تراجعت حدة الاحتجاجات الفلسطينية على حدود قطاع غزة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اليومين الماضيين وسط تقارير بتدخل مسؤولين مصريين لاستعادة الهدوء بعد مقتل عشرات الفلسطينيين بنيران «إسرائيلية».
ونفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المهيمنة على القطاع تعرضها لأي ضغوط من مصر للحد من الاحتجاجات المستمرة منذ ستة أسابيع وقالت إن المظاهرات ستستمر.
وقال مسعفون في غزة إن فلسطينيين قتلا بالرصاص خلال احتجاجات وقعت يوم الثلاثاء الماضي، على الحدود التي يبلغ طولها 51 كيلومترا، ويوم الاثنين، قتلت قوات الاحتلال 60 فلسطينيا في احتجاج أكبر بكثير تزامن مع نقل الولايات المتحدة لسفارتها في «إسرائيل» إلى القدس.
وكان هذا أكبر عدد من القتلى الفلسطينيين يسقط في يوم واحد منذ سنوات، وأثار الأمر أزمة سياسية، وسحبت السلطة الفلسطينية، التي تقول إن واشنطن تخلت عن دورها كوسيط محايد في الصراع الممتد منذ 70 عاما، ممثلها في واشنطن، وطردت تركيا و«إسرائيل» سفير كل منهما لدى الأخرى.
وأعلنت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية يوم الأربعاء استدعاء مبعوثيها في رومانيا والمجر والنمسا وجمهورية التشيك لأن هذه الدول شاركت في حفل استقبال للوفد الأميركي الذي افتتح السفارة.
وأضافت الوزارة في بيان أنها «استدعت سفراءها في كل من رومانيا والتشيك وهنغاريا (المجر) والنمسا للتشاور معهم على أثر مشاركة سفراء هذه الدول في حفل الاستقبال الذي أقيم في وزارة الخارجية الإسرائيلية احتفالا بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس وإعلان القدس عاصمة موحدة لإسرائيل».
وردا على الانتقادات الأجنبية لتصرفات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اتهمت «إسرائيل»، بتأييد من واشنطن، حركة حماس باستخدام المدنيين غطاء لهجمات عبر السياج الحدودي وتشتيت الانتباه عن المشاكل الداخلية في غزة، وهو ما تنفيه حماس.
وكان العنف على الحدود منحسرا بشكل ملحوظ يوم الأربعاء، وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن دبابة استهدفت موقعين لحماس في جنوب قطاع غزة بعد تعرض قوات لنيران. ولم يعلن أي جانب عن سقوط قتلى أو جرحى.
وجاء في بيان لجيش الاحتلال الإسرائيلي أن طيرانه أصاب أربعة أهداف لحماس في شمال قطاع غزة بعد منتصف الليل ردا على نيران بالأسلحة الآلية الثقيلة أصابت عددا من البيوت في وقت سابق في بلدة سديروت الإسرائيلية.
وذكر مسؤولون طبيون في غزة أن واحدا من سكان القطاع يقيم قرب أحد الأهداف أصيب بجروح بسيطة نتيجة الشظايا الناجمة عن الضربة الجوية. ولم ترد أنباء عن إصابة أحد في سديروت حيث وقعت أضرار مادية بسيطة.
وانطلقت الاحتجاجات الفلسطينية في 30 مارس تحت اسم (مسيرة العودة) للمطالبة بالعودة إلى الأراضي أو المنازل التي هجرها الفلسطينيون في حرب عام 1948.
وجاءت أنباء الضغط المصري على حماس في أعقاب قيام إسماعيل هنية زعيم حركة حماس بزيارة قصيرة إلى مصر يوم الأحد التمس خلالها وساطتها بين الحركة والإسرائيليين والفصائل الفلسطينية الأخرى.
وقال وزير مخابرات الاحتلال الإسرائيلي إسرائيل كاتس، إن قياديا في المخابرات المصرية، لم يذكر اسمه، أوضح لهنية بصورة قاطعة أن مصر لن يمكنها المساعدة إذا استمرت حماس في إذكاء الاحتجاجات وردت إسرائيل بإجراءات أعنف.
وتابع: «عاد هنية إلى غزة، وأعطت حماس أمراً… وانحسر هذا الاحتجاج العفوي لجماهير لم يعد بإمكانها تحمل الوضع»، ولم يرد من مصر أي رد بعد على تصريحات كاتس التي رفضتها حماس ووصفتها بأنها غير صحيحة.
ونفى رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار أن تكون مصر قد مارست ضغوطا على حماس لإنهاء الاحتجاجات وقال إن هنية بحث ما يمكن أن تفعله القاهرة لتخفيف المصاعب في غزة.
تسيطر حماس على غزة منذ 2007 وخاضت ثلاث حروب مع إسرائيل خلال العقد الماضي. وتنفي الحركة حق إسرائيل في الوجود، وتتعلل إسرائيل ومصر بدواع أمنية أبقت قطاع غزة تحت حصار فعلي أوصل اقتصاده إلى مرحلة الانهيار.
ويعيش مليونا نسمة في القطاع معظمهم من أبناء وأحفاد اللاجئين الذين فروا أو طردوا من منازلهم في إسرائيل وقت قيامها، وهم يعانون مما يصفه البنك الدولي بأنه واحد من أعلى معدلات البطالة في العالم ويقول إن الحصار يجعل من المستحيل إعادة إعمار القطاع.
وأمس الأربعاء، قال البردويل المسؤول في حماس بقطاع غزة، لقناة تلفزيونية فلسطينية إن من بين 62 شخصا قتلوا يومي الاثنين والثلاثاء هناك 50 من أعضاء حماس و12 من الجماهير.
وسارع مسؤولون إسرائيليون باستغلال تلك التصريحات، وكتب المتحدث العسكري اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس على تويتر «صدقوا ما قاله… لم يكن احتجاجا سلميا»
وفي القدس، حذت جواتيمالا حذو الولايات المتحدة وافتتحت سفارتها في المدينة يوم الأربعاء. ومن المقرر أن تقدم باراجواي على نفس الخطوة الأسبوع المقبل.
لكن معظم الدول تبقي على سفاراتها في تل أبيب وتقول إن وضع المدينة المقدسة يجب أن يتحدد في محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وتوقفت هذه المحادثات عام 2014.
وتعتبر «إسرائيل» القدس بأكملها، بما فيها الشطر الشرقي الذي احتلته في حرب 1967، عاصمة لها. ويسعى الفلسطينيون لأن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة يريدون تأسيسها في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
المصدر: رويترز