أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن رفضه إجراء تقسيمات «سايكس بيكو» جديدة في المنطقة، داعيا إلى مكافحة التنظيمات التي وصفها بالإرهابية، مثل “تنظيم الدولة” و”بي كا كا” و”غولن”.
واعتبر الرئيس أردوغان أن ذلك ما يقتضيه الاحترام، الذي تبديه تركيا، تجاه جيرانها وأمن الأمم الأوروبية التي يتواجد بينها الأتراك.
جاء ذلك في مقال كتبه أردوغان، لصحيفة “لو فيغارو” الفرنسية، بمناسبة الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى.
وأشار أردوغان إلى احتضان العاصمة الفرنسية باريس اليوم فعاليات بمناسبة مئوية انتهاء الحرب العالمية الأولى في 11 نوفمبر من عام 1918، مبينا أن هذه الفعاليات تذكّر بالدروس والعبر، التي يجب استخلاصها من الحرب العالمية الأولى، ومناقشة تأثيرات تلك الحرب على العالم الحالي، فضلًا عن تبادل الآراء حول الخطوات التي ينبغي على الإنسانية اتخاذها من أجل الحيلولة دون وقوع حوادث مماثلة في المستقبل.
وأكّد الرئيس التركي أن الحرب العالمية الأولى، التي سمّاها البعض بـ”الحرب التي ستُنهي كل الحروب”، كانت مسألة حياة وموت بالنسبة إلى تركيا.
وتابع أردوغان: “استذكر باحترام أجدادنا الذين هزموا أحدث وأقوى الجيوش في تلك المرحلة في جناق قلعة وكوت العمارة والعديد من المناطق، وأهدوا لنا أراضي تركيا الحالية كوطن مضحين بأنفسهم في واحدة من أكثر الفترات الحرجة في تاريخنا، بمن فيهم جدي كمال بن مصطفى الذي استشهد في معركة صاري قامش”.
وأعرب عن اعتزازه كحفيد أحد الشهداء حيال تمثيل بلده في الفعاليات المقامة بباريس.
ولفت إلى أن الحرب الدموية التي انتهت قبل 100 عام، أظهرت بشكل صريح نتائج الاستعمار والتوسعية والعدائية على البشرية.
وأضاف: “الأخطاء التي ارتكبت في مسألة تأسيس النظام عقب هذه الحادثة، أسست مع الأسف لشروط الحرب العالمية الثانية، لتتسبب بوقوع مآس لم ير التاريخ مثيلًا لها”.
يذكر أن “سايكس بيكو” اتفاقية سرية (1916)، بين فرنسا والمملكة المتحدة، بمصادقة روسيا، على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غربي آسيا، إبان الحرب العالمية الأولى.
وشدّد أردوغان على أنه لا يمكن الحديث في مئوية انتهاء الحرب العالمية الأولى عن انتهاء الصراعات بالكامل.
وبيّن أن من أكثر المؤشرات الملموسة على ذلك، الفوضى وخطر الإرهاب المتصاعد في الجارين الجنوبيين العراق وسوريا، والجهود الرامية لتشريد الفلسطينيين والانتزاع الممنهج للمتلكات في فلسطين منذ عشرات الأعوام.
وقال أردوغان إن الحرب العالمية الأولى جلبت معها بعض الكيانات السياسية ذات الإشكالية وفقًا للحدود التي رسمتها القوى العظمى في تلك المرحلة بالمسطرة.
ولفت إلى أن هذه الكيانات السياسية لم تستطع بناء روابط قوية مع الشعوب التي حكمتها، ما أدى إلى اقتران ذكر مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا طيلة القرن الـ20 بالأنظمة الاستبدادية والانقلابات العسكرية وحكومات الأقلية.
وأوضح أن الأطراف الداعمة للأنظمة الإقصائية المذكورة على مدى أعوام، استنفرت من أجل منع الحركات الشعبية الديمقراطية التي سميت بـ”الربيع العربي”.
واستطرد: “لقد لجأوا إلى شتى الوسائل المعادية للديمقراطية، بما في ذلك الانقلابات العسكرية، من أجل تحقيق أهدافهم”.
وأكّد أن هؤلاء اللاعبين يواصلون اليوم أيضًا أنشطة الثورة المضادة، ويعرضون السلم والاستقرار العالميين للخطر من أجل مصالحم الخاصة”.
وقال أردوغان إن مقابر الشهداء في تركيا والأراضي العثمانية السابقة، تحتضن شبانًا من سراييفو وإفريقيا وبغداد وإسطنبول وفلسطين، جنبًا إلى جنب.
وأكد أن ذكريات الحرب العالمية الأولى هي ميراث مشترك تركه أبناء المجتمعات التركية والكردية والعربية والأرمنية واليهودية، للمجتمع التركي المعاصر.
أردوغان شدّد على أن أهم درس يجب استخلاصه من الحرب العالمية الأولى، هو مدى صعوبة تأسيس السلام الدائم.
ولفت إلى أن تركيا ستواصل إجراءاتها من أجل تحقيق هدف العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي الذي يعد أهم مشاريع السلام في تاريخ أوروبا.
وتعهد بمواصلة تقديم المساهمات من أجل الأمن والسلام عبر دعم الحكومات الديمقراطية والتحررية والتي تمثل الجماهير في منطقة الشرق الأوسط.