد قليل من المباني المكتملة.
وأضافت مراسلة الصحيفة، أن جيشًا من العمال والمهندسين والعساكر يعملون ليلًا ونهارًا في ذلك المكان، ليحققوا أحلام عظمة «سيد البلاد» ويجسدوها في بناء قطعة من الصحراء.
إرث السيسي لبلده..
خاض «السيسي» في ذلك المشروع؛ للتباهي لا أكثر، فهو يعد «سرابًا بدأ بالتشكل ليصبح إرث السيسي الذي يتركه لبلده».
وترى الصحيفة، أن فكرة «مدينة السيسي» تأتي في صلب الأزمة التي تعيشها العاصمة القاهرة، والتي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، تعج بهم مدينة ضخمة مترامية الأطراف تعيش تحت وطأة التلوث والاختناقات المرورية والبناء الفوضوي للأحياء العشوائية.
الجيـــــش هو المقـــــاول..
وقالت صحيفة «لوموند» الفرنسية، إن يد الإمارات -الراعية المالية لمصر- ليست خفية في هذا المشروع، خاصة أن الرئيس التنفيذي لشركة «إعمار» العقارية الإماراتية، كان من المفترض أن يكون صاحب هذا المشروع، إلا أن فسخ التفاهم التي وقعه مع مصر أثار الشكوك حول ذلك المشروع.
وبعيدًا عن التراجع بعد تقاعس الإمارات، دعت الحكومة المصرية الجيش -الذي هو المقاول الرئيسي لمشاريع السيسي الضخمة- إلى تنفيذ المشروع، ممثلًا في شركة «العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية» التابعة لوزارتي الدفاع والإسكان، وقد ضخت الوزارتان 10.7 مليارات يورو لإطلاق المرحلة الأولى من المراحل الثلاث التي ستؤدي إلى بناء العاصمة الجديدة.
مشـــــــروع أمني..
وتقول الصحيفة إنها «تعتقد أن مشروع العاصمة، صُمم لمنع سيناريو ثورة 2011 من الحدوث مرة أخرى، وذلك بوضع جميع الوزارات في مكان معزول تحت حماية الجيش، لقد صُمم هذا المشروع برؤية أمنية وليس لصالح الناس».
وعلقت مراسلة الحصيفة الفرنسية، بأن البعض يشبه العاصمة الجديدة بـ«المنطقة الخضراء» في بغداد، والتي تعد منذ الغزو الأميركي عام 2003 موطنًا للسفارات الأجنبية والمباني الحكومية، وهي بمثابة شرنقة آمنة مصممة لإبعاد المركز عن أيدي الجماهير والتهديد المسلح.
وقالت الباحثة في «مركز كارنيجي» للسلام، إن بناء العاصمة المصرية الجديدة نوع من «إعادة بناء جدار الخوف الذي يفصل المواطنين والدولة، اهتدى إليه الرئيس السيسي».