تأتي تصريحات المستشار أحمد أبو زيد المتحدث باسم وزارة الخارجية، برفض النظام الكامل لتصريحات المتحدثة باسم جهاز الخدمة الخارجية للاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء، بشأن مصر، والتي تناولت فيها ما يتعرض له النشطاء السياسيون من حملات اعتقال فضلا عن التضييق على الحريات الاعلامية وأصحاب الرأي.
وهناك عدة دلائل تكشف تزييف تصريحات الخارجية المصرية التي تتبرأ مما جاء في البيان الأوروربي.
وقالت ماجا كوسيجانسيس، المتحدثة الرسمية باسم الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية، إن «الاستقرار المستدام والأمن لا يمكن إلا أن يسيرا معًا، مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والحريات الأساسية؛ بما يتماشى مع دستور مصر والتزاماتها الدولية».
وأضافت أنّ «العدد المتزايد لحالات القبض على المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين والمدونين في الأسابيع الأخيرة بمصر يمثّل تطوّرًا مثيرًا للقلق… في الوقت الذي تسعى فيه مصر إلى تعزيز الديمقراطية وسيادة القانون، فاحترام التعبير السلمي عن الرأي والنقد أمر هام، ويجب ألا يخاف الواقفون من أجل الحقوق الأساسية والديمقراطية من الانتقام»؛ داعية السلطات المصرية إلى احترام الدستور والالتزامات الدولية.
رد الخارجية
فيما اعتبرت الخارجية أن البيان منافٍ للحقيقة، زاعمة على لسان متحدثها المستشار أحمد أبو زيد أن مصر دولة قانون، ومنابرها الإعلامية المستقلة والمتنوعة خير شاهد على ما تتمتع به من حرية رأى وتعبير، مشيرا إلى أنه لا يوجد مواطن في مصر يتم القبض عليه أو محاكمته بسبب ممارسة نشاط في مجال حقوق الإنسان أو لتوجيهه انتقادات ضد الحكومة المصرية، وإنما لاقترافه جرائم يعاقب عليها القانون.
صحفيون في المعتقلات
وأكبر دليل على كذب الخارجية هو ما تكشفه حالات انتهاك الحرية الصحفية والإعلامية في مصر، مما تعلن عنه عمليات الرصد الذي تنشره وسائل الإعلام المصرية والأجنبية ونقابة الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان.
وفي نوفمبر 2017، طالبت منظمة العفو الدولية، نظام السيسي بالإفراج عن الصحافي، إسماعيل الإسكندراني، لكتابته تقارير صحفية تنتقد العمليات العسكرية في شمال سيناء، مؤكدة وجود ما لا يقل عن 25 صحفيًّا وراء القضبان في الوقت الراهن في مصر لقيامهم بعملهم المشروع.
والعام الماضي أصدرت المحاكم أحكامًا بالسجن بحق ما لا يقل عن 16 صحفيًّا لمدد تتراوح بين ثلاثة أشهر وخمس سنوات؛ وتضيف المنظمة: وقضى المصور الصحفي محمود أبو زيد، المعروف باسم “شوكان”، أكثر من سنتين رهن الحبس الاحتياطي لتبدأ بعد ذلك محاكمته بشأن طيف من التهم الزائفة في 2016.
وفي إبريل 2018، أيدت محكمة النقض حكم السجن 5 سنوات بحق الصحفيين سامحي مصطفي، وعبد الله الفخراني.
وسامحي مصطفى هو عضو مجلس إدارة شبكة «رصد» الإخبارية وأحد مؤسسيها، وقد اعتقل مع عبد الله الفخراني عضو المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في يوم 25 أغسطس 2013.
اعتقال النشطاء
وهناك الآلاف من النشطاء السياسيين، وأصحاب الرأي والمواطنيين البعيدين كل البعد عن الانتماءات السياسية، داخل السجون بدون أدلة حول التهم الموجهة إليهم، والسبب في الغالب هو المعارضة السياسية بكلمات بسيطة، وآخر هؤلاء كان حازم عبد العظيم ذلك الناشط السياسي الذي كان ضمن حملة عبد الفتاح السيسي الانتخابية في 2014، لكن خلال السنوات الماضية تراجع عن تأييد السيسي وكشف أسرار تدخل المخابرات في العمل السياسي بمصر لصالح السيسي.
وانقلب عبد العظيم على السيسي منذ 3 أعوام، حيث قام بمراجعة مواقفه وتأييده للنظام العسكري بمصر، وكانت أولى تلك المراجعات التي أعلنها شهادته الجريئة على عملية طبخ البرلمان، وكتب بعدها اعتذارًا لكل رفقاء الثورة، وأعلن ندمه على تأييده للعسكر.
وجاءت عملية اعتقال عبد العظيم ضمن حملة القبض على عدة نشطاء خلال الأسابيع الأخيرة كان من آخرهم المدون وائل عباس الذي قررت نيابة أمن الدولة العليا حبسه 15 يوما احتياطيا بعد أن حققت معه بتهم عدة بينها “المشاركة في تنفيذ أهداف جماعة إرهابية”.
وقال البيت الأبيض الخميس الماضي، إن مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي أبلغ السيسي في اتصال هاتفي بأن الولايات المتحدة قلقة إزاء احتجاز نشطاء لا ينتهجون العنف في مصر رغم إطلاق سراح سجناء آخرين في الآونة الأخيرة.
اعتقال الأبرياء
ومن ضمن الشواهد التي تكذّب بيان الخارجية، هو أن المواطنين الأبرياء والبعيدين تماما عن الحياة السياسية لم يسلموا من بطش الداخلية، ففي مارس الماضي ألقت قوات الامن الوطني على سيدة تحدثت لـ«بي بي سي» عن اختفاء ابنتها قسريا واحتجازها وتعذيبها من قبل أجهزة الأمن.
وأمر النائب العام بحبس منى محمود محمد المعروفة باسم “أم زبيدة” لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات في اتهامات من بينها “نشر وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح الوطنية للبلاد، والانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون”.
وذلك الإجراء جاء بعد أيام من ظهور الأم في تقرير تلفزيوني بثته «بي بي سي» باللغة الانجليزية اتهمت فيه أجهزة الأمن المصرية بالقبض على ابنتها وتعذيبها، وأشارت إلى أن زبيدة مختفية منذ أبريل 2017.