وصف كاتب إسرائيلي تعامل الاحتلال مع حركة حماس في قطاع غزة والتطورات الأخيرة بالفشل الذريع.
وقال الكاتب إن «نهاية الجولة العسكرية الأخيرة مع حماس في قطاع غزة تعيد إلى الأذهان خطة فك الارتباط عن غزة، والانسحاب أحادي الجانب منها، التي نفذها أريئيل شارون قبل 14 عاما، واليوم بعد مرور عقد ونصف على حصولها من الواضح أن الخطة ثبت فشلها، بكل مستوياتها».
وأضاف أريئيل كهانا، في تحقيق مطول بصحيفة إسرائيل اليوم، ترجمته “عربي21″، أن «فشل خطة الانسحاب يمكن قراءتها من عدة نواح: الناحية السياسية، فإن المجتمع الدولي لم يعف الاحتلال من المسؤولية عن قطاع غزة، وكأن الانفصال لم يقع من الأساس. من الناحية الاقتصادية، فإن الأحلام الوردية التي وزعها شارون بشأن تحويل غزة إلى سنغافورة الشرق الأوسط تبخرت».
وأشار إلى أنه «من الناحية الأمنية، فإن الاستنزاف الذي يعيش به الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام الشاباك لم يتوقف، بالعكس فقد زاد وتضاعف. أما من الناحية القومية، فإن نصف الدولة باتت لصيقة بالملاجئ والغرف المحصنة، خشية من تزايد سقوط الصواريخ المنطلقة من غزة، ولا يبدو أن هناك حاجة لتفسير المزيد من أوجه الفشل».
وأكد أنه «من الواضح أنه لا يمكن لعجلة التاريخ أن تعود للوراء، لكن أخطاء التاريخ يمكن أن تصحح، فإقامة المستوطنات الإسرائيلية بقطاع غزة التي أشرف عليها حزب العمل في سنوات السبعينات من القرن العشرين، ثم شارون ذاته، كان فيه منطق كبير، لأن تقسيم القطاع لأجزاء موزعة سهل كثيرا على قوات الأمن الإسرائيلية كيفية التصدي للمجموعات المسلحة».
وأوضح أن «النتائج الكارثية للانسحاب من غزة تمثلت بحجم الصعوبات والعقبات التي تعترض إسرائيل في مواجهة التنظيمات الفلسطينية اليوم. وبالنظر للكثافة النارية التي تحوزها هذه المنظمات، فإن العودة لما قبل الانسحاب من غزة يذكرنا كيف كانت تستخدم الألعاب النارية، رغم أنهم ألحقوا أضرارا بالإسرائيليين، لكنها لا تقارن بالأذى الجسيم الذي يلحق بهم اليوم».
وأشار إلى أن «ذلك يتطلب العودة بالتاريخ من خلال بعض الخطوات، أهمها تنفيذ عملية برية طويلة الأمد إلى أعماق القطاع، وإقامة قواعد عسكرية دائمة للجيش الإسرائيلي لتصفية مواقع المنظمات الفلسطينية تدريجيا حتى النهاية، وهذه المسألة متوفرة وقائمة من الناحية العملياتية، صحيح أنها ستكون عملية صعبة وقاسية، لكن لا مناص منها، لأن كل خيار آخر معناه أن حماس تواصل تقويها، وتجعل إسرائيل كلها رهينة بين يديها».
وأضاف أن «مثل هذه العملية كانت نصب عيون جنرالات الجيش الإسرائيلي في عملية الرصاص المصبوب في 2008-2009، لأن قطاع غزة حين تتقطع أوصاله سيكون من الصعب أمام المقاتلين الفلسطينيين العمل بحرية، وفي المقابل سيكون من السهل على جيش الاحتلال الإسرائيلي الوصول لمواقع المنظمات المسلحة، ومخازن الأسلحة، ومستودعات التصنيع، وإنتاج الصواريخ، والبنى التحتية العسكرية».
وأوضح أن «هذا يعني أن إسرائيل حين تستولي على مساحات جغرافية واسعة في غزة إلى زمن غير محدود، فإن ذلك سيمثل انهيارا تدريجيا لحماس، وسوف تصل طاولة المفاوضات في وضع ضعيف».
وأشار إلى أنها «لن تكون عملية سهلة، ولكن كما كان في عملية السور الواقي في الضفة الغربية 2002، فقد كان اجتياح المدن الفلسطينية أكثر سهولة مما توقع الإسرائيليون، وهكذا تظهر حماس أقل خطورة مما نتصور الآن قبل اجتياح غزة، وحينها تدرك حماس أن لديها ما قد تخسره».
وأكد أن «الأمر الأكيد في هذه المسألة أنه لا يمكن التعامل مع صيغة الجولات التصعيدية بين حين وآخر، وباتت تشكل تهديدا لمدة عشرين عاما على عشرات آلاف المستوطنين في غلاف غزة، ولا يمكن التسليم بوضع يسقط فيه صاروخ على وسط إسرائيل يقلب حياتها ويشوشها».
وختم بالقول إنه «يمكن استخلاص الدروس من تراجع تهديد حزب الله، بعد أن تلقى ضربة قاسية في حرب لبنان الثانية 2006، ومن يومها لم يسقط صاروخ واحد من لبنان، فيما شهدت الضفة الغربية عملية السور الواقي في 2002 التي استأصلت العمليات المسلحة إلى الأبد من خلال عملية صعبة وواسعة، اليوم يمكن القيام بالعمل ذاته في قطاع غزة، لكن الطريق يمر من خلال الأرض، وعلى الأرض»