قالت مجلة “فورين بوليسي”، في مقال بعنوان “أسوأ من مبارك”، إن عبدالفتاح السيسي، يجلب شكلا جديدا من الاستبداد إلى مصر.
وأشار المقال، إلى أن استنزاف السياسة الداخلية لواشنطن وإرهاقها بمشاكل الشرق الأوسط ورضاها عن استقرار الحلفاء العرب، أمور جعلتها تتوقف عن الاهتمام بمصر.
ونبَّه المقال إلى أن السيسي يدفع مصر، أكثر الدول العربية اكتظاظا بالسكان والشريك الأمني للولايات المتحدة، نحو استبداد أكبر بكثير مما فعله الرئيس الأسبق حسني مبارك في أوج قوته، وحذر المقال، من أن ممارسات السيسي ترسخ المزيد من عدم الاستقرار بالمنطقة.
وأكد، أن السيسي تجاهل الدستور الذي تبناه ومؤيدوه بكل حماسة، وظل طوال السنوات القليلة الماضية يعزز سلطته، ويلاحق بشراسة خصومه الإسلاميين وأي شخص آخر يشكك في حكمه.
وأضافت المجلة، أن السيسي يقود مصر إلى منطقة أكثر خطورة بفرضه تعديلات دستورية ترسخ لنظام دكتاتوري. وأن هذه أخبار سيئة للمصريين بالطبع، لكنها خطيرة أيضا على المنطقة والعالم.
وتخوفت من انهيار فوضوي قد يحدث لنظام السيسي، باعتباره نظاما مستبدا يركز السلطة في شخصية واحدة، وإن كانت تبدو شبه مستقرة بفضل دعم الجيشي للسيسي.
واعتبرت الـ “فورين بوليسي”، أن التعديلات الدستورية، ستعزز من سلطة السيسي بشكل كبير من خلال ثلاث طرق رئيسية: أولها أنها سوف تتخلص من الشرط الحالي المتمثل في ترك منصبه في عام 2022 بعد ثماني سنوات، وتمكينه من البقاء في السلطة حتى عام 2034.
وأن هذا التغيير سيلغي تعهد السيسي باحترام الفوز الوحيد المتبقي من انتفاضة 2011 ضد دكتاتورية مبارك التي دامت ثلاثة عقود ألا وهو تقييد الرؤساء بولايتين فقط، مدة الواحدة أربع سنوات. علاوة على ذلك ليس هناك طلب شعبي على تمديد ولاية رئاسته، بل على العكس هناك علامات متزايدة على الملل من حكمه القمعي.
ثانيا أن التغييرات الدستورية ستعطي السيسي سيطرة مباشرة على أهم التعيينات بالسلطة القضائية وحتى على ميزانيتها. وهذا من شأنه أن يدمر آخر ذرة استقلال في النظام القضائي، الذي رغم ضعفه الشديد في السنوات الأخيرة فإنه لا يزال يضم عددا قليلا من القضاة الشجعان الساعين إلى ترسيخ حكم القانون.
وأخيرا، اعتبر المقال، أن التعديلات الدستورية، ستمنح القوات المسلحة صلاحيات التدخل في السياسة الداخلية من أجل “الحفاظ على الدستور والديمقراطية” و “حماية المكونات الأساسية للدولة”. وللوهلة الأولى قد يبدو أن مثل هذا البند يعزز قدرة الجيش على تحجيم السيسي، لكن الأخير -مستخدما الامتيازات الاقتصادية والترهيب وعمليات إطلاق النار- عزز السيطرة على القوات المسلحة العام الماضي، لهذا فالتعديل سيبقي الجيش حارسا مطيعا للدفاع عن السيسي ضد أي معارضة.
أما عن توقيت التعديلات، فإنه -بحسب المقال- له أهمية خاصة للسيسي، حيث إنه يريد به على الأرجح تثبيت سلطته الجديدة قبل أن يأمر بإصلاحات اقتصادية مؤلمة إضافية في وقت لاحق من هذا العام. وقد يرغب أيضا في القيام بخطوته هذه بينما لا تزال الولايات المتحدة سهلة الانقياد. ويريد بشكل خاص تأمين تأييد كامل من بطله الأكثر أهمية الرئيس الأميركي دونالد ترامب وهو لا يزال في منصبه.
وأردف مقال فورين بوليسي بأن التغييرات الدستورية الجديدة تشير إلى شيء مقلق، وهو أنها ستمثل خطوة حاسمة في إضفاء الطابع المؤسسي على النظام السياسي الجديد للسيسي، وهو نظام أقرب إلى الاستبداد من نظام مبارك. ورأت أن مثل هذه الأنظمة ترتكز على مؤسسات جوفاء وقاعدة شعبية ضيقة للغاية.
ومع حكمها المركزي والفاسد والمختل وإقصاء كل من لا يدين بالفضل للزعيم وإنكار أي صمام أمان سياسي ومسارات سلمية للتغيير، فإن هذه الأنظمة هي وصفة لأعداد كبيرة من المواطنين الساخطين والتواقين للانتقام، بحسب المقال.
وختمت فورين بوليسي، مقالها بأن الولايات المتحدة لا يمكن أن تتجاهل سعي السيسي إلى السلطة المطلقة والمخاطر التي يشكلها على الاستقرار المصري والإقليمي.