قال الكاتب البريطاني جوناثان كوك إن أحد الأهداف الرئيسية «لصفقة القرن» هي وضع غزة وسكانها تحت إشارة إسرائيل دون أن تتحمل أي مسؤولية أو لوم.
وستصبح مصر -حسب الصفقة- السجان الظاهر لغزة، «مثلما تحمّل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وسلطته عبء الخدمة كسجانين» في معظم مناطق الضفة الغربية المحتلة.
وأشار الكاتب إلى أن صفقة القرن تتلخص في بناء مشروعات للبنية التحتية لقطاع غزة خارج القطاع، أي في شمال سيناء، لتوفير الكهرباء والمياه والوظائف والميناء والمطار والمناطق الصناعية ومنطقة للتجارة الحرة لسكان القطاع، وتشجيع الغزاويين الذين سيعملون شمال سيناء للاستقرار نهائيا هناك، وذلك لحل مشكلة البطالة واللاجئين وأمن إسرائيل.
إجهاض حلم الدولة
ومن شأن هذه الخطة أن تفيد مصر بتوفير وظائف لجزء من سكانها بعد أن استفادت بالحصول على مليارات الدولارات من بعض دول الخليج، وأن تفيد إسرائيل باستمرار حصار غزة دون مشاركة إسرائيل، وإجهاض أي حلم للفلسطينيين بإقامة دولة فلسطينية، لأن غزة وسيناء ستكونان تحت إدارة مصر أو قيودها، وسيبتعد قطاع غزة ومنظماته السياسية عن الضفة الغربية؛ ليصبح محمود عباس وسلطته لا شرعية لهم لتمثيل الفلسطينيين.
وفي الوقت الذي تنهمك فيه إسرائيل في حرب استنزاف مع سكان الضفة الغربية بالقضم التدريجي للضفة، فإن هذا الأسلوب لا يمكن تطبيقه في غزة، وقد حذرت الأمم المتحدة من أن قطاع غزة سيتحول بعد نحو سنتين إلى منطقة غير قابلة للسكن فيها بسبب انهيار اقتصادها وجفاف مياهها وتلوثها.
وفي هذا الوضع أصبحت إسرائيل بحاجة لحل عاجل قبل أن يتحول سجن غزة إلى معسكر للموت. والآن وتحت غطاء صفقة القرن يبدو أن إسرائيل عثرت على هذا الحل.
ليست نزوة لترامب
وقال كوك إنه من الأهمية بمكان أن نفهم أن “خطة سيناء” وجدت دعما قويا من المؤسسة السياسية الأميركية طوال العشر سنوات الماضية، مشيرا إلى أن أميركا وإسرائيل حاولتا قبل أربع سنوات أن تضغطا بقوة على مصر لفتح سيناء لسكان غزة.
وأضاف أن واشنطن ربما تكون مشاركة بحيوية منذ 2007، عندما فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات في غزة وتولت إدارة القطاع، في حصار غزة الذي دمّر اقتصادها ومنع سلعا أساسية من الدخول إليها.
وقال أيضا إن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بعث وفدا من حكومته إلى واشنطن عام 2012، حيث اقترح عليه الأميركيون أن تتنازل مصر عن ثلث شبه جزيرة سيناء لصالح غزة خلال مرحلتين لأربع أو خمس سنوات، ويبدو أن الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي يخضع للضغوط نفسها في الوقت الراهن.
تيران وصنافير
وقبل أربع سنوات ظهرت شكوك بأن السيسي كان أوشك على الاستسلام، إذ أعلن محمود عباس في مقابلة مع التلفزيون المصري آنذاك أن خطة سيناء التي تتبناها إسرائيل قد تم -للأسف- الموافقة عليها هنا، «ولا تسألوني أكثر عن هذا الموضوع».
وأضاف كوك أن السيسي حاليا في وضع أضعف مما كان عليه قبل أربع سنوات، لأن دولا خليجية مهمة تدعم الآن خطة سيناء، الأمر الذي لم يكن متوفرا عام 2014، كما أن قطاع غزة أصبح الآن في حال أسوأ بما لا يقارن آنذاك.
وأشار إلى أن تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير بخليج العقبة للسعودية، والذي قال عنه الخبراء إن الهدف منه هو تعزيز الأمن والتعاون الاستخباراتي بين إسرائيل والسعودية ومصر في مواجهة “الإسلاميين المسلحين” في سيناء، يُعتبر حاليا كأنه التمهيد لتنفيذ خطة سيناء.