شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

غياب مصر عن اجتماع «الناتو العربي».. انسحاب فعلي أم تحفظ؟

باعتباره «خطوة للخلف»، و«استقلالية للموقف»، رأى إعلاميان مؤيدان للنظام المصري، غياب مصر عن اجتماع تحضيري، بالرياض قبل نحو أسبوع لإنشاء «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي» (MESA) أو ما يعرف بـ«الناتو العربي».

ولم تعلق القاهرة منذ ذلك التوقيت، على أحاديث إعلامية متصاعدة عن انسحاب فعلي لها من ذلك التحالف الذي دعا له الحليف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في 2017، بغية مواجهة إيران، التي أشادت، من جانبها، ورغم العلاقات المنخفضة مع القاهرة بالخطوة المصرية الجديدة وطالبت بتأكيدها رسميا.

ويقول أكاديمي مصري ذو ثقل، وهو محلل بارز بالعلاقات الدولية، إن التحالف لم يتشكل بعد ليكون هناك «انسحابا» منه، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود «تحفظات» مصرية، بينها عدم وجود خطط أو برامج أو رؤى استراتيجة للتحالف.

ورجح، أن القاهرة بحكم مركزيتها بالمنطقة لن تكون بعيدة عن أي قرار بشأنها في هذا التحالف حتى لو انسحبت من تلك الاجتماعات التمهيدية.

وأشار إلى أن الانسحاب لو حدث لن يثير أزمة في العلاقات الأميركية المصرية بحكم وجود تنسيقيات موجودة بالفعل بين البلدين في الشق الأمني.

وفي 9 أبريل الجاري، أعلنت السعودية، استضافتها اجتماعًا ضم الولايات المتحدة والإمارات والبحرين والكويت وسلطنة عمان وقطر والأردن في إطار التحضير لإطلاق «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي»، والذي قالت إنه اجتماع مهم يهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، بينما لم تشارك مصر.

ولم توضح السعودية سبب غياب مصر، التي كانت آخر مشاركاتها المعلنة بواشنطن في 22 فبراير الماضي، حيث مشاورات حول تشكيل تحالف استراتيجي شرق أوسطي، بجانب الأردن و 6 دول خليجية بينها السعودية وقطر.

** ألغام 

ومن قبل تلك المشاركة وبعد الإعلان عن التحالف في 2017، والأحاديث دائرة حول عدم قدرة هذا الكيان الذي يجري تأسيسه على استكمال نشأته لسببين طرحتهما لينا مظلوم في مقال رأي بمجلة السياسية الدولية (التابعة لمؤسسة الأهرام المصرية المملوكة للدولة) يناير الماضي.

مظلوم اعتبرت أن الأزمة الخليجية «لغم أول» في طريق التحالف، في ظل تماسك دول المقاطعة الأربعة مصر والإمارات والبحرين والسعودية بمواقفها أمام قطر.

هذا اللغم، أكده في فبراير الماضي، وزير خارجية قطر، محمد بن عبد الرحمن، في تصريحات صحيفة، قال فيها إن مشروع الولايات المتحدة الأميركية بتشكيل تحالف شرق أوسطي، «محكوم بالفشل» في حال لم تحل الأزمة الدبلوماسية في الخليج العربي.

وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر منذ 5 يونيو 2017 علاقاتها مع قطر، ثم فرضت عليها «إجراءات عقابية» تصفها الدوحة بـ «الحصار».

وتتهم هذه الدول قطر بدعم الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وفي المقابل تتهم الرباعي بالسعي إلى فرض الوصاية على القرار الوطني القطري.

اللغم الثاني الذي طرحته مظلوم، يكمن في ارتباك السياسة الخارجية الأميركية التي تريد أن تتحالف في المنطقة مع أطراف كثيرة متناقضة المصالح فقط للحشد ضد إيران.

الناتو العربي

من أجل مواجهة إيران ناتو عربي بقيادة أميركية يصطدم بالخلافات الخليجية..ما هي أهدافه؟

Publiée par ‎شبكة رصد‎ sur Samedi 28 juillet 2018

وتخلص مظلوم إلى أن مصر، كطرف أساسي، اختارت صيغة التوازن في السياسة الدولية كنهج لعلاقاتها مع الدول والقوى المختلفة، وستذهب مع دول عربية أخرى مؤثرة مثلها لسياسات تضمن مصلحة الأمن القومي العربي دون تعريضه للمزيد من التهديدات.

وهذا الطرح الأخير، راج في تقارير إعلامية محلية لتفسير غياب مصري عن الاجتماع التحضيري الذي سبق زيارة عبد الفتاح السيسي، للبيت الأبيض ولقاء الرئيس دونالد ترامب، وتركز على قضايا أمنية لم تكشف وسط حديث الجانبين عن علاقات جيدة.

** خطوتان للخلف

في تلك التقارير الإعلامية المحلية غاب التعليق الرسمي، وعلا صوتان بارزان، لإعلاميين اثنين مقربين من النظام الحاكم بمصر، وهما أسامة كمال والبرلماني، مصطفي بكري.

وفي برنامجه المتلفز بإحدى الفضائيات المصرية الخاصة، الجمعة الماضية، قال بكري إن «ما ذكر عن انسحاب مصر ما سمّي بالناتو العربي موقف يحسب لمصر، فمواقفها مستقلة وتدرك ما ليس في مصلحة الأمة لا يمكن أن نكون طرفا فيه».

وأضاف: «لسنا نحن من نبقى طرف مع الأميركان لشن حروب إقليمية»، في إشارة لمواجهة إيران.

وقبلها بيوم، استعرض أسامة كمال، في برنامجه بإحدى الفضائيات المصرية الخاصة، نقاطا لما يثار عن انسحاب مصر من تشكيل الناتو لأسباب بينها عدم جدية المبادرة وعدم وجود خطة وخشية زيادة التوتر بالمنطقة مع إيران، وفق تقارير محلية.

وأكد أن ما يثار يؤكد استقلالية القرار المصري، مشيرا إلى أن «قرارات مصر التي فيها المصلحة الوطنية تأخذ فيها خطوتين للوراء (لم يوضحهما)».

ولم يؤكد الإعلاميان المصريان نبأ انسحاب مصر ولم ينف حدوثه، بينما قال الكاتب العربي البارز عبد الباري عطوان، في مقال رأي الجمعة الماضي، إن «انسِحاب مصر من الناتو العربيّ إذا تأكّد قرار استراتيجيّ جريء (..) ولا نستبعِد أن تظل عُضويّته مقتصرة على السعوديّة والبحرين، وربّما الإمارات أيضًا.. والأيّام بيننا».

** أمنية إيرانية

إيران التي تبدو علنا مستهدفة من ذلك التحالف الذي يتم تحضيره، قالت وزارة خارجيتها قبل أيام «هذا النبأ (عن انسحاب مصر من مشروع الناتو العربي) لم تؤكده المصادر الرسمیة المصرية وإیران ترحب به في حال تأكید صحته».

وأضافت لوكالة الأنباء الإيرانية، «في مثل ظروف كهذه، ستتبلور علاقات وفهم أفضل بین إیران ومصر وسائر دول المنطقة لمواجهة الإرهاب».

** تحفظات مصرية

مفسرا ما يثار إعلاميا، يقول الأكاديمي المصري البارز، طارق فهمي، إن مصر لم تحضر بالرياض، وأثير بعدها الانسحاب «ولكن يجب الانتباه إلى بعض الأمور الشكلية أولها أن هذا التحالف لم يشكل ولم يعلن بأهداف ومهام وهيكل بعد وليس هناك إطار تتحدث عنه».

ويضيف فهمي وهو متخصص في العلاقات الدولية والشأن العربي: «الكلام يدور كلية بهذا التحالف على إيران وأنها الخطر الرئيسي، واللقاءات السابقة التمهيدية بحسب ما أعلن عنه ولم تقدم رؤى أو برامج استراتيجية».

ويستطرد قائلا: «بناء عليه مصر لم تدخل في التحالف رسميا لأنه لم يعلن رسميا ومشاركتها في لقاء وانسحابها بعدم حضور لقاء آخر، قد يفهم منه أن لها تحفظات أو لا يروق لها أهداف» مثل اعتبار إيران العدو الرئيسي في المنطقة.

وتتوافق هذه التحفظات مع طبيعة الدولة المصرية بعدم التدخل بشكل رئيسي في تحالفات دولية، والتركيز عربيا على نحو التحالف الإسلامي (تقوده السعودية) وتحالف الشرعية باليمن، وفق فهمي.

ويوضح أن أجندة مصر تركز عل الدخول في شكل محدود في تلك التحالفات الدولية في إطار جماعي لا يؤثر على أولوياتها وسياسياتها بالمنطقة.

ويتوقع ألا يحدث تحفظ القاهرة على مسار التحالف أو شكله أو الالتحاق أو الانسحاب أزمة مع واشنطن، مؤكدا أن هناك ملفات كثيرة ومتشابكة بين مصر وأمريكا لاسيما في التنسيق الأمني وغيرها وعلاقات جيدة.

ويرجح أنه حتى لو قررت مصر الانسحاب من تلك اللقاءات، فلن تكون بعيدة عنها بحكم مركزيتها في المنطقة وسياسيتها المتوازنة وترتيب أولوياتها.

وفي 13 مارس الماضي، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن بلاده التي تجمعها بالقاهرة علاقات وثيقة تتطلع لتحقيق تقدم كبير بشأن تحالف أمني في الشرق الأوسط خلال الأشهر القليلة المقبلة.

الأناضول



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023