كتب الباحث والأكاديمي الأمريكي كيفين باريت، في مقال له بمجلة “فيترانس توداي” إن “أسوأ نظامين دكتاتوريين داعمين للإرهاب في العالم العربي في مصر والسعودية، لا يكفان عن إطلاق النار على قدميهما، عبر معاداة نشطاء حقوق الإنسان”.
وأضاف باريت في مقاله «إن نظامي القاهرة والرياض، اندفعا خلال الأيام القليلة الماضية إلى مهاجمة نشطاء حقوق الإنسان، في شكل يعكس انعدام الاستقرار النفسي الذي يعاني منه الدكتاتوران عبد الفتاح السيسي ومحمد بن سلمان، وضعف قبضتيهما على السلطة».
فيما يلي نص المقال
يوم الإثنين نشرت الحكومة السعودية تغريدة عبر موقع توتير ما لبثت أن تراجعت عنها تهدد من خلالها كندا بهجوم شبيه بهجوم الحادي عشر من سبتمبر. (التغريدة تصور طائرة كندية تتجه نحو برج في إحدى المدن الكندية ومكتوب عليها المثل العربي “من تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه”).
لا يكف أسوأ نظامين دكتاتوريين داعمين للإرهاب في العالم العربي – نظام السيسي في مصر ونظام بن سلمان في الرياض – عن إطلاق النار على قدميهما. فخلال أيام قليلة اندفع النظامان يهاجمان بجنون نشطاء حقوق الإنسان، كاشفين عن انعدام الاستقرار النفسي الذي يعاني منه هذان الدكتاتوران وضعف قبضتيهما على السلطة، وكل ما يفعالنه في المحصلة أنهما يمضيان في تقويض شرعيتيهما.
يوم الإثنين، أقدم السعوديون الذين يقودهم المعتوه والمهووس بذاته ابن سلمان على ارتكاب واحدة من أفظع خطايا العالقات العامة في التاريخ عندما غردوا مهددين بشن هجوم على كندا مشابه لهجوم الحادي عشر من سبتمبر..
وما الذي فعلته كندا حتى تستحق مثل هذا المصير؟ كل ما فعلته هو أنها عبرت عن القلق إزاء انتهاك السعودية لحقوق نشطاء يعملون في مجال حقوق الإنسان مثل سمر بدوي، التي ألقي القبض عليها مؤخراً، ثم اتهمت باقتراف عدة جرائم منها مساعدة النساء السعوديات في الحصول على حقهن في قيادة السيارات.
لربما راودك شعور بأن دونالد ترامب سريع الغضب وشديد الحساسية تجاه أي نقد يتعرض له. إلا أن ترامب يبدو نبراساً مقارنة بابن سلمان من حيث الصحة النفسية. (ولعل السبب في ذلك أن العقار الذي يدمن عليه ترامب هو الأكلات السريعة والمشروبات الغازية، بينما يدمن محمد بن سلمان، حسبما تقول مصادر جيدة االطالع، على أحدث أنواع األمفيتامينات المصنعة – نوع من المخدرات أو المنشطات النفسية التي تعمل على إثارة الجهاز العصبي المركزي).
في تلك الأثناء أقدم النظام الهش للدكتاتور العسكري السيسي في مصر المحتلة من قبل إسرائيل على اختطاف شقيقي غادة نجيب الناشطة في مجال حقوق الإنسان ، زوجة مقدم البرامج التلفزيونية هشام عبد الله. في حوالي التاسعة من مساء يوم الأحد الماضي، تعرض يوسف محمد نجيب، البالغ من العمر سبعة وعشرين عاماً والأب لطفلين صغيرين، للاختطاف من منزله على يد رجال مجهولين مسلحين بمدافع رشاشة. ثم في الثانية من فجر الإثنين، حصل نفس الشيء لشقيقه إسلام محمد نجيب البالغ من العمر سبعة عشر عاماً.
وجهت لشقيقي غادة نجيب تهم بارتكاب “جرائم” غير محددة يعبر عنها بلغة النظام من خلال صيغة “السعي لتقويض النظام”. إلا أن جريمتهم الحقيقية هي عالقة القرابة التي تربطهما بغادة نجيب، وأما جريمتها هي فهي أنها متزوجة من هشام عبد الله. بينما تعيش غادة نجيب وزوجها هشام عبد الله خارج مصر.
تقول غادة نجيب إنها عرفت الجواب مباشرة من السلطات، حيث اعترفوا لها بأن الاعتقالات جاءت انتقاماً من هشام عبد الله الذي طرح للنقاش في حلقة أخيرة من برنامجه احتمال أن يكون السيسي يهودياً ولد المرأة يهودية مغربية تنحدر من عائلة صهيونية متشددة تعيش الآن داخل إسرائيل. ولقد نقل عني هشام عبد الله بل وأجرى معي مقابلة في برنامجه (حيث بثت مساهمتي باللغة اإلنجليزية في الدقيقة 17:17 من البرنامج) بوصفي صحفي كتب وتحدث عن احتمال ً إسرائيلياً مدسوساً.
أن يكون السيسي عميلًا
ذكر هشام عبد الله معلومة واحدة خاطئة حين زعم أنني يهودي. في الواقع، رغم أن أمي تقول إنها تشك في أن جدتها الكبرى ربما كانت يهودية، إلا أنني أنحدر من أصول إيرلندية ويلزية ألمانية (في األغلب مسيحية)، ونشأت في عائلة مسيحية موحدة، ثم اعتنقت الإسلام في عام 1993 .
لماذا يتعامل نظام السيسي، مثله في ذلك مثل نظام محمد بن سلمان، بانفعال شديد وبهذا الشكل من الغلو؟ لماذا ردوا على برنامج هشام عبد الله باعتقال شابين بريئين لم يقترفا شيئا سوى أنهما أقارب زوجة مقدم البرنامج؟ ً
من من الواضح أن السيسي شديد الحساسية تجاه أصوله اليهودية وارتباطاته الصهيونية، ولا عجب في ذلك. فالغالبية العظمى من الشعب المصري، على النقيض من قلة قليلة خائنة داخل قطاع النخبة، لا يرغبون في العيش تحت الاحتلال الصهيوني ممثلًا من حيث بهذا الرجل الذي يعتبر الأسوأ سجلًا انتهاكات حقوق الإنسان في تاريخ النظام المصري، لدرجة أن بعضاً من الرموز السياسية من داخل المنظومة الحاكمة في مصر، مثل السفير السابق معصوم مرزوق، يطالبون الآن بإجراء استفتاء على حكم السيسي، وهو المقترح الذي من شأنه لو طبق أن يؤدي إلى إسقاط هذا النظام. وفيما لو رفض السيسي إجراء االستفتاء، فقد تعهدت نفس القوى التي أفرزت الثورة المصرية في عام 2011 بالعودة إلى ميدان التحرير إلتمام المهمة.
لقد بات نظام السيسي في مصر، مثله في ذلك مثل نظام محمد بن سلمان، مفلساً المملكة العربية السعودية من الناحية الأخلاقية والمالية، بل وبات رهن الاحتلال الصهيوني بدليل التفاني في خدمة ممثله في واجهة النظام الدولي الجديد ترامب.