قال المهندس ممدوح رسلان، رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، إنّه سيُطرح على المستثمرين «إعادة استخدام مياه الصرف الصحي» بنظام حقّ الانتفاع؛ فكلّ محطة صرف، خاصة في الصعيد، تحيط بها أراض واسعة تتراوح بين ثلاثة آلاف فدان وخمسة آلاف، وفقًا لحجم المحطة وطاقتها الإنتاجية.
وأضاف أنّه من المقرر تقسيم هذه الأراضي إلى قطع وطرحها على المستثمرين، وتُستخدم في الزراعة عبر الاستفادة بمياه الصرف المعالَجة، التي ستحدد الشركة القابضة تعريفتها ولا تتدخل في نوع الزراعات؛ ولكن يُلتزم بالكود الجديد الذي ينصّ على نوعية معينة من الزراعات طبقًا لنوع المعالجة.
وأوضح أنّ الطاقة الإنتاجية لمحطات الصرف الصحي، البالغ عددها 3310، تصل إلى 3.8 مليارات متر مكعب سنويًا، بواقع 10.5 ملايين متر مكعب في اليوم؛ والاستفادة من كميات المياه المهدرة يساهم في تقليل استهلاك مياه نهر النيل وترشيده.
بدء الإعلان عن مياه الصرف
قال عبدالفتاح السيسي أثناء افتتاحه وحدات سكنية بمدينة «6 أكتوبر» يوم 7 فبراير 2016 إنّ المصريين بإمكانهم شرب مياه الصرف الصحي بعد معالجتها طبقًا للمعايير الدولية، وإنّ مصر تحتاج لنحو 23 مليار جنيه لإنجاز وحدات المعالجة الثلاثية في العامين المقبلين؛ وأضاف: «هنتكلم كتير لتوصيل الرسالة للمصريين؛ لأن المشاريع دي محتاجة مليارات، والكلام ده مش يهز المصريين».
وفي 13 أغسطس 2016 أعلن السيسي عن بداية ضخ 3.5 مليارات متر مياه صرف صحي في محطات مياه الشرب لمعالجتها.
وتخشى مصر أن يخفّض سد «النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا حصتها من مياه النيل، البالغة نحو 55 مليار متر مكعب، تصل 80% منها عبر النيل الأزرق الذي تقيم إثيوبيا السد عليه، وتعتمد مصر عليها في الشرب والري، وتقول إنّ السد يهدد إمدادات المياه التي تغذّي الزراعة والاقتصاد فيها منذ آلاف السنين؛ بينما تسارع إثيوبيا في تشغيله بشكل مبدئي العام الحالي، دون انتظار نتائج دراسات مكاتب استشارية فرنسية للتأثيرات السلبية على دول المصب؛ وانتهت من تركيب أربع توربينات توليد كهرباء في جسم السدّ (من أصل 16) لتوليد ستة آلاف و450 ميجاوات من الكهرباء.
«خطة إسرائيلية»
وفي يناير الماضي، وأثناء افتتاحه مشروعات بمدينة العاشر من رمضان، قال السيسي إنّ «مصر لم تكن تستفيد من حصة المياه المتاحة، وإن إنشاء المحطة التي تتكلف 60 مليار جنيه، هي الأكبر تكلفة بالنسبة لمصر، تأتي لتحقيق الاستفادة القصوى من حجم المياه المتاح، وإن حكومته بصدد تحلية المياه «مرة واتنين وتلاتة، معالجة ثلاثية، لحوالي مليار متر مكعب مياه بالسنة، بحيث لا تؤثر المياه على صحة المواطن والاستخدام الآمن للزراعة».
وعلّق الكاتب الصحفي عامر عبدالمنعم على حديث السيسي قائلًا إنّ «تكرير مياه الصرف الصحي ليستخدمها المصريون بعد فشل المفاوضات. الشرب والزراعة فكرة إسرائيلية، جاءت كمقترح في وثيقة جيورا أيلاند الرئيس الأسبق لجهاز الأمن القومي الإسرائيلي التي تشرح صفقة القرن، حيث اقترحت الخطة الإسرائيلية إنشاء محطات لتحلية مياه البحر ومحطات لتنقية مياة الصرف الصحي بقروض من البنك الدولي والمؤسسات الدولية لحل مشكلة نقص المياه في مصر!».
وتابع: «لا توجد دولة في العالم تسقي شعبها مياه المجاري، والدول التي تعيد تدوير مياه الصرف بعد تنقيتها تستخدمها (على نطاق ضيق) في الحدائق وري الأشجار غير المثمرة على الطرق، موضحا أن الإصرار على المضي في تنفيذ محطات تكرير مياه المجاري لضخها في مرفق مياه الشرب جريمة لا تقل عن جريمة التفريط في نهر النيل وبيعه لإثيوبيا»، مضيفًا أنّ هذه الفكرة الإسرائيلية أشدّ تدميرًا لمصر من القنبلة النووية، كما أكّد أنّه حال استمر هذا الجنون ستتحول البلد إلى مستنقع موبوء.
فشل كلوي و أمراض الكبد
من جانبه، قال الدكتور سمير عنتر، استشاري أمراض الباطنة ونائب مدير مستشفى الحميات، إنّ «المعالجة الثلاثية للصرف الصحي لا تقتل الجزيئات الناتجة عن فضلات المواطنين؛ فهي تنقّي المياه فقط، لكنّ هذه الجزيئات تصبح مثل المعادن في الماء، لا تخرج أبدًا؛ وبالتالي ينتج عن استخدامها في الزراعة ثمار فاسدة وتسبّب أمراض الكلى والكبد بسرعة».
وأضاف أنّ «المياه المحلاة من البحر لا تصلح أيضًا لزراعة المحاصيل؛ بسبب ارتفاع نسبة الملوحة فيها، وغياب عناصر المياه العذبة، بالرغم من أنّها أنقى ألف مرة من مياه الصرف الصحي؛ لأنها متجددة، كما إنّها تقتل أيّ مياه غريبة تدخل عليها مثل مياه الصرف الصحي نفسها»، موضحًا أنّ «أمراض الفشل الكلوي وفيروسات الكبد تنتشر في القرى الفقيرة المعدومة الخدمات وتشهد فيها الزراعة ريًا بمياه مختلطة بالصرف الصحي».