في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة كان لا بد من اتجاه الحكومة نحو إلغاء الدعم أو إعادة هيكلته مع رفع أسعار بعض الخدمات, وفرض مزيد من الضرائب على بعض أنواع السلع الترفيهية، ورفع أسعارها، إلا أن هناك مخاوفا من أن تمس هذه الإجراءات المواطن محدود الدخل.
وفيما يلي نستعرض رؤية الخبراء حول رفع الدعم من عدمه والآثار السلبية والإيجابية.
عدم المساس بمحدودي الدخل
في البداية أكد سعيد عبد المنعم – الخبير الاقتصادي ووكيل كلية تجارة عين شمس السابق – أنه يجب رفع الدعم غير المباشر الذي لا يمس محدودي الدخل والمتمثل في زيادة الأسعار أو الضرائب المفروضة على المنتجات الترفيهية السجائر، والسيارات، بالإضافة إلى الكهرباء والمياه وبعض أنواع البنزين, ويتم تحديد نسبة الإعفاء وإعلانها حتى لا يذهب إلى أصحاب الشركات العملاقة مثل شركات الأسمنت والحديد التي تحقق المليارات.
انفلات الأسعار وجشع التجار
ويطالب الخبير الاقتصادي باستمرار الدعم المباشر على السلع التموينية والمواد الغذائية, وعدم المساس ببنزين 80 و85 والسولار الذي يمس محدودي الدخل مع ضرورة تشديد الرقابة على الأسواق ووضع حد لانفلات الأسعار وجشع التجار.
ويشدد عبد المنعم على عدم المساس بالدعم المباشر الذي يخدم الطبقات المتوسطة وتحت المتوسطة, ويتضمن دعم المنتجات الغذائية وجميع السلع التموينية، وأكد على مسئولية الحكومة عن تحقيق الأمن الاجتماعي ووصوله لمستحقيه, وهي مشكلة من قديم الأزل إلى الآن لعدم تحديد آلية لكيفية تحديده ووصوله لمستحقيه.
تغليظ العقوبات على مهربي المنتجات المدعومة
ويتفق عبد المطلب عبد الحميد – رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق – على أن رفع الدعم غير المباشر لفئة غير المستحقين يوفر المليارات لتذهب كزيادة في الرواتب التي تناسب زيادة الأسعار, وفيما عدا ذلك ينتج خلل في الأسعار مصحوبا بالمزيد من الفوضى وعدم الاستقرار, ويرفض عبد الحميد الرجوع إلى سياسات مبارك في انفلات الأسعار, وتفعيل الرقابة حتى لا تذهب جهود الحكومة أدراج الرياح وتغليظ العقوبة والإسراع في الأحكام يؤدي إلى نجاح منظومة الدعم.
الكهرباء والمياه والبوتاجاز خط أحمر
أما عالية المهدي – عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة – فترى أن السياسات الحالية هي نفس سياسات حكومة نظيف السابقة في عهد مبارك, وكان مبارك يرفض هذه المقترحات لعدم المساس بمحدودي الدخل في الوقت الذي نجد فيه الرئيس مرسي يسعى إلى تطبيقها.
وتشير المهدي إلى أنه تم رفع أسعار الكهرباء والمياه والبوتاجاز بالفعل, وترجح أنه سوف تؤثر على العلاقة بين الحكومة والمواطن العادي لغلاء المعيشة وتدني الرواتب.
الاستثمار والسلع الأمريكية والإسرائيلية
ومن جانبه يؤكد عبد الفتاح الجبالي – رئيس وحدة البحوث الاقتصادية بمركز الأهرام للدراسات السياسية – أن رفع الدعم يرافقه انكماش في الاستثمارات؛ بسبب ارتفاع الأسعار وعدم المقدرة المادية للمستهلكين على الشراء وبالتالي تتقلص الأرباح مع تراجع الطلب. ويضيف: إنه لا توجد دولة لا تدعم مواطنيها لكن الإدارة الفاشلة تعلق أخطاءها على الدعم، ويحذر من استمرار عدم السيطرة على الأسواق وتفعيل الرقابة حتى تصل السلع المدعومة لمستحقيها.
ويشير إلى أن الحكومة تقدم الدعم إلى إسرائيل وأمريكا من خلال السماح بفتح السوق المصري أمام منتجاتهم المدعومة لمزارعيهم مع جودة أعلى وانخفاض في الأسعار, وهذا ينعكس بالسلب على المنتجات المصرية, ويشيد الجبالي بتجربة ماليزيا المتمثلة في إسناد الإدارة لأشخاص يمتلكون رؤية سياسية واقتصادية مختلفة, مشيرا إلى أنه لو تم اتباع مصر للتجربة الماليزية في نظم الإدارة العلمية سنشهد استقرارا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.