عقدت مجلة «ناشيونال إنتريست» اجتماعًا برئاسة «زلماي خليل زاد»، السفير السابق لدى الأمم المتحدة وأفغانستان والعراق؛ لتقييم انعكاسات الانسحاب الأميركي من الصفقة الإيرانية، ومناقشة مواضيع متنوّعة؛ بما فيها إمكانية إنقاذ خطة العمل المشتركة بعد الانسحاب الأميركي، وما إذا كانت هناك حرب محتلمة قادمة، وتوابع فرض العقوبات الأميركية على الشركات الأوروبية العاملة في إيران وعواقبها.
وأعلن الرئيس دونالد ترامب في الثامن من مايو انسحاب أميركا من الصفقة النووية الإيرانية؛ ما خلق غضبًا دوليًا، وهدّد بإشعال التوترات في الشرق الأوسط، خاصة بعد نقل السفارة الأميركية الاثنين الماضي.
وأكّد «بول بيلرا»، الأستاذ في جامعة جورجتاون وضابط الاستخبارات الوطنية السابق في منطقة الشرق الأوسط، أن هناك فرصة لإنقاذ الصفقة؛ مقترحًا أن تبحث إيران مع الأعضاء الباقين في الصفقة كيفية إنقاذ ما تبقى منها، وبحث مدى توقفها أو استمرارها.
أما «وف إس زاخيم»، نائب رئيس مركز ناشيونال إنتريست ووكيل وزارة الدفاع السابق في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، فجادل بأنّ الفرص يجب أن تنقلب؛ فهناك فرصة بنسبة 66% بإنقاذ الصفقة، والسؤال: كيف يمكن ذلك؟
بينما جادل آخرون بأنّ الأطراف الأخرى في الاتفاق قد تسعى إلى حثّ إيران على الالتزام بالاتفاق النووي، خاصة إذا قدّموا حوافز مالية كبرى أو عقودًا جانبية، أو حتى إجبار أميركا على العودة للاتفاقية بمعالجة مخاوفها الأمنية. فعلى سبيل المثال، يعتقد «بول» أنّ أوروبا عازمة البحث عن اتفاقات أخرى تقلّل من أثر برامج إيران للصواريخ الباليستية.
أما «زاخيم» فاقترح أنّ الطريقة الوحيدة لإنقاذ الصفقة أن يؤخّر ترامب تطبيق العقوبات الثانوية، مؤكدًا أنّ الانسحاب الأميركي من الاتفاقية يعرّض الناتو إلى عواقب خطيرة.
خيبة أمل
وبالرغم من ذلك، هناك معضلة أخرى، وهي ما إذا كانت إيران مستعدة أو لا ترغب في البقاء في الصفقة، أو أن تثق بأميركا مرة أخرى في أي وقت قريب. وحضر السفير الروسي في أميركا «أناتولي أنتونوف» وأكّد أنه لا يعتقد أن الاتفاق سيبقى على قيد الحياة.
وأضاف السفير: بالطبع نشعر بخيبة أمل كبرى وعميقة بسبب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتخلي عن الاتفاقية، ويبدو لي أنّ الإدارة الأميركية تحمل في قراراتها بعد الآثار السلبية مدّة من الاتحاد السوفيتي؛ فهي بطريقة أو بأخرى تعتقد أنّ إيران ستنتهج نهج الاتحاد السوفيتي.
وبشأن إمكانية بقاء إيران في الاتفاقية أو انسحابها، أكّد الحاضرون أنّ الدول الأوروبية هي المفتاح أمام إيران حاليًا، وستحدّد ما إذا كانت ستبقى في الاتفاقية أم ستنسحب منها؛ مؤكدين أنّه لا بد أن يقدموا ضمانات لإيران لإبقائها في الاتفاق. ومن ناحية أخرى، ضمان ألا تصل العقوبات الأميركية لشركاتهم العاملة مع طهران؛ وهي معضلة وصفها الحاضرون بالصعبة.
فيما حذّر «بيلار» من أنّ هناك احتمالية لحدوث تصادم عسكري بين إيران وأميركا أو «إسرائيل»، وقد يساعد على نشوب هذه الحرب سوء الفهم المتفشي حاليًا بين الدبلوماسيين المختلفين وفي المناقشات التي تتناول القضايا الشائكة، كما إنّ الدبلوماسية التي كان يتبعها أوباما لم تعد موجودة حاليًا؛ على الرغم من مساهمتها إلى حد كبير في العمل على ضرورة الحد من أيّ عمل أو رد فعل عسكري، وتأييد الحلول القائمة على التفاوض.
واستطاعت اتفاقية إيران النووية التي أبرمها أوباما الحدّ من قدرات إيران على تطوير صواريخ نووية، أو على الأقل طوّلت من المدّة التي ستستغرقها لذلك. ولا يعني الانسحاب الأميركي من الاتفاقية بدء إيران على الفور تطوير أنشطتها النووية؛ وهو ما ينبغي استغلاله للإسراع في اتّخاذ إجراءات تحول دون ذلك. كما رأت اللجنة أنّ توجيه ضربة لإيران ستقضي على المصالح الأميركية.