استحوذ مستثمرون خليجيون، على أكثر من 25 بالمئة، من الأسهم التي طرحت لشركة “الشرقية للدخان” في البورصة، بأكثر من 400 مليون جنيه.
وأعلن مكتب “سري الدين” للاستشارات القانونية، عن بيع اسهم الشركة الأكثر ربحا في السوق المصرية، والأكثر مساهمة في الموازنة العامة للدولة، لرجل الأعمال الإماراتي محمد العبار، ومستثمرون سعوديون.
وبدأت الحكومة طرح حصة أسهم إضافية نسبتها 4.5 في المئة، من الشركة التابعة لقطاع الأعمال العام بالبورصة الأحد الماضي، لتجمع ما يصل إلى 1.6 مليار جنيه، وحددت سعر الطرح النهائي بمبلغ 17 جنيها للسهم.
وانتقد محللون ومراقبون، عملية الطرح وانخفاض سعر السهم الواحد، الذي لا يصل لكونه ثمن علبة سجائر واحدة من إنتاج الشركة، كما أثار وجود اسم الملياردير الإماراتي محمد العبار، في الصفقة حالة من الاستياء بعد هروبه من تنفيذ أعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة.
تساؤلات أخرى، أثارها تواجد العبار في الصفقة، حول أهدافه من العمل في السوق المصري، خاصة وكونه يستثمر في تصنيع المنتجات التبغية بقوة في الأسواق الخليجية والعراقية.
وتخوف عدد من المحللين، من أن تكون هذه الخطوة، ممهدة لعملية نهب كبيرة لأموال الدولة وشركات القطاع العام، حيث من المتوقع أن يتبع تلك الصفقة، طرح شركات الإسكندرية لتداول الحاويات،وابوقير للأسمدة، والإسكندرية للزيوت المعدنية أموك، ومصر الجديدة للإسكان والتعمير، كمرحلة أولى.
وتعد “إيسترن كومباني” التي أنشئت عام 1920، أكثر الشركات المصرية ربحا، حيث تحتكر الصناعة، وتنتج 10 أصناف من السجائر أشهرها “كليوباترا” بأنواعها، و15 صنفا من السيجار، و3 أصناف من المعسل، وتبلغ حصتها السوقية 70 بالمئة مقابل 30 بالمئة للشركات الأجنبية.
وأظهرت المؤشرات المالية للشركة في 2018، ارتفاع قيمة مبيعاتها المحلية بنحو مليار جنيه، لتسجل 46.9 مليار جنيه مقابل 36.7 مليار جنيه خلال 2017، فيما ساهمت بتمويل الخزانة العامة للدولة، بالعام المالي الماضي بـ56 مليار جنيه، عبارة عن أرباح وضرائب ورسوم الجمركية، بما يمثل 187 مليون جنيه يوميا بحسب تقرير الشركة للبورصة.
وأكد الخبير الاقتصادي، رضا عيسى، “أن أرباح الشركة هذا العام لم تتحقق بتاريخها”، متسائلا: لم التضحية بها؟، مشيرا إلى أن مخاوف البعض من أن يكون العبار، واجهة لشركات أجنبية أو إسرائيلية، يعد أمرا طبيعيا في ظل قوانين الاستثمار وارتباط مصر باتفاقية (الجات) التي تمنع التمييز بين المستثمرين بحجة حرية المنافسة.
وأوضح في حديثه لموقع “عربي21″، أن العبار، دفع نحو 400 مليون جنيه بالصفقة، ويمكنه أن يحصل على أكثر منها من البنوك المصرية بضمان الأسهم؛ ما يعني أنه لم يدفع شيئا ويمكنه رهن الأسهم لدى البنوك وبعد 3 أشهر سيأخذ أرباحا من الميزانية ربع السنوية للشركة.
وقال الخبير المصري إن حجم دخل ميزانة مصر من التبغ والدخان كبير، وبلغ العام 2014، نحو 26 مليار جنيه، وفي 2018، بلغ 52 مليار جنيه دخلت الموازنة الرسمية للدولة ما يعادل تقريبا دخل قناة السويس.
وبيّن أن هدف النظام “هو ترقيع عجز الموازنة وتسديد فوائد الديون”، موضحا أنه “سيتبع ذلك طرح موجة تانية لباقي الشركات وكلها رابحة”.
وقال إن الضرر من بيع تلك الشركات “أكبر بكثر من ضرر فوائد الديون الذي تحقق وستظل أجيال قادمة تدفعها”، مشيرا إلى أن أيام حسني مبارك، بيعت الشركات الخاسرة، أما الآن نحن نبيع شركات تربح 2 مليار جنيه سنويا، كالإسكندرية للحاويات، وأبوقير، وموتسيان، وموبكو، وأمكو، وهي لحم الشعب الحي وفرخة تبيض ذهبا.
وأكد أن الاقتصاد كاشف، والأرقام كاشفة، والسياسة تلاعب بالألفاظ، وما يحدث الآن هو خضوع لسياسات البنك وصندوق النقد الدوليين، والتي جعلت شركة مثل طنطا للغزل والنسيج بشبرا الخيمة، أوقفت انتاجها بسبب تكلفة الانتاج بعدما فقدت ميزتها التنافسية بالداخل والخارج.
من جانبه قلل الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، من خطورة تلك الصفقة، مؤكدا أنه ما زالت نسبة كبيرة من أسهم الشركة بيد الدولة، وأنها كانت مطروحة بالبورصة قبلا وكان بإمكان أي مستثمر مهما كانت جنسيته الشراء، حتى ولو كان العبار، الذي ترك العمل بالعاصمة الإدارية.
وقال الولي، إن روشتة البنك والصندوق موحدة لأي دولة، وكان يطلب من مبارك بيع شركة شهريا، والآن كل 6 أشهر يطالب الصندوق بتقرير عن تخفيض الدعم وخصخصة الشركات ووضع الميزانية وحجم الأجور ودعم الوقود والغذاء والحكومة ملزمة بحذف البطاقات وتخفيض الدعم والخصخصة.
وأوضح نقيب الصحفيين الأسبق، أن قلة سعر السهم الذي سجل نهاية 2018، نحو 18.90 جنيها، ويباع اليوم بـ17 جنيها فقط، يخضع لسوق عرض وطلب، مضيفا أن ما نعيبه “أن الطرح جاء فاجأة ولم تُقدم نشرة إكتتاب بهيئة الرقابة المالية، وأنهم باعوا الأسهم قبل الإعلان عنها”.