كشفت صحيفة “التايمز” البريطانية، في تقرير لمراسلتها جين فلانجان، عن مشاركة مرتزقة روس في قمع الاحتجاجات التي تشهدها السودان، منذ شهر ديسمبر الماضي.
وأشار تقرير الصحيفة الذي ترجمه موقع “عربي21″، إلى أن رؤية مرتزقة روس في العاصمة السودانية الخرطوم أثارت قلقا من محاولة الكرملين دعم نظام عمر البشير.
وقالت كاتبة التقرير، إن ظهور صور المرتزقة في الخرطوم، جاء في وقت يواجه فيه نظام البشير أكبر تحد لحكمه منذ وصوله إلى السلطة قبل 30 عاما، مشيرة إلى أن الصور جاءت في وقت تحاول فيه الحكومة الروسية بناء علاقات تجارية وعسكرية وأمنية مع دول الساحل والصحراء الأفريقية.
ولفتت الصحيفة النظر، إلى أن موسكو صادقت في العامين الماضيين على مشاريع طاقة نووية للأغراض النووية في جمهورية الكونغو ونيجيريا والسودان، مشيرة إلى أن الشركات الروسية تقوم بالمشاركة في عملية تجارية بقيمة 400 مليون دولار للتنقيب عن البلاتينيوم في زيمبابوي، وتقوم ببناء مفاعل نووي في مصر، بالإضافة إلى مشروع للبوكسيت، بقيمة 220 مليون دولار، في غينيا.
ونقل التقرير عن مصادر بالمعارضة السودانية، قولها إن مرتزقة روس تابعين لشركة تعهدات أمنية تدعى “واغنر” ظهر نشاطهم في السودان، ويقومون بتقديم الدعم والتدريب العملي لقوات الأمن والاستخبارات السودانية.
وذكرت فلانجان، أنه يعتقد أن المئات من عناصر “واغنر” تم نشرهم في جارة السودان، جمهورية أفريقيا الوسطى، في العام الماضي؛ للمساعدة على تدريب جيش الحكومة، لافتة إلى أن ثلاثة روس قتلوا في كمين تعرضوا له في يوليو 2018، حيث كانوا يحققون في نشاطات “واغنر” هناك.
وأفادت الصحيفة بأن وزارة الخزانة الأميركية ضمت “واغنر” لقائمة الكيانات المفروض عليها عقوبات عام 2017؛ وذلك لدروها في أوكرانيا، مشيرة إلى أنه يعتقد أن هناك 2500 من مقاتليها يعملون في سوريا.
وكشف التقرير عن أن الصور أظهرت عددا من الرجال البيض يرتدون زيا مدنيا، وتم نقلهم في شاحنات، وكانوا يراقبون التظاهرات المعادية للحكومة في الخرطوم، مشيرا إلى أن موسكو استقبلت البشير مرتين، الذي وافق على دعم طموحات الرئيس فلاديمير بوتين في توسيع تأثير بلاده في أفريقيا.
وبينت الكاتبة أن البشير، الذي وجهت له محكمة الجنايات الدولية اتهامات بارتكاب جرائم حرب، يحتاج إلى حلفاء أقوياء؛ بسبب ما يعانيه من عزلة، لافتة إلى أن البشير كان أول زعيم عربي يزور بشار الأسد في دمشق، في ما أطلق عليها “قمة الإبادة”.
وبحسب الصحيفة، فإن هذه الزيارة جاءت تنفيذا لرغبة روسيا، التي قدمت له طائرة عسكرية، نقلته من الخرطوم إلى العاصمة السورية، فيما هناك شكوك في أن البشير لن يتخلى عن السلطة، مثل الأسد، ويفضل انزلاق بلده إلى حرب أهلية، بدلا من تسليمه إلى محكمة الجنايات الدولية.
ونقل التقرير عن محلل قوله: “أي شخص تعامل مع البشير يعرف أنه لن يتخلى عن السلطة دون قتال.. لو دمر بلده في أثناء هذا فليكن، وليس لديه ما يخسره”.
ونوهت فلانجان إلى أن البشير بقي في السلطة رغم العقوبات الأمريكية والأمر بالقبض عليه، وانفصال الجنوب عام 2011، إلا أن الضائقة الاقتصادية تعد التحدي الأصعب الذي يواجهه، فقد انهارت قيمة العملة السودانية بنسبة 85%، ووصل معدل التضخم في الصيف إلى 70%، وأصبحت الحياة مستحيلة لأربعين مليون سوداني.
وأشارت الصحيفة إلى ظهور البشير في تجمع نظمه أنصاره يوم الأربعاء، وبدا فيه متحديا، رغم التوبيخ الذي أصدرته الحكومات الغربية، بمن فيها بريطانيا، ولوح البشير بعصاه، واستشهد بآيات من القرآن، وأكد أن التجمع هو رسالة لمن يعتقدون أن السودان سيكون مثل بقية الدول، وتوعد مهددا أي شخص يتجرأ على “تدمير ممتلكاتنا”.
وأورد التقرير أن دبلوماسيين من بريطانيا والولايات المتحدة والنرويج وكندا عبروا في بيان مشترك عن “شعورهم بالرعب” من قمع وضرب وقتل المتظاهرين على يد قوات الأمن السودانية، مشيرا إلى أنه قتل حتى الآن حوالي 40 شخصا منذ بداية الاحتجاجات في 19 ديسمبر، وتم اعتقال المئات، بمن فيهم صحافيون ورموز للمعارضة.
وختمت صحيفة “التايمز” تقريرها بالإشارة إلى أن الشرطة استخدمت الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين في مدينة أم درمان الواقعة على نهر النيل مع العاصمة الخرطوم، حيث كانت أكبر تظاهرة تنظم ضد النظام، ويعتقد أن ثلاثة أشخاص، بينهم طفل عمره 16 عاما، قتلوا في التظاهرات.
