مصر 18 يوما.. تونس 28 يوما.. الجزائر 6 أسابيع.. السودان نحو 4 أشهر تشير المعطيات إلى أنها قد تستمر رغم الإعلان عن الإطاحة بالرئيس عمر البشير.
ففي 19 ديسمبر الماضي، اندلعت في السودان احتجاجات محدودة تطالب بتوفير الخبز، ثم توسعت لتعم أنحاء البلد، ولتتحول سريعا لمطالبات برحيل النظام ورأسه عمر البشير.
عوامل عديدة ساهمت في نجاح الثورة في السودان ووصلت بها إلى المرحلة الأخيرة وهي الإطاحة بالبشير وهذه بعضها.
– إصرار رغم الإحباط
خلال الثورة السودانية شهد مسارها صعودا وهبوطا مرات عديدة ففي مراحل ما احتشد الالاف في شوارع وميادين الاحتجاجات إلا أنه في أسابيع أخرى تقلص العدد إلى عشرات ما أدى إلى ظهور تحليلات وتيارات وقتها تشير إلى أن شمس الثورة في طريقها إلى الأفول.
إلا أن الاحتشاد والتحشيد في اعتصام قيادة الجيش الأخير خلال الأسبوع الأخير للثورة هو ما حفّز المتظاهرين وبث فيهم روح الثورة مرة أخرى وزاد إيمانهم بأن حراكهم من الممكن أن يفضي إلى تحقيق مطالبهم.
– حركة «كش مات»
مما لاشك فيه أن الخطوة الأخيرة في الحراك التي تمثلت في التظاهر المستمر أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم كانت بمثابة حركة «كش مات» في لعبة الشطرنج بالنسبة لحكم البشير.
فمنذ ساعات الصباح الأولى من فجر السبت عمت مظاهرات عدة أحياء الخرطوم وعملت الشرطة السودانية على تفريقها بالغاز المسيل بالدموع.
وتزامنت حركة «كش مات» مع ذكرى انتفاضة السادس من أبريل الشهيرة التي أطاحت بالرئيس الأسبق جعفر نميري عام 1985 بعد حكم للبلاد 16 عاما.
– «نشوة» ثورة الجزائر
استقالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، في 3 أبريل الجاري وقراره إنهاء ولايته الرئاسية الرابعة قبل موعدها المحدد في 28 من الشهر نفسه، بعد مسيرات مليونية طالبت برحيله كان لها أثر كبير في السودان ودافع قوي للمتظاهرين للنزول إلى الشوارع والإصرار على رحيل البشير.
وما زاد من حماس المتظاهرين السودانيين وإصرارهم هو سرعة نجاح الجزائريين في إجبار بوتفليقة على الاستقالة بعد 6 أسابيع فقط من خروج أول مسيرة رمزية ضد ترشحه لعهدة خامسة، من ملعب الشهيد رويبح حسين، بولاية جيجل شرقي البلاد.
– استمالة الجيش
مع عدم امتثال البشير لمطالب الشارع ووصف المتظاهرين بـ«الخونة والعملاء» تارة والاعتراف بحقهم في التظاهر وبعض مطالبهم تارة أخرى، تيقن المتظاهرون أنه لم يمتثل لمطالبهم عن طريق المظاهرات المتفرقة وإنما لا بد من استمالة الجيش ليكون هو من يحقق مطالبهم بفرضها على البشير وهو ما حصل بالفعل.
ولستة أيام على التوالي واصل الالاف من المتظاهرين الاعتصام والتظاهر أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم للاصرار على قيادة الجيش بالتدخل واستلام زمام المبادرة.
اشتباكات الجيش والشرطة السودانية
أفراد من الجيش السوداني يشتبكون مع الشرطةدفاعا عن المعتصمين ضد محاولات فض اعتصامهم أمام القيادة العامة للقوات المسلحة
Publiée par شبكة رصد sur Lundi 8 avril 2019
وما حفز المتظاهرين على الاستمرار هو بوادر انصياع الجيش لمطالبهم من خلال حمايته لهم وصده لبعض اعتداءات قوات الأمن التي حاولت في مرات عديدة تفريقهم وفض اعتصام قيادة الجيش.
– «الكنداكة» وأيقونات الثورة
نجحت بعض الشخصيات المشاركة في الثورة ضد البشير في التحول سريعا إلى أيقونات حفّزت فئات المتظاهرين على الاستمرار في حراكهم.
ولعل السيدات والأطفال المشاركين في الثورة ومقاطع الفيديو التي انتشرت لبعضهم على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يرددون عبارات مثل «يسقط بس».. و«قوة البشير قوة فاسدة» حولتهم إلى أيقونات للثورة وساهمت في نقل صورة الحراك في السودان في أبدع صورة.
وانتشر خلال الأسبوع الأخيرة مقطع فيديو لشابة سودانية ترتدي الزي التقليدي السوداني وتعتلي سيارة وتحمل بيدها ميكرفون وتلقي قصيدة ثورية ما ألهب مشاعر المتظاهرين وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم تحت اسم «الكندانة»، وهي تسمية تطلق على الملكات النوبيات قديما.
"حبوبتي كنداكة".. قصيدة ثورية مزينة بأسماء الشهداء من إلقاء متظاهرة تشعل حماس المظاهرين ضد البشير في السودان
Publiée par شبكة رصد sur Mardi 9 avril 2019
– التنظيم الجيد
كان لتنظيم المتظاهرين واستجابتهم للدعوات دور كبير في نجاح الثورة في السودان.
وإضافة إلى ائتلافات وأحزاب المعارضة كانت لدعوات «تجمع المهنيين السودانيين» الدور الأبرز في قيادة الاحتجاجات وتنظيم المسيرات والتظاهرات وتحديد أماكنها وشعاراتها.
الأناضول