تتوقع مؤسسات بحثية، أن تواجه مصر تراجعا جديدا في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأميركي، خلال الفترة المقبلة، جراء الاضطرابات التي تشهدها الأسواق الناشئة.
تأتي تخوفات المؤسسات أيضا، مع تراجع استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية في مصر، والإبقاء على سعر الفائدة في ظل تشديد السياسة النقدية.
وأبقى البنك المركزي المصري مؤخرا على أسعار الفائدة عند 16.75 % للإيداع، و17.75 % للإقراض، دون تغيير للمرة الرابعة على التوالي منذ 17 مايو الماضي.
ويعاني عدد من الأسواق الناشئة من مصاعب اقتصادية، جراء تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، فضلا عن زيادات أسعار الفائدة الأميركية التي تجذب الأموال من جديد إلى الولايات المتحدة.
وحافظ الجنيه المصري على استقراره أمام الدولار الأميركي خلال الفترة الأخيرة، رغم الضغوط التي تشهدها الأسواق الناشئة.
ونقلت بلومبرج، وفينانشال تايمز، عن مؤسسة نومورا هولدينجز اليابانية، في تقرير حديث، أن مصر إحدى 7 اقتصادات ناشئة، مهددة بحدوث أزمة في أسعار الصرف خلال الـ 12 شهرا المقبلة.
وجاءت مصر في المركز الخامس ضمن الدول السبع، على حسب المؤشر المتعلق بتوقعات أزمات سعر الصرف في 30 اقتصادا ناشئا، مسجلة 111 درجة، بينما تصدرت سيريلانكا دول المؤشر مسجلة 175 درجة.
وتشير الدرجة الأعلى من 100 نقطة ضمن هذا المؤشر إلى وجود ضعف في أزمة سعر الصرف في الأشهر الـ 12 المقبلة، بينما تشير القراءة فوق 150 درجة إلى أن الأزمة قد تندلع في أي وقت.
وتوقعات مؤسسة نومورا هولدينجز اليابانية، جاءت متوافقة إلى حد كبير مع توقعات مؤسسة كابيتال ايكونوميكس للأبحاث، ومقرها لندن.
وتوقعت مؤسسة كابيتال ايكونوميكس للأبحاث في مطلع سبتمبر 2018، أن ينخفض الجنيه المصري، بنسبة 10 % أمام الدولار، بحلول 2020.
بحسب عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب المصري، بسنت فهمي، فإن انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، حسبما يتوقع التقرير الياباني، «ليس أمرا مقلقا تماما».
وأوضحت فهمي في تصريحاتها الصحفية، أن مصر «ارتكبت أخطاء فادحة عندما دعمت سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، ما أثر على الإنتاج الحقيقي في البلاد، وأصحبت تستورد كل احتياجاتها من الخارج».
وشددت فهمي أن مصلحة مصر «تقتضي انخفاض سعر صرف الجنيه حاليا، لإحداث توازن في الميزان التجاري، وتقليل الواردات وزيادة الصادرات عبر زيادة الإنتاج المحلي، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وشراء العقارات».
«ما يهم مصلحة مصر، وجود احتياطي أجنبي كبير، بغض النظر عن سعر صرف الجنيه، لأنه سيتم استخدام الاحتياطي، في سداد مستحقات الديون وفوائدها الخارجية وتدبير السلع الاستراتيجية الضرورية للبلاد».
وفي 14 مايو 2017، قال محافظ المركزي المصري طارق عامر إن «المركزي» لا يتدخل مطلقا في سعر الصرف، ولكن عند حدوث طفرات تصل لمستوى الصدمات، يجب التدخل لضبط السوق”.
وارتفعت الاحتياطيات من 15.6 مليار دولار فقط في منتصف عام 2016 إلى أكثر من 44.419 مليار دولار، في أغسطس الماضي.
في تقرير حديث، كشف معهد التمويل الدولي ومقره واشنطن، عن سحب الأجانب 6.2 مليارات دولار من سوق الدين السيادي في مصر، خلال 4 أشهر، في الفترة بين أبريل ويوليو 2018.
المحلل الاقتصادي المصرى محمد زكريا، قال إن هناك عوامل تؤثر على الأسواق الناشئة، تشمل حجم الديون، واختلال ميزان المدفوعات، وتشديد السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وارتفاع أسعار النفط.
وتوقع زكريا، أن «يمارس صندوق النقد الدولي ضغوطًا على السلطات المصرية، للتأكد من أنها لن تدعم الجنيه لفترة طويلة في المستقبل».
يأتي ذلك، فيما توقع بنك استثمار برايم في مصر، خلال مذكرة بحثية، تباطؤ تنامي الاحتياطي الأجنبي في البلاد، وأن يظل خاضعا لتأثير التطورات في الأسواق العالمية.
وأشار «برايم» إلى أن مصر «تواجه حصتها من الضغوط المالية العالمية من حيث تدفقات الأموال للخارج، ولم تؤثر على الاحتياطيات حتى الآن وما يزال تأثيرها على سعر الصرف محدود نسبيا، بسبب آلية للبنك المركزي».
ويتوقع برايم أن تتراوح الاحتياطيات الاجنبية بين 45- 46 مليار دولار بحلول العام المالي الجاري 2018/2019، وأن يبلغ سعر صرف الجنية أمام الدولار 17.98 في المتوسط.