تدفق مئات اللاجئين السوريين على مخيم لاجئين مؤقت قريب من الحدود التركية هربا من أسبوع وصفوه بأنه أعنف عمليات قصف للجيش السوري منذ بدء الثورة قبل 19 شهرا.
وفي اليومين الأخيرين نصبت 700 خيمة في مزارع زيتون تقع على تل داخل الأراضي السورية مباشرة كلها مشغولة.
وكافحت عشرات العائلات التي تقطعت بها السبل لكي تصل إلى المخيم لتجد انه لا يوجد به مأوى لكنها تخشى العودة إلى ديارها لأهوال القصف المستمر.
ويراقب نبيل البالغ من العمر 20 عاما – وهو شاب شاحب تظهر دوائر سوداء أسفل عينيه – عشرات النساء والأطفال الذين جاءوا معه من قريته جبل الزاوية وهم يعودون إلى الشاحنة التي جلبتهم على أمل أن يجدوا ملاذا في قرية قريبة.
وقال "بعض القنابل كانت كبيرة للغاية حتى أنها …. تحطم كل شيء حتى المباني المكونة من أربعة طوابق. تعودنا على إلقاء صاروخ واحد أو صاروخين يوميا والآن وطوال الأيام العشرة الماضية أصبح (القصف) دائما ونركض من ملجأ إلى آخر. أنهم يسقطون بضع قنابل ويصبح الأمر كمذبحة."
وأضاف "أسرتي…وجدت أن منزلنا دمر بالكامل. لحسن الحظ كنا نختبئ في كهف. لم يكن هناك شيء أجلبه معي."
و الجدير بالذكر أن قصف الطائرات الحربية اشتدت علي قرية معرة النعمان والقرى القريبة صباح اليوم الأربعاء بعد سيطرة الجيش الحر علي تلك البلدة الإستراتيجية الواقعة علي الطريق الرئيسي الذي يربط شمال وجنوب البلاد ومسار الإمدادات الرئيسي للجيش وعدة مواقع عسكرية المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض ومقره بريطانيا أن طائرات حربية شنت سلسلة هجمات جوية على معرة النعمان وقرى قريبة صباح اليوم الأربعاء.
وأضاف المرصد انه حتى الآن قتل خمسة أشخاص من عائلة واحدة بينهم طفل وامرأة في هجوم اليوم.
وعلى مدى أسبوعين حاصر مقاتلو المعارضة وهاجموا وادي الضيف وهو قاعدة للجيش شرقي معرة النعمان ورد الجيش بقصف شديد في المناطق المحيطة.
ووفقا للمرصد قتل أكثر من 32 ألف شخص في الصراع السوري ويتزايد العدد يوميا.
واتهم بسام – وهو عامل بناء يبلغ 19 عاما من قرية قرب معرة النعمان – الجيش بشن هجمات انتقامية.
وقال "في كل مرة يتقدم فيها مقاتلو المعارضة نتعرض للضرب. بالإضافة الى ذلك يوجد أفراد من الجيش السوري الحر في البلدة. ولذلك فإننا في الأساس نتحمل عبء الهجمات الانتقامية التي يشنها الجيش."
وتقدم للاجئين وجبتان يوميا بواسطة متطوعين من الجمعيات الخيرية التركية لكن الذين يعيشون هنا يعانون من المطر والليالي الباردة التي تنذر بالشتاء القادم. وقدمت منظمات خيرية مختلفة الخيام وان كانت المنظمات الدولية الرئيسية ليس لها حضور فيما يبدو.
وعند غروب الشمس تجتمع الأسر في المخيم حول النيران مصدرهم الوحيد للدفء.
وكان معظمهم يأملون في الذهاب إلى تركيا لكن تقطعت بهم السبل في الجانب السوري من الحدود. وتقول تركيا التي تستضيف أكثر من 100 ألف لأجيء أنها لا يمكنها قبول مزيد من اللاجئين إلى أن تبني المزيد من المخيمات. وحتى هذا الحين تنتظر العائلات هنا على أمل أن تتحقق تلك الوعود.
وبدون راع رسمي تكون الأحوال مزرية وتزداد سوءا مع زيادة عدد المقيمين. ويوجد مرحاضان فقط لمجموعة لاجئين يبلغ عددها نحو عشرة آلاف شخص.
وتحاصر الروائح الكريهة المخيم وتوجد خيمة واحدة للإسعافات الأولية مزدحمة دائما بأشخاص يطلبون مساعدة طبية.
وتشكو النساء من انه لا يوجد مكان لهن للاستحمام حيث أماكن الاغتسال في العراء.
وقالت لاما وهي امرأة شابة هربت عائلتها مع عشرات الأشخاص من كفر عويد وهي قرية صغيرة في أدلب "لم أتمكن من الاغتسال منذ أن وصلت قبل أسبوع. إنني أرى نساء يغتسلن بملابسهن."
وبدأت عائلات في التجمع على الحدود هنا قبل شهرين والذين وصلوا في البداية أمضوا عدة أسابيع تحت الأشجار قبل أن تبدأ منظمات خيرية في جلب الخيام.
ومع تزايد الأعداد بسرعة يوجهون نداء للحصول على المساعدة وخاصة الأغطية والملابس للأشخاص الذين وصلوا وليس بحوزتهم أي شيء.
وعند سفح التل قام هيثم بلباش وأبناؤه بحفر قنوات حول خيمتهم الملطخة بالوحل على أمل تحويل مسار الإمطار بعيدا عن ملاذهم الصغير الذي يأوي عائلة من 12 شخصا.
وتنهد قائلا "قنابل قنابل قنابل. فقدت خمسة من أقاربي هذا الشهر." وأضاف "منزلي سوي بالأرض. ذهبنا إلى قرية أخرى. ثم بدأت تتعرض للضرب ولذلك شعرنا بأنه لا خيار إمامنا غير أن نأتي إلى هنا وننتظر."
وهز رأسه وهو يفكر في المسار الذي تتجه إليه بلاده.
وقال "هل بقي أي شيء من سوريا؟ إنني لا أفكر في مستقبلي .. حياتي انتهت عند هذه المرحلة. لكني آمل أن تنتهي (الحرب) من اجل أولادي".
قصدت عائلات كثيرة أصابها اليأس من أن تجد ملاذا وملت الانتظار إلى نقطة عبور "باب الهوى" القريبة لكن تركيا توافق فقط على دخول الذين يحملون جوازات سفر. لكن هرب كثيرون دون أوراق هوية أو لم يستخرجوا جواز سفر من قبل قط.
وطالب حشد من الرجال والنساء الذي يحملون أطفالا يبكون بدخول تركيا لكن المسئولين أغلقوا البوابات.
وداخل المخيم المؤقت في سوريا فكر نبيل في العودة إلى منزله في جبل الزاوية رغم القصف.
وقال "أعتقد انه من الأفضل أن أموت شهيدا بالقنابل من أن أعيش هنا مثل الحيوان."