يرى الدكتور محمد مختار الشنقيطي، أستاذ الأخلاق السياسية بجامعة حمد بن خليفة القطرية، أنّ تهديد السعودية باستخدام القوة ضد قطر إذا اشترت منظومة الدفاع الروسية «إس 400» أقرب إلى الحرب النفسية منه إلى الموقف السياسي أو العسكري الجدّي؛ لكنه يدل على سوء نية وانعدام أيّ توجّه للمملكة لإنهاء الأزمة العبثية التي افتعلتها رفقة الإمارات ضد قطر.
ومساء الجمعة الماضية، قالت صحيفة «لوموند» الفرنسية إنّ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز طلب تدخّل الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» والضغط لمنع قطر من الحصول على منظومة الصواريخ الروسية «إس 400»؛ بزعم الحفاظ على استقرار المنطقة، وهدّد «باتخاذ كل الإجراءات المناسبة لتحييد هذه المنظومة الدفاعية، بما في ذلك التدخل عسكريًا».
إصرار متزايد
وأضاف الشنقيطي في تصريح لـ«رصد»: الطريف أنّ السعودية طلبت من روسيا شراء منظومة الدفاع ذاتها التي تحذّر من امتلاك قطر لها؛ ما يدل على ازدواجية المعايير في السياسة السعودية الآن. ومهما يكن من أمر؛ فهذه التصريحات ستزيد من إصرار القطريين على تحقيق الاستقلال الاستراتيجي بعيدًا عن المملكة، المفترض أن تكون عمقًا استراتيجيًا لقطر لا مصدر تهديد وابتزاز لها.
وصواريخ «إس 400» أحدث الإصدارات الروسية، قادرة على تدمير أهداف من مسافات بعيدة، وبإمكانها تتبع 300 هدف في وقت واحد؛ ومدى تدميرها للطائرات بين ثلاثة كيلومترات و240، وبإمكانها تدمير جميع أنواع المقاتلات واعتراض الصواريخ المجنحة.
وقال الشنقيطي إنّ السعودية هي الخاسرة في النهاية؛ لأنها تُبعد الجميع عنها، وتفقد كل حليفٍ بسياسات العنجهية والابتزاز التي تتبناها قيادتها الحالية.
مراحل متقدمة
وتأتي تصريحات السلطات السعودية تصعيدًا لما بدأته في الخامس من يونيو 2017، رفقة الإمارات والبحرين ومصر، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وأوقفوا الحركة البحرية والبرية والجوية معها، واتّهموها بدعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار في المنطقة والتحوّل عن محيطها العربي تجاه إيران؛ لكنّ قطر نفت ذلك، مؤكدة أنّ هذه الإجراءات غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة وتهدف إلى التأثير على استقلالها.
ومطلع العام الجاري، أعلن السفير القطري في موسكو «فهد بن محمد العطية» أنّ بلده مهتمة بالحصول على منظومة «إس 400» الروسية، والمفاوضات بين البلدين وصلت إلى مراحل متقدمة.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي «ألكسي كوندراتييف» أنّ «موقف السعودية بهذا الصدد مرتبط بموقف أميركا، التي لا تريد أن تفقد سوق السلاح الإقليمي؛ لأنه كبش كبير لها، وستواصل الضغط على السعوديين»، وأضاف: «من الواضح أنّ السعودية تؤدي في المنطقة دورًا مهيمنًا، وتعزيز الجيش القطري لمقدراته العسكرية عن طريق منظمة الدفاع الجوي (إس 400) يعطيه مزايا واضحة؛ لذلك التوتر في السعودية أمر مفهوم»، كما إنّ «بلده تسعى إلى خدمة مصالحها ودعم ميزانية الدولة عبر تزويد قطر بمنظومة إس 400… موقف السعودية هنا ليس له علاقة، وروسيا لن تغيّر خططها».