أقرت الحكومة المصرية في موازنة 2018 / 2019، حزمة إجراءات جديدة لتوفير الحماية الاجتماعية للموظفين ومحدودي الدخل، لمواجهة إجراءات تقشفية حادة أعلنتها بموجب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، بتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي منذ 2016.
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/ تموز حتى نهاية يونيو/ حزيران من العام التالي، وفقًا لقانون الموازنة العامة.
الحكومة المصرية أوضحت أن تكلفة حزمة الحماية الاجتماعية خلال العام المالي الجاري 2018 /2019، تبلغ 67 مليار جنيه (3.76 مليارات دولار).
وتشمل الحزمة 28 مليار جنيه (1.57 مليار دولار) لزيادة المعاشات (التقاعد)، و30 مليار جنيه (1.68 مليار دولار) لزيادة أجور ومرتبات موظفي الحكومة، و9 مليارات جنيه (505 ملايين دولار) قيمة خصم ضريبي.
لكن هذه الحزمة، لم ترتق للمصروفات المرتفعة الناتجة عن زيادات عدة في أسعار الوقود والكهرباء وخدمات النقل والضرائب المفروضة.
الفئة المتوسطة
المحلل الاقتصادي حازم حسانين، يفيد في حديثه للأناضول، أن “وجود جهود من قبل الحكومة تصب في خانة الحماية الاجتماعية، أمر جيد للغاية”.
لكنه يقول، إن “تدابير الحماية الاجتماعية، يجب أن تراعي أيضا الطبقات المتوسطة بشكل كبير، لأنها تخص القاعدة العريضة والشريحة الأكبر من السكان”.
وفي غضون شهرين تقريبا، أقرت مصر رفع أسعار تعريفة ركوب مترو الأنفاق ومياه الشرب وأسعار الوقود والكهرباء، بالإضافة إلى إجراءات تقشفية مرتقبة مثل رفع أسعار تذاكر القطارات، وفقا لتصريحات مسؤولين مصريين.
ويطالب حسانين، بأن “لا تقتصر الحماية الاجتماعية على الجوانب المالية فقط، التي يلتهما التضخم، بل يجب النظر للجوانب الحقيقية كالتعليم والصحة وتأمين الغذاء الكافي والسليم، وضمان استدامة نمو الأجور الحقيقية”.
وينتقد المحلل، تغليب “الجانب المالي على الجانب الحقيقي، وهو منهج صندوق النقد قديما وحديثا الذي يثير مشكلات جمة في مؤشرات الاقتصاد الحقيقي، مثل الأجور الحقيقية التي يأكلها التضخم وتحركها رياح سعر الصرف”.
ارتفاع الفقر
وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (حكومي) لعام 2015، يعاني نحو 5.3 بالمائة من سكان مصر، الفقر المدقع، ارتفاعا من 4.4 بالمائة في 2012 /2013.
ويُعرّف الجهاز الفقر المدقع، بأنه يعني الفقر الغذائي، أي عدم قدرة الفرد أو الأسرة على توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية.
كما ارتفعت نسبة الفقراء في مصر من 25.2 بالمائة في 2010 /2011، وقت اندلاع الثورة ضد نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، إلى 27.8 بالمائة في 2015.
ويرى المحلل المالي حازم ترك، في حديثه للأناضول، أن إجراءات الحماية التي أعلنتها الحكومة، تشمل العاملين بالحكومة فقط دون القطاع الخاص.
ويضيف ترك: “لن تثمر هذه الأموال في حل المشكلة، غير أنها سرعان ما ستذوب فى تضخم الأسعار وتؤدي إلى زيادة الطلب الكلي دون زيادة العرض الكلي، مما يزيد من حجم التضخم”.
ارتفاع التضخم
وتتوقع بنوك استثمار ومحللون، أن يعاود التضخم بمصر رحلة الصعود مجددا، بعد إجراءات خفض الدعم مؤخرا.
وتوقع بنك استثمار “بلتون” بمصر (خاص)، مؤخرا أن يؤدي رفع أسعار الوقود إلى جانب الارتفاع الأخير في رسوم المياه، إلى صعود التضخم بما يتراوح بين 3 – 5 بالمائة خلال الربع الثالث من 2018.
وتراجع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 11.5 بالمائة، في مايو/أيار الماضي، مقابل 12.9 بالمائة في الشهر السابق له، بعدما سجل نحو 34 بالمائة في يوليو/ تموز 2017 وفقا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (حكومي).
وطبقت القاهرة حزمة حماية اجتماعية بقمية 75 مليار جنيه (4.21 مليارات دولار) في العام المالي 2017 /2018.
وحسب تقرير، لصندوق النقد الدولي صادر في مطلع العام الجاري، فإن الزيادة في دعم البطاقات التموينية، كان لها “الأثر الأكبر في تعويض الفئات الأفقر في المجتمع عما خسروه من الإنفاق بسبب رفع دعم الطاقة”.
واعتبر الصندوق، “قرارات زيادة المعاشات وأجور العاملين بالدولة وزيادة الإعفاء والخصم الضريبي، إجراءات مفيدة في تخفيف الآثار على الأسر المستفيدة منها”.
(الدولار = 17.80 جنيها مصريا)
المصدر: الأناضول