شهدت منابر إعلامية وسياسية إعادة طرح اسم محمد البرادعي، نائب الرئيس المصري السابق، لإقامة تحالف جديد يمكنه مجددا من قيادة المشهد المصري على غرار ما حدث في 2011، و2013، وسط مخاوف من إعلامي مقرب من النظام بمصر، أن يسعى لإتمام ذلك بالتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين.
هذا التحالف المعارض يعززه إشادات من قيادي بارز بجماعة الإخوان بالبرادعي، ومطالبات بتجاوز الماضي، ورغبات نشطاء بأن يصير الأخير محركا للتغيير وتمتد الأماني لأن يكون رئيسا لمصر.
دعم مبادرة البرادعي لتجميع المعارضة..إبراهيم منير: الإخوان يؤيدون دعوات الوحدة ضد السيسي
Publiée par شبكة رصد sur Samedi 10 novembre 2018
بينما يرى محللان بارزان، أنه من الصعب تكرار مشهد العودة، في ظل دعم إقليمي للنظام بمصر وضعف المعارضة وعدم توحدها وعدم وجود رغبة شعبية للاحتجاج.
** تغريد مكثف
في 2010، عاد البرادعي الذي كان مترأسا قبل بفترة قصيرة رئاسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، متحدثا عن الديمقراطية والحريات، قبل أن تندلع ثورة 2011، التي كان أحد رموزها، وتطيح بنظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك (1981: 2011).
وشارك البرادعي، الفائز بجائزة نوبل للسلام عام 2005، في سيناريو ثانٍ له أيد فيه الإطاحة، في 3 يوليو 2013، بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في مصر، ثم توليه منصب نائب الرئيس المؤقت، عدلي منصور (2013: 2014).
في تغريدات نادرة من نوعها، تحدث البرادعي عن مرسي والإخوان، الذين ساهم في الإطاحة بهم، عام 2013 بعد أن كانوا شركاء رئيسين له في 2010، مدافعا عن حقهم في الرعاية الصحية بمحبسهم، بعد خمس سنوات من الصمت عما يحدث لهم.
البرادعي، الذي يشتهر بالتغريد أكثر من ظهوره على أرض الواقع السياسي بقوة، وضع ملامح لسيناريو عودة مصر كما يرى إلى جميع المصريين دون استثناء، عبر قضايا، بينها الاصطفاف، تطبيق العدالة الانتقالية، وإحياء روح ثورة يناير 2011.
في 10 مارس الجاري، حدد الاصطفاف الذي يريده: «اصطفاف كل المصريين حول المبادئ والقيم الأساسية التي تمكننا من العيش معا».
الإصطفاف الذي نسعى إليه ليس إصطفاف فصيل ضد الآخر فى معادلة صفرية يخسر فيها الجميع، ولا يعني التخلي عن قناعتنا الشخصية أو فرض نمط معين للحياة، وإنما هو إصطفاف كل المصريين حول المبادئ والقيم الأساسية التي تمكننا من العيش معاً؛ هكذا فعل ويفعل الجميع. مرة أخرى لن نخترع العجلة
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) March 10, 2019
وانتقد الأوضاع الراهنة بقوله، في 3 مارس: «أرى جهودا مستميتة لترسيخ الانقسام(..) لكن يعلمنا التاريخ أن إرادة الشعوب دائما تنتصر مهما طال الزمن».
أرى جهوداً مستميتة لترسيخ الإنقسام ووأد كل محاولات السلام المجتمعي وإستشراف المستقبل.الدولة العميقة تعمل بهمة ونشاط مستخدمة كما عودتنا أذرعها المختلفة ،بما فيها تلك المحسوبة على الثورة، في ترديد الأكاذيب وبث الفتن؛ ولكن يعلمنا التاريخ ان إرادة الشعوب دائماً تنتصر مهما طال الزمن
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) March 3, 2019
وفي اليوم ذاته، تحدث بشكل نادر عن مرسي: «إذا كان صحيحا إن مرسى ونجله و(محمد) البلتاجي وكثيرين غيرهم قد مُنعت عنهم الزيارة (في السجون) فإننا نكون أمام وضع بشع أخلاقيا وقانونيا لا يمكن فهمه ولا يمكن أن يستمر».
إذا كان صحيحاً، وأرجو ان أكون مخطئاً،ان الدكتور مرسى ونجله والدكتور البلتاجي وكثيرين غيرهم قد مُنعت عنهم الزيارة لمدد تتراوح بين شهور وسنوات فإننا نكون أمام وضع بشع أخلاقياً وقانونياً لايمكن فهمه ولا يمكن أن يستمر! مَن المسؤول وهل سيحاسب ولماذا الغضب من تقارير منظمات حقوق الانسان
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) March 3, 2019
وعلق على حشود متبرعين بالدم، إثر حادث قطار أودى، الشهر الماضي، بحياة 22 شخصا في القاهرة، بقوله: «في وقت الجد نبين أجمل ما فينا، فاكرين (هل تتذكرون) أيام يناير؟ ارفع رأسك فوق أنت مصري».
الكل واقف يتبرع بالدم عشان إلي اتعوروا فى حادثة القطر. إلي مات وإلي اتعور وإلي بيتبرع مصري وبس. ياريت نفتكر ده على طول علشان نقدر نقوم ببلدنا. فى وقت الجد بنبين أجمل مافينا. فاكرين أيام يناير؟ ارفع رأسك فوق أنت مصري pic.twitter.com/BmeLaJNGhT
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) February 28, 2019
وفي 22 فبراير الماضي، أعلن البرادعي مطالب واضحة له: «أطالب بكرامة إنسانية عيش، حرية، عدالة اجتماعية؛ بعدالة انتقالية لنطوي صفحة الماضي ونستشرف المستقبل؛ بتوافق على مبادئ وقيم للعيش المشترك؛ بحكم رشيد (يتمثل في) تداول سلطة، سيادة قانون، محاسبة، شفافية».
أطالب بكرامة إنسانية (عيش، حرية، عدالة إجتماعية)؛ بعدالة إنتقالية لنطوي صفحة الماضي ونستشرف المستقبل؛ بتوافق على مبادئ وقيم للعيش المشترك؛ بحكم رشيد (تداول سلطة، سيادة قانون، محاسبة، شفافية)؛ #بديهيات ولكنها تبعد سنوات ضوئية عن عقلية "عصر الظلمات" ولذلك نسمع كل هذا النباح…
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) February 22, 2019
وقبلها بيوم، غرد رافضا عقوبة الإعدام، عقب ساعات من تنفيذ حكم الإعدام بحق تسعة شباب منتمين للإخوان؛ إثر إدانتهم باغتيال النائب العام السابق، هشام بركات، وغداة مناشدات دولية بوقف إعدامهم.
عقوبة الإعدام عقوبة لايمكن الرجوع عنها إذا نفذت على برئ وقد أصبحت مرفوضة عالمياً لأسباب عديدة. أكثر من ١٧٠ دولة قامت بإلغائها قانونياً أو عملياً وأقل من ٤٠ دولة مازالت تطبقها. طالبت الأمم المتحدة مراراً بتعليق تطبيقها إلى حين إلغائها. #لا_لعقوبة_الإعدام
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) February 21, 2019
وأكثر من مرة، الشهر الماضي، غرد البرادعي، رافضا تعديل الدستور، بما يسمح بشكل أولي بمد فترة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، مخاطبا، السيسي التي تنتهي ولايته الثانية والأخيرة في 2022، برفض تلك الخطوة، ومطالبا قوى المعارضة ببحث المشاركة أو مقاطعة الاستفتاء.
على رئيس الجمهورية، وكما فعل نظيره فى موريتانيا، أن يعلن رفضه للتعديلات غير الدستورية إذا أراد أن يكون متسقاً مع تأكيداته عن تداول السلطة وأنه "مفيش مجال فى مصر لديكتاتور خلاص …ودى أحد مكاسب الثورة والدستور والقانون "، وكذلك إذا كان حريصاً أن يجنب البلاد المزيد من الإنقسام.
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) February 19, 2019
وحذر البرادعي، في 5 فبراير الماضي، من أن «دستورا غير توافقي عادة ما يعجل برحيل صاحبه».
هل نحن من الجهل أن لانفهم أن الدستور هو عقد توافقى بين كافة الأطراف وليس عقد إذعان يفرضه طرف على آخر؟ هل لم ندرك بعد أن صراع الدساتير منذ ٢٠١١ (٨) كان جزءا أساسياً من نكبتنا؟ هل نحن من الغباء أن لا نفهم من تجاربنا المريرة أن دستور غير توافقي عادة مايعجل برحيل صاحبه ويرحل معه؟
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) February 5, 2019
واسترجع البرادعي، في 31 يناير الماضي، خارطة طريق الإطاحة بمرسي (بعد عام واحد في الرئاسة)، مؤكدا أنه «تم الانحراف عنها».
من خارطة طريق ٢٠١٣: "لجنة عليا للمصالحة الوطنية تمثل مختلف التوجهات"؛ "بناء مجتمع مصري قوي ومتماسك لايقصي أحداً من أبنائه وتياراته". من دستور ٢٠١٤: "قانون للعدالة الإنتقالية يكفل كشف الحقيقة والمحاسبة واقتراح أطر المصالحة الوطنية". ماذا حدث للإصطفاف الوطني ولماذا انحرف المسار!
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) January 31, 2019
** دعوة للقيادة وتوحيد الصفوف
تتصاعد هذه الأيام، عبر منصات التواصل، دعوات تنادي بالبرادعي رئيسا، وتشيد بمواقفه الأخيرة، وتطالب بالبناء عليها لتغيير المشهد في مصر.
وصف أحد المغردين عبر تويتر، البرادعي بأنه «ضمير الأمة».
البرادعي ضمير الأمة
.
أحمد حرارة : أنا مش مصدق إني قاعد جنب د البرادعي
البرادعي : أنا اللي مش مصدق إني قاعد جنبك يا أحمد pic.twitter.com/5DSjIG60yG— Amreda (@amreda2011) March 10, 2019
وعدّه مغرد آخر، أنه «الأب الروحي لثورة يناير».
الأب الروحي لثورة يناير ، رمز للضمير ..احنا شعب لا يستحقك .. كل سنه وحضرتك طيب يابوب ❤️ #البرادعي #فى_ذكرى_ميلاد_البرادعى
— Mohamed SeYam (@MohamedSeYam_) March 12, 2019
وتوقع أحد المغردين، أن يلعب البرادعي دورا محوري في توحيد الصفوف وقيادة هذه المرحلة الانتقالية.
بالنسبة لي دكتور البرادعي يمكن ان تلعب دورا محوري في توحيد الصفوف و قيادة هذه المرحلة الانتقالية يكفي أقوال يجب الانتقال الى افعال ما يحدث في مصر عبث و استهتار
— Rachid Choukri (@choukri_rachid) March 11, 2019
بينما حذرت حسابات أخرى من بدء «تمليع للبرادعي عبر توتير»، وتقديمه على أنه طوق النجاة لمصر .
** إشادة وتحذير
قطب العربي، القيادي البارز في الإخوان، قال عبر تويتر إن «المواقف الإيجابية الجديدة للبرادعي تستحق التحية والتشجيع، وليس الصد والتخوين، الكل أخطأ، والكل مطالب بتجاوز خلافات الماضي من أجل المستقبل الذي لن يستطيع فريق واحد بناءه منفردا»، مطالبا بعدم عرقلة خطوات البرادعي والسعي لتوحيد صفوف المعارضة.
المواقف الإيجابية الجديدة للدكتور Mohamed ElBaradei – محمد البرادعي تستحق التحية والتشجيع، وليس الصد والتخوين، الكل أخطأ، والكل مطالب بتجاوز خلافات الماضي من أجل المستقبل الذي لن يستطيع فريق واحد بناءه منفردا https://t.co/mear5CpRmX
— kotb elaraby (@kotbelaraby) March 3, 2019
مع تغريدات البرادعي المكثفة، تتصاعد تحذيرات من مقربين من النظام المصري من احتمال تحالف الإخوان والبرادعي.
وفي 3 مارس الجاري، قال الإعلامي المقرب من النظام، أحمد موسى، عبر البرنامج التلفزيوني «على مسؤوليتي»، إن البرادعي يتحالف مع الإخوان في حملة ممنهجة من الخارج، رغم رأيه السابق فيهم.
وأضاف موسى أن لديه معلومات، لم يحدد مصدرها، تفيد بأن لقاءً سيجمع بين البرادعي والإخوان، خلال الفترة المقبلة.
** المعارضة والنظام الدولي
المحلل السياسي المصري، مختار غباشي، رأى أنه «من الصعب تكرار قيادة البرادعي لمشهد 2010، أو المشاركة في مشهد مماثل لـ2013، في ظل اختلافهما بالأساس».
وأضاف غباشي، «البرادعي ضمن كتلة سياسية ظهرت قبل ثورة يناير 2011، وقبل 30 يونيو 2013 (احتجاجات انتهت بالإطاحة بمرسي)، وكلاهما انتهوا سياسيا بحكم أشياء كثيرة متعلقة بالظرف السياسي والاجتماعي الحالي».
واعتبر أنه «لن يولد تأثير حاليا، إلا من خلال نزول الساحة السياسية، والاشتباك مع قضايا الجماهير».
وتوقع غباشي، وهو نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي مقره القاهرة)، أن «يبقى البرادعي ظاهرة صوتية بلا رصيد شعبي».
عبر تويتر..البرادعي ينتقد تصريحات السيسي حول حقوق الإنسان .. ماذا قال؟
Publiée par شبكة رصد sur Jeudi 26 octobre 2017
مع الطرح السابق اتفق الأكاديمي المصري، سعيد صادق، بقوله إن «البرادعي ذاته يعترف بأنه محرك، ولا يبحث عن منصب كرئيس أو غيره، خاصة أنه لا يريد أن يبذل جهدا كبيرا لمعرفة المصريين وطريقة حل المشاكل».
وتابع أن «النظام الدولي مؤيد للسيسي حاليا، والمعارضة منقسمة وضعيفة، ولن تعطي قوة للبرادعي كي يعود لتنفيذ أي سيناريو، فضلا عن أن المصريين يقبلون بالاستقرار أكثر من الخروج في احتجاجات».
ورغم ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة؛ جراء تحرير سعر صرف الجنيه، في نوفمبر 2016، لم يخرج المصريون في احتجاجات لافتة، وشكرهم السيسي أكثر من مرة على تحملهم، بينما تضج منصات التواصل بانتقادات للحكومة.