رفضت «إسرائيل»، حتى صباح اليوم الأربعاء، الإعلان صراحة عن التوصل إلى اتفاق تهدئة مع الفصائل الفلسطينية في غزة، فيما يتحدث الإعلام العبري عن التوصل إلى تفاهم لوقف إطلاق النار مع «حماس» دون وساطة مصرية.
وقالت هيئة البث العبرية، إن المصادر السياسية «الإسرائيلية» لم تؤكد أو تنفِ التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
لكن هيئة البث نقلت، صباح اليوم، عن تلك المصادر التي لم تحدد هويتها قولها: «لن تبادر إسرائيل إلى إطلاق النار، غير أنها سترد على أي اعتداء وتجبي ثمنا باهظا».
من جهته، قال مسؤول إسرائيلي للقناة العاشرة: «لقد أوصلت إسرائيل رسالة إلى حماس، بأنه في حال استمرار إطلاق الصواريخ من غزة، فإن الغارات الإسرائيلية على حماس وغيرها من المنظمات ستكون أعنف وأشد قوة».
غير أن وزير الاستخبارات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أفاد لهيئة البث الإسرائيلية بأنه «لا يوجد وقف إطلاق نار، وإنما هناك حكومة إسرائيلية ملتزمة بوقف إطلاق النار على مواطنيها وأراضيها».
وأضاف كاتس قائلا: «لا يوجد تفاهمات مع حماس، والجيش الإسرائيلي سيقوم بمهمته، وإذا واصلت حماس إطلاق النار فإنها تعرف ما الذي سيحدث لها».
أما صحيفة «هآرتس»، فذكرت أن «تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، هي أن الجولة الحالية من العنف في غزة قد وصلت نهايتها».
وأضافت أنه «رغم حقيقة أن التفاهمات لوقف إطلاق النار تم التوصل إليها أحاديا من خلال محادثات حماس مع الوسطاء المصريين، إلا أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ستحترم الهدوء إذا أوقفت حماس إطلاق النار على إسرائيل».
وتابعت الصحيفة: «ستحترم إسرائيل الاتفاق إذا ما تم احترام الهدوء، من أجل الإبقاء على مصر جهة وساطة».
وكانت حركة «حماس» أعلنت، في ساعة مبكرة من صباح اليوم، التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل عبر وساطات، يقضي بالعودة إلى تفاهمات وقف إطلاق النار المعمول بها منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع عام 2014.
وقال محلل إسرائيلي، إن الحكومة الإسرائيلية لا تملك أي خطة مستقبلية للتعامل مع قطاع غزة، وهو ما قد يتسبب في «اندلاع جولة جديدة من العنف في حال استمر تدهور الأحوال الإنسانية في القطاع».
وقال الكاتب «بن كسبيت»، في مقال له، اليوم الأربعاء، في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، إن كل ما تقوم به حكومة بنيامين نتنياهو هو «انتظار جولة العنف المقبلة، دون تقديم ما يمكن أن يخفف من أزمات غزة ويمنح شيئا من الأمل لسكانها»، بحسب الأناضول.
وأضاف بن كسبيت، أن هذه المعادلة وضعها «منسق عمليات الحكومة في الأراضي الفلسطينية السابق يوآف مردخاي قبل حرب 2014، وتقضي هذه المعادلة بتوقع مواجهة عسكرية كلما تدهور الوضع (الإنساني) داخل قطاع غزة».
وتابع: «هل ستنتظر الحكومة الإسرائيلية سقوط صاروخ فلسطيني في روضة أطفال إسرائيلية حتى تقرر حينها اجتياح غزة بالكامل؟».
وقال الكاتب الإسرائيلي، إن وزير الدفاع الحالي، أفيجدور ليبرمان، كان أحد أبرز الداعين إلى اجتياح القطاع في حرب 2014، وانتقد المستويين السياسي (رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو) والعسكري (وزير الدفاع في حينه موشيه يعالون)؛ بسبب عدم قيامهما بذلك.
الآن ليبرمان نفسه -يقول بن كسبيت- يعلن أن إسرائيل ترد على القصف من غزة بقصف المواقع التي تطلق منها الصواريخ فقط.
ويقول الكاتب: «هذه الردود ينفذها سلاح الجو، أما القوات البرية فلم تتدخل في المواجهة الحالية، ليبرمان الذي كان يدعو إلى اجتياح غزة.. يرد على القصف بقصف الآن!».
ويعلق بن كسبيت على وعود نتنياهو التي لم يحقق أيا منها بالقول: «الآن كل ما تستطيعه إسرائيل هو الرد على مصادر النيران فقط».
ويشير المحلل الإسرائيلي إلى أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، «تسيبي ليفني»، طرحت بعد حرب 2014 على مجلس الأمن الدولي خطة لترتيب الأوضاع في غزة، ستؤدي في النهاية إلى الخروج من المأزق الدائم بين غزة وإسرائيل.
وقال: «كانت الخطة لا تكلف إسرائيل شيئا، ولاقت ترحيبا في مجلس الأمن، ومن قبل وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري الذي ضغط على نتنياهو لقبولها، لكن نتنياهو رفض الخطة، وقال لليفني: بماذا ستفيدني هذه الخطة؟».
ويتساءل بن كسبيت عما يستفيده نتنياهو من الوضع القائم أيضا، ويضيف: «صحيح أن تدمير غزة قد جلب حالة هدوء في السنوات الأخيرة، لكن لكل ذي بصيرة ومنطق قناعة أن هذا الوضع لن يدوم».
وكانت خطة ليفني تقضي بتعاون دولي لحل أزمات غزة مثل بناء محطة كهرباء، ومحطة لمعالجة المياه العادمة، وتحسين الأوضاع في القطاع، بدلا من انتظار الجولة المقبلة من العنف.
وتابع الكاتب الإسرائيلي: «أجهزة الأمن، والجيش والشاباك (المخابرات الإسرائيلية) كلها توصي باتخاذ خطوات لتحسين الأوضاع الاقتصادية في غزة؛ لأن ذلك قد يمنح الغزيين بعضا من الأمل، حتى الجيش نفسه يوصي بالسماح لآلاف الغزيين بالعمل في مستوطنات محيط غزة، تحت رقابة أمنية بالطبع. والشاباك الذي يعارض عادة مثل هذه الخطوات، أوصى بها أيضا».
وأضاف موضحا: «السبب بسيط، وهو أن الوضع الاقتصادي في الضفة منع تحوّل فترة الهجمات بالسكاكين إلى انتفاضة شاملة؛ لأن عشرات آلاف العمال ينطلقون كل صباح للعمل في إسرائيل وجلب الرزق لأبنائهم، ووضع مشابه في غزة قد يؤدي إلى تهدئة الأوضاع، لكن يبدو أننا نحن (الإسرائيليين) الذين لا نريد التهدئة».