شهدت مصر انتقادات الأسبوع الماضي عقب مقطع الفيديو الذي نشره وزير الرياضة السعودي «تركي آل الشيخ» وظهر فيه متفاخرًا بتوظيف «الإعلامي عمرو أديب» في شبكة «إم بي سي» بعقد قيمته ثلاثة ملايين دولار في العام، إضافة إلى نصف مليون دولار من عائدات الإعلانات؛ ليحطّم الأرقام القياسية لأجور الإعلاميين المصريين، لكنه أيضًا خسر محبيه ومعجبيه الذين لم يغفروا له الخيانة.
وكتب منتقد أنّ «عمرو أديب» ذهب إلى الراعي السعودي أو «شوال الرز،، وتركي آل شيخ يتفاخر برعايته للعبد الذي اشتراه».
استخدم لفظ «شوال رز» للمرة الأولى عبدالفتاح السيسي، واصفًا المساعدات العربية التي تلقاها بعد توليه السلطة في انقلاب عسكري على الرئيس محمد مرسي في 2013؛ ومن حينها أصبح التعبير المهيمن لوصف أيّ شخص يسعى إلى شراء الأصول الوطنية المصرية.
هذا ما يراه الكاتب الإسرائيلي المختص في شؤون الشرق الأوسط «تسفي باريل» في مقاله بصحيفة «هآرتس» وترجمته «شبكة رصد»، مضيفًا أنّ «عمرو أديب» أحد هذه الأصول، وكان يعمل لدى شبكة «أون إي» التي يملكها رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، وجذب ملايين المتابعين بتحليلاته السياسية والرياضية، وكذلك شقيقه الإعلامي عماد الدين أديب.
وكان الأخوان من أشدّ مؤيدي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ويذكر كثيرون أنّ «عمرو» انتقد بشدة المتظاهرين في ميدان التحرير 2011، وقال إنّ مصر لا توجد فيها رقابة ولا حدود لحرية التعبير؛ بعكس الحقيقة.
وبعد الثورة، سرعان ما غيّر من نهجه ورأيه، وكتب عن مدة مبارك: «كنا جميعًا مهانين، ولم نعانِ من ظلمٍ وإذلالٍ مثلما عانينا أثناء حكم مبارك».
وبعد وقت قصير، أصبح عمرو أديب من مؤيدي النظام الجديد، والآن كشف أمام محبيه ومعجبيه مساعيه إلى المال، وأنه على استعداد لخيانة الأمة المصرية والعمل لدى العدو فقط من أجل حفنة من المال، كما يصفه المصريون أو المنتقدون.
ومن الصعب تحديد العدو الذي يقصده المصريون بشكل عام، خاصة وأنّ وزير الرياضة السعودي تركي آل الشيخ كان الرئيس الفخري للنادي الأهلي المصري، وهو الذي موّل الحملة الانتخابية للمرشح محمود الخطيب.
وكشف «تركي» أيضًا أنّه استثمر ملايين الجنيهات المصرية في النادي الأهلي، وبالتالي أصبح الشخص الذي يحق له تعيين المدربين واللاعبين في الفريق الوطني أو إقالتهم، حسب تقديره. وحينما عارضه المصريون كتب على صفحته في فيس بوك: «نمد لهم أيدينا ونفتح لهم قلوبنا، لكننا بالنسبة إليهم لسنا سوى شوال رز».
ويجسّد المنشور العلاقة بين مصر والسعودية، المتورطة بعمق مع مصر؛ فما حدث بين «تركي» والخطيب تجسيدٌ لما يحدث بين السيسي وابن سلمان، وما قاله «تركي آل الشيخ» وفعله يمثلان فضيحة لمصر.
وعبّر «تركي» عن أمله في أن يُصاب محمد صلاح، نجم كرة القدم المصرية؛ حتى لا يشارك في مبارايات كأس العالم. وحتى وقت قريب، كانت شبكة «إم بي سي» مملوكة لرجل الأعمال السعودي «الوليد آل إبراهيم» ابن أخو الملك فهد، وكان واحدًا من عشرات الأباطرة الذين اعتقلوا في نوفمبر الماضي بناء على أوامر من ولي العهد محمد بن سلمان.
وعُرض عليه إطلاق سراحه مقابل التخلي عن أصوله؛ لكنّ «الوليد» رفض العرض في البداية، ثمّ أبرم الصفقة مع السلطة السعودية بعد وأطلقت سراحه؛ ومن المقرر أن يبقى على رأس الشركة مقابل التنازل عن 60% من أسهمها للحكومة.
وكان الوليد ينوي إغلاق الشبكة قبل أن تستولي عليها الحكومة؛ لكنّ القرار لم يعد في يده، ووصف الكاتب الصحفي المصري سليم عزوز سلوك ولي العهد في مصر بأنّه بمثابة «تاجر الأغنام الذي نزل سوق الإبل بإمبابة ليشتري كل ما في وسعه».
والغضب الذي انتشر بين المصريين بسبب أفعال تركي آل الشيخ وأقواله يعود في الأصل إلى بيع السيسي جزيرتي «تيران وصنافير» للسعودية، وعارض المصريون القرار.