كشفت وثيقة مرفوعة إلى المحكمة الجزئية الأميركية في مقاطعة كولومبيا أنّ الجيش الأميركي قرر إطلاق سراح «جون دو»، مواطن أميركي سعودي (مزدوج الجنسية) اُحتُجز منذ أشهر في مكان سرّي بالعراق بتهمة العمل مع «تنظيم الدولة»، قبضت عليه في سوريا «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية عند نقطة تفتيش في سبتمبر 2015، وحينها كانت أميركا تدعمها لتستعيد الأراضي التي سيطر عليها التنظيم بسرعة.
هذا ما رصدته صحيفة «وول ستريت جورنال» في تقرير لها ترجمته «شبكة رصد»، مضيفة أنّ القوات السورية فتّشت حينها المشتبه فيه، وعثرت معه على وثائق تكشف تبعيته للتنظيم؛ فُسلّم إلى الجيش الأميركي، ودار الجدل في الشهور الأخيرة بشأن كيفية معاقبة المتهمين الذين انضموا إلى «تنظيم الدولة» في سوريا والعراق وصعوبة خضوعهم إلى محاكمة مدنية.
وندّدت منظمة «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية»، محامية السجين، بالقرار في بيان، قائلة إنه أثبت أنّ الرجل لم يمثّل تهديدًا للمصالح الأميركية، مضيفة: إنهم يريدون إلقاء مواطن أميركي على جانب الطريق في بلد مزقته الحرب دون أيّ ضمانات لحمايته أو أوراق ثبوتية؛ و«ما تقدمه الحكومة لعملائنا هو إبقاء سجنهم، إنّه أمر بالقتل، وهي طريقة مخزية للتعامل مع مواطن أميركي».
وعارض الاتحاد خطة الجيش الأميركي السابقة لنقل السجين إلى السعودية، وحكمت المحكمة المحلية لصالح الاتحاد في أبريل؛ فيما أيدت محكمة الاستئناف الفيدرالية القرار الشهر الماضي في تصويت 2-1.
ولم يعلن الجيش الأميركي عن الأدلة التي بسببها قبض على المتهم، إن وجدت، وزعم أنّه جمعها للاستدلال على أنّه كان يقاتل بصحبة «تنظيم الدولة». وقال محامو الحكومة في المحكمة إنهم يعملون على تحديد ما يربط السجين بالتنظيم في أسرع وقت ممكن.
وزارت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، التي تراقب رفاه السجناء وإيصال رسائلهم إلى أقاربهم، المحتجز مرتين؛ لكن لم تعلن تفاصيلهما وما إذا أبلغت عائلة السجين.
ومنذ 2015 تواجه الإدارة الأميركية معضلة قضائية لا تعلم كيف تتعامل معها بسبب «جون»؛ فبعد القبض عليه أخبر القاضي التابع لوزارة العدل الأميركية حينها القاضي الفيدرالي المسؤول عن متابعة الوضع القانوني للمعتقل أنّ الحكومة الأميركية مازالت في المرحلة الأولى للتباحث في وضعه القانوني، خاصة وأن هذه الحالة لم يسبق لها مثيل في تاريخ القضاء.
وجعل حمل «جون دو» جنسية مزدوجة الإدارة الأميركية تفكر في طلب نقله للسعودية، خاصة وأنّ المملكة تعمل على استضافة مثل هؤلاء المعتقلين في مركز التأهيل الذي تديره الحكومة ومزوّد بأفضل التجهيزات الترفيهية والعلاجية لضمان إعادة تأهيلهم.
لكنّ المشكلة أنّ إدارة ترامب إذا وافقت على نقله إلى السعودية يعني حتمًا أنّ ترامب قرر العدول عن سياسته الرافضة لنقل معتقلي جوانتانامو إلى المملكة؛ وهو الأمر الذي استغله الرئيس الأميركي لقيادة حملة انتقادات ضد إدارة أوباما.
وسيطر «تنظيم الدولة» على مساحات شاسعة من سوريا والعراق المجاورة في ذروة قوته، لكنه طُرد من معاقله الحضرية النهائية في الخريف الماضي؛ ولا يزال يسيطر على جيوب متفرقة في البلاد، في الوقت الذي تظهر فيه جماعات أخرى متطرفة مرتبطة بالقاعدة وغيرها.