نشر موقع «ميدل إيست آي» تقريرًا يتحدث عن معاناة المسلمين من إثنية الإيغور في الصين، بخصوص القيام بفريضة الحج،للكاتب أريب الله.
وجاء في التقرير الذي ترجمته «عربي21»، إن عائشة، التي تنتمي لأقلية الإيغور في إقليم شينجيانغ في الصين، أدت فريضة الحج عندما كان عمرها 16 عاما، وجاءت من الصين إلى مكة لتحج هي ووالدها، تقول “لا أستطيع وصف سعادتي عندما رأيت الكعبة لأول مرة»، وأضافت: “لقد صليت طيلة عمري باتجاهها لكن رؤيتها لم تكن كأي صورة رأيتها على التلفاز.. فقط بدأت أبكي».
ويقول الكاتب إن عائشة قامت بالأمر بطريقة مختلفة نوعا ما، فبدلا من أن تنتظر ليصبح عمرها 60 عاما حتى تسمح لها السلطات الصينية بالذهاب إلى الحج، فإنها ذهبت إلى السعودية، حيث كان أبوها يعمل، على تأشيرة عمل قبل الحج بـ 4 أشهر.
ويضيف الموقع أن عائشة تقول: «جاءت السلطات الصينية إلى بيتنا في أورومتشي تسأل عن مكاني، وقامت بأخذ جواز والدي، وألغت الإذن له بالعودة إلى السعودية»، أما عائشة، التي لم تكن في القرية عندما تم التحقيق مع والدها، فغادرت الصين، وتقول: «قال لي أبي أن أعود إلى السعودية.. فعدت إلى السعودية ثم ذهبت بعدها إلى تركيا .. ولم أر عائلتي منذ ذلك الحين».
وألمح التقرير إلى أن عائشة نموذج لآلاف الإيغور المسلمين الذين يعيشون في إقليم شينجيانغ، فالقيود التي تفرضها بكين على الذهاب للحج -بما في ذلك ألا يقل عمر الحاج عن 60 عاما- أدت إلى سعي الكثير منهم للبحث عن سبل مختلفة لأداء فريضة الحج.
وأشار إلى أن حوالي 100 من المسلمين الإيغور علقوا العام الماضي في اسطنبول؛ بسبب محاولتهم الذهاب إلى الحج على جوازات سفر قرغيزية مزورة، فيما يعتقد أن الكثير منهم اختفوا في تركيا، في الوقت الذي تم فيه تسفير آخرين إلى الصين.
الكاتب نوه إلى أن حوالي 10 ملايين إيغوري مسلم يعيشون في إقليم حكم ذاتي ذي أغلبية مسلمة، يطلق عليه رسميا إسم إقليم شينجيانغ، ويطلق عليه محليا اسم تركستان الشرقية، واستدرك بالحديث أنه بالرغم من تشكيلهم للأكثرية في الإقليم، إلا أنهم يواجهون قيودا قاسية حدت من إمكانيتهم للسفر، ولممارسة شعائرهم الدينية.
ويقول الموقع إن «الحج باعتباره أحد الأركان الخمسة للإسلام فإنه يفرض على المسلم أن يحج مرة على الأقل في حياته، والصين، مثل الدول كلها، تمنح عددا يسمح له بالحج منها كل عام، إلا أن العقبة الرئيسية للإيغور هي الحصول على جواز سفر، وقد طلبت الصين العام الماضي من سكان شينجيانغ كلهم تسليم جوازات سفرهم، ويقول الناشطون بأن الجوازات لم تتم إعادتها للإيغور».
وقد تم تبرير هذه الخطوة من بكين بأنها طريقة للحفاظ على «الاستقرار الاجتماعي”، بعد أحداث شغب في السنوات الأخيرة، وبعد حملة الدولة على ممارسة الشعائر الدينية، بحسب التقرير.
وأشار إلى أنه بحسب منظمة «هيومان رايتس ووتش»، فإن الصين أمرت بمصادرة جوازات سفر من المسلمين التبتيين والهويزو والإيغور؛ خوفا من أن «دراسة الشريعة في الخارج.. قد تشكل غطاء محتملا لأنشطة سياسية تخريبية”.
ويذكر الكاتب أنه خلال سبعينيات القرن الماضي، وبعد أن بدأت الصين في سياسة الأبواب المفتوحة، وبدأت بإصدار جوازات السفر لمواطنيها، فإن الإيغور ذهبوا إلى مكة والمدينة بأعداد كبيرة، بحسب ما يقول السكان المحليون، بالرغم من منع رسمي على الحج، لم تلغه السلطات الصينية إلا في ثمانينيات القرن الماضي.
ويورد الموقع نقلا عن نائب رئيس مؤتمر الإيغور العالمي عمر كانات، قوله إن الكثير ذهبوا للحج من خلال «طرق طويلة وصعبة” للوصول إلى السعودية، وأضاف: «البعض أخذ القطار إلى موسكو، ومن هناك إلى اسطنبول، ومن تركيا حصلوا على تأشيرة للحج من السفارة السعودية للذهاب إلى السعودية»، ووصف كانات طريقا آخر، قائلا: «سافروا برا من كاشغر (في شينجيانغ) إلى تاشقورغان (على الحدود بين إقليم شينجيانغ وباكستان)، ثم عبر الحدود إلى باكستان، ومن هناك ذهب آلاف الإيغور إلى الحج».
ويستدرك التقرير بأنه تم تقييد السفر عبر هذه الطرق بعد أن بدأت السلطات الصينية بسجن المسلمين الإيغور والهويزو الذين ذهبوا للحج عبر طرق بديلة لا تمر في بكين، لافتا إلى أن الصين تقوم بتوزيع 12 ألف مكان مسموح لها على 30 إقليما فيها أكثرية مسلمة، من خلال طلبات تقدم إلى وزارة الشؤون الدينية.
ويكشف أريب الله عن أن معظم التصاريح تذهب للمسؤولين الحكوميين وضباط الأمن، الذين يرافقون بعثة الحج الصينية، بحسب ما يقوله الناشطون الإيغور، مشيرا إلى أنه عندما يقدم شخص على الحج فإن السلطات تقوم بتفحص ملفه الأمني قبل أن يمنح إذنا بالذهاب.
وينقل الموقع عن نجات ترغهون، الذي يرأس اتحاد التعليم الإيغوري في السويد، قوله بأن تلك التدقيقات تتضمن البحث عن وجود سجل جنائي لمقدم الطلب، وعما إذا كان «خاضعا للسلطات الصينية”، وأضاف ترغهون: «بدأت الصين هذا العام بإعطاء دورة خاصة لحجاج الإيغور، وهو ما يعني أن عليهم الخضوع لعملية غسيل دماغ أيديولوجي.. فالصين تقلق من أن هؤلاء الإيغور قد يلتقون بأحدهم، أو يواجهون شيئا ضد الصين»، وتابع قائلا: «إن حجم التدقيق والتمحيص اضطر العديد لعدم التفكير في الذهاب للحج، هل يمكنك أن تتخيل ذلك؟».
وبحسب التقرير، فإن السلطات تعيد الجوازات إلى الحجاج، بعد القيام بهذه التحقيقات، مشيرا إلى قول ناشطين إيغوريين آخرين للموقع بأنه يرافق الحجاج ضباط مخابرات، يقومون بمراقبة تصرفاتهم، ومنعهم من الحديث مع أي شخص خارج مجموعتهم.
ويبين الكاتب أنه كون أعمار معظم الحجاج الإيغور تزيد على الستين عاما؛ لأن الحكومة فرضت قيودا على العمر، فإن هذه الرحلة الروحية تتحول إلى فحص لمدى لياقتهم البدنية، لافتا إلى أن ما يجعل الحج، الذي يستمر لمدة خمسة أيام، أكثر صعوبة لكبار السن، هو أن الصين تمنع الأقارب من مصاحبتهم، فلا يسمح إلا لشخص واحد من العائلة بحضور الحج كل عام.
وينقل الموقع عن عائشة، قولها: «رأيت حجاجا كبار السن يعانون لأجل إكمال الحج بسبب سنهم”، وأضافت: «لم يسمح لهم بالحديث مع الإيغوريين الآخرين، وكان دائما معهم ضباط أمنيون صينيون يتظاهرون بأنهم مسلمون».
ويذكر التقرير أنه بحسب أرقام غير رسمية من الناشطين، فإن عدد الإيغور الذين سمح لهم بالحج هذا العام 1400 من 12800 صيني مسلم ذهبوا إلى السعودية.
وأكد الموقع في ختام التقرير أن عائشة تستمر في المنفى، حيث تعيش الآن في اسطنبول، وتقول: «عندما ذهبت للحج، كانت عائلتي فخورة بي.. ويعلمون أنه كان ثمنا صغيرا كان علينا دفعه مقابل الحصول على حقي في أداء الحج».