تعهّد دونالد ترامب أثناء حملته الرئاسية بنقل السفارة الأميركية إلى القدس إذا فاز، ومن المقرر ألا يحضر بنفسه حفل الافتتاح اليوم الاثنين، وسيشارك فيه عبر الفيديوكونفرانس؛ بينما ستحضر ابنته وزوجته إيفانكا وجاريد كوشنر ووزير الخزانة السابق ستيفن مونشين، ونائب وزير الخارجية جون سوليفان.
وفي السادس من ديسمبر الماضي، أعلن ترامب أنّه حان الوقت للاعتراف رسميًا بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل»، ويأمل أن تؤدي هذه الخطوة إلى تحفيز المفاوضات الخاصة بالسلام؛ لكنّ القرار جاء بنتائج عكسية، وأثار غضب كثيرين في الشرق الأوسط، من بينهم حلفاء أميركا، وأكّد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أنه قطع جميع الاتصالات مع دونالد ترامب.
وقال نبيل شعث، المستشار البارز لعباس وكبير المفاوضين السابقين مع «إسرائيل»، الأسبوع الماضي، إنّ قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس أنهى دور أميركا وسيطًا نزيهًا.
ويأتي الافتتاح وسط تصاعد التوتر في جميع أنحاء المنطقة؛ فجيش الاحتلال صعّد من هجماته على الأهداف الإيرانية في سوريا الأسبوع الماضي، بعد قوله إنّ قوات مدعومة من إيران استهدفت «إسرائيل» بوابل من الصواريخ؛ وهو الاتهام الذي رفضه المسؤولون الإسرائيليون.
هذا ما يراه الكاتبان المهتمّان بشؤون الشرق الأوسط «نيك ودامز وجوناثان فيرزيجر» في مقالهما بصحيفة «بلومبرج» وترجمته «شبكة رصد»، مضيفًا أنّ الافتتاح يأتي بعد وقت قصير من انسحاب أميركا من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015؛ وهي الخطوة التي أثارت غضب الإيرانيين ودول الاتحاد الأوروبي.
وقرار الرئيس الأميركي بنقل السفارة يأتي في وقت ينغمس فيه الشرق الأوسط في موجات عنف شديدة، وفشل أي مساعٍ للسلام في اليمن أو سوريا أو ليبيا أو حتى فلسطين؛ والخطوة ستأتي بنتائج عكسية تمامًا، وهو ما بدأت تتضح معالمه حاليًا؛ بعدما اجتمعت أغلب الدول على رفض القرار، باستثناء دول عربية. والقرار طائش.
كما تسبق الاحتفالات الأميركية الإسرائيلية ذكرى النكبة الفلسطينية عام 1948، بينما ينظّم عشرات الآلاف في قطاع غزة مسيرات كل يوم جمعة بالقرب من السياج الحدودي مع «إسرائيل»؛ وهي الأحداث التي قتل فيها حتى الآن ما لا يقل عن 50 فلسطينيًا في الأسابيع الأولى للاحتجاج، وأصيب المئات منهم بنيران حيّة.
تقدم نحو «السلام»
وقال السفير «ديفيد فريدمان»، في اتصال مع الصحفيين يوم الجمعة، إنّ أميركا تتوقع حضور 800 شخص حفل الافتتاح. وأصرّ، مثل غيره من المسؤولين الأميركيين، على أنّ هذه الخطوة ستساعد خطوات «السلام»، بغض النظر عما يقوله القادة الفلسطينيون، مؤكدًا أنهم مقتنعون بأنّ القرار على المدى البعيد سيخلق فرصة للمضي قدمًا في السلام على أساس الحقائق بدلًا من التخيلات، وأضاف: نحن متفائلون بأننا سنحرز تقدمًا.
ولم يكن هذا رأي نبيل شعث، الذي قال إنّ القرار لم يحصل على تأييد دولي، ويستبق عقودًا من محادثات السلام.
والقدس مدينة مقدسة لدى الأديان الثلاثة «اليهودية والمسيحية والإسلام»، ويسعى الفلسطينيون منذ مدّة طويلة إلى جعل القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية مستقلة، وقالت أميركا إنّ قرار نقل السفارة لا يحدد مستقبل الوضع النهائي للمدينة.
وعود كاذبة
وقبل ترامب، وعد المرشحون الأميركيون على مدار العقود الماضية بأنهم سينقلون سفارتهم إلى القدس؛ ولم يوجد بينهم من استطاع تنفيذ القرار رسميًا خشية عواقبه، بالرغم من أنّ نقل السفارة منصوص عليه في القانون الأميركي الصادر في تسعينيات القرن الماضي.
وعكفت إدارة ترامب طوال المدة الماضية على إعداد تصميمات مختلفة للسفارة الأميركية الجديدة مختلفة عن المبنى الحالي في تل أبيب، وهو مبنى غير كافٍ للاستعدادات الجديدة وأعداد الموظفين الجدد في السفارة؛ خاصة وأنّ هناك مسؤولين أميركيين سينتظمون في زياراتهم من «إسرائيل» لأميركا.
وفي الوقت الذي رحّب فيه نتنياهو بقرار ترامب بنقل السفارة، ذهب سكان القدس إلى المحكمة لمحاولة إيقافه.