نشرت صحيفة «بوبليكو» الإسبانية تدوينة للكاتبة «نايزانين أرمانيان»، تحدثت فيها عن الأسباب التي تجعل الغرب يزود المملكة العربية السعودية بالسلاح، على الرغم من الجدل الذي أثير مؤخرا حول استخدامها ضد المدنيين.
وبعد حادثة وفاة أطفال يمنيين بقنابل سعودية خلال الشهر الماضي، قررت إسبانيا وقف تصدير القنابل اليدوية إلى هذه البلاد؛ إلا أنها تراجعت عن قرارها لعدة أسباب.
وقالت الكاتبة في التدوينة التي ترجمتها «عربي21»، إن الحكومة الإسبانية عللت عدولها عن قرار حظر تزويد المملكة العربية السعودية بالقنابل الدقيقة بالاحتجاجات التي قادها عدد من عمال شركات بيع الأسلحة خوفا من فقدانهم لمواطن شغلهم.
في المقابل، لم تكترث هذه العائلات التي تخشى أن تصبح ضحية للبطالة، إلى كون ما ينتجونه يوميا سلاح يستعمل لقتل الأبرياء.
وأوردت الكاتبة أن استخدام المملكة العربية السعودية للأسلحة التي تستوردها لارتكاب مجازر عشوائية، أمر غير مستغرب.
لكن، من السيء للغاية أن تشارك دول «ديمقراطية»، بشكل مباشر أو غير مباشر، في هذه الجرائم. ومن المثير للانتباه أن شركات تصنيع الأسلحة قد حولت جزءا من الطبقة العاملة إلى مساندين لجرائم الحرب وإلى مجموعة “ضغط” تدافع عن مصالحها.
وأضافت الكاتبة أن تذبذب قرارات الحكومة الإسبانية بين الرفض والتأييد لتصدير الأسلحة لبلدان ترتكب جرائم حرب في حق الأبرياء، عامل سلط الضوء على تلاشي النقابات التي تقود العمال والتي تقترح عليهم بدائل للرأسمالية المتوحشة التي تستمر في تغذية الحروب.
وإلى جانب ذلك، كشفت الأحداث الأخيرة عن غياب «التضامن الدولي بين العمال» الذي يهدف إلى تحييد وتفكيك التحالفات التي تكونت بين النخب العالمية.
وبينت الكاتبة أن عمليات بيع الأسلحة إلى بلدان الخليج العربي لاقت معارضة من قبل الأحزاب اليمينية في ألمانيا والسويد.
كما أشارت دراسة استقصائية أجريت خلال سنة 2017 إلى أن غالبية سكان كندا قد عارضوا عمليات تصدير الأسلحة إلى هذه البلدان.
وأوردت الكاتبة أنه منذ سنة 2016، وثّقت الأمم المتحدة 119 هجوما نفذه التحالف الأميركي السعودي في اليمن انتهك خلاله القانون الدولي.
ومن بين هذه التجاوزات نذكر هجمات على مخيمات اللاجئين، وحفلات الزفاف، والجنائز، والمدارس، والمستشفيات، والأسواق، والمساجد.
وعلى الرغم من ذلك، يسعى ولي العهد السعودي إلى تحقيق انتصار عسكري في اليمن قبل أن يصبح ملكا، خاصة بعد أن فشل في مغامرته الوحشية في سوريا.
ونقلت الكاتبة أن أهداف الغرب من تزويد المملكة العربية السعودية بالسلاح لا تختلف كثيرا عن أهداف ولي العهد السعودي؛ إذ أن جميعها أهداف عسكرية وجيوسياسية.
ومن ناحية أولى، تسعى الدول الغربية إلى تكوين «ناتو سني مصغر» قادر على شن حرب ضد إيران؛ الأمر الذي يسمح لها بعدم التدخل مباشرة في هذا الصراع.
وأضافت الكاتبة أن الدول الغربية تسعى أيضا إلى ضمان مداخيل هائلة لشركات الأسلحة، وأيضا رجال الأعمال ووكلاء صفقات السلاح ورؤساء وملوك العالم.
وبطريقة أو بأخرى، سعت هذه الجهات إلى جعل جزء من الطبقة العاملة متورطا في الجرائم المرتكبة باستخدام هذه الأسلحة، ومتواطئا معها.
وأفادت الكاتبة بأن القوى الغربية تسعى من خلال تزويد المملكة العربية السعودية بالسلاح، إلى تسريع سباق التسلح في منطقة الشرق الأوسط المضطربة.
وعلى وجه الخصوص، عندما تدفع المملكة العربية السعودية مبلغ قيمته 110 مليارات دولار لشراء أسلحة من الولايات المتحدة الأميركية، تضطر قطر إلى شراء حزمة أسلحة بقيمة 12 مليار دولار.
من جانب آخر، تدفع أي صفقة شراء أسلحة من قبل أحد بلدان الخليج العربي إسرائيل إلى إبرام اتفاق مماثل بقيمة أعلى.
وفي الختام، قالت الكاتبة إن القوى الغربية، أي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، تسعى إلى تحويل المملكة العربية السعودية إلى قوة تمنع تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة. وقد اتبعت هذه الاستراتيجية منذ الإطاحة بنظام صدام حسين الذي كان يتكفل بهذه المهمة.