تباينت التحليلات الإسرائيلية حول طبيعة الرد الإيراني على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الثلاثاء، بالانسحاب من الاتفاق الدولي النووي مع إيران، وفرض أقصى درجات العقوبات عليها، والذي تزامن مع شن «إسرائيل» -كما ذكرت مصادر عدة من بينها روسيا- عمليات قصف استهدفت مواقع عسكرية إيرانية في سوريا.
ووقعت آخر الهجمات التي استهدفت مواقع عسكرية في سوريا، الليلة الماضية؛ بعد إعلان «إسرائيل» عن تحركات عسكرية في سوريا، لكن لم تعترف «إسرائيل» بمسؤوليتها عنه، واتهمتها سوريا بذلك.
وذكرت صحيفتا «هآرتس» و«يديعوت أحرونوت» الإسرائيليتان، اليوم، أن الهدف من عملية القصف كان تدمير صواريخ موجهة إلى «إسرائيل»، لكن الصحيفتيْن لم تذكرا مصدر المعلومة، ونسبتاها إلى تقارير إخبارية لم تحددها، بحسب الأناضول.
وعن إمكانية رد إيران على سلسلة الهجمات التي تعرضت لها قواتها وقوعدها العسكرية في سوريا، كتب يؤاف ليمور، في تحليل بصحيفة «يسرائيل هيوم»، أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران وانتهاء الانتخابات البرلمانية في لبنان فتح الباب على مصراعيه للمواجهة، وقد تلجأ إيران للمليشيا التابعة لها في سوريا للقيام بهذا الرد، وذلك لتجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع «إسرائيل».
وأضاف ليمور أن الغارة، الليلة الماضية، قد تكون «ضربة إسرائيلية وقائية لإحباط المخططات الإيرانية، لكن الوضع على طرفي المواجهة هو مثل اللعب بالنار».
وتابع: «الكرة الآن في ملعب إيران، فأي هجوم من طرفها سيعيدها إلى مربع الاتهام بأنها مصدر الشر في المنطقة، وسيبرر أي رد إسرائيلي، وسيعطي مصداقية لانسحاب ترامب من الاتفاق النووي معها».
بالمقابل، يرى الدكتور يهودا بلونجا، المختص في دراسات الشرق الأوسط وتحديدا سوريا ومصر، أن روسيا وسوريا وإيران ليست معنية بمثل هذه المواجهة.
ويفترض بلونجا، المحاضر في جامعة بار إيلان كما نقلته عنه صحيفة «يسرائيل هيوم»، أنه «لن تقع مواجهة شاملة في المنطقة؛ لأسباب عدة؛ من أبرزها أن روسيا غير معنية بإيران أصلا، فمثلا لم ترد موسكو على أي من الغارات الإسرائيلية على مواقع إيرانية في سوريا، لكن الكرملين غضب عندما استهدفت إسرائيل أهدافا تابعة للنظام السوري، وانتقدت موسكو «إسرائيل» بشدة وبشكل علني».
كما يرى الخبير الإسرائيلي أن حزب الله وإيران نفسيهما ليسا معنيين بالمواجهة مع «إسرائيل»، فبعد الإنجاز الذي حققه حزب الله في الانتخابات البرلمانية اللبنانية قبل أيام، سيعمل الحزب على تعزيز مكاسبه السياسية في بلده، وقد يخسر هذه المكاسب إذا أدخل لبنان في خضم مواجهة عسكرية بالنيابة عن إيران.
ويقدر بلونجا أن إيران قد تلجأ إلى رد محسوب جدا ضد «إسرائيل»، بناء على تجربة حزب الله بعد اغتيال إسرائيل القيادي في الحزب جهاد مغنية في يناير 2015، فقد رد حزب الله على قتل مغنية باستهداف جنود إسرائيليين على الحدود اللبنانية فقتل جنديين في الهجوم، واكتفى الحزب بذلك الرد، ويبدو أن إيران ستفكر بالطريقة ذاتها.
من ناحيته، يرى رونين بيرجمان، في تحليل في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن إيران على المدى القصير ستجد نفسها في وضع صعب دوليًا، في ظل القرار الأميركي بالانسحاب من الاتفاق النووي، وستضطر للعمل بطرق دبلوماسية دفاعية، فهي -حسب بيرجمان- وعلى عكس ما يظن البعض، حساسة تجاه الموقف الدولي منها، وهذا سيمنعها من إشعال حرب في الشرق الأوسط للانتقام لقتلى الهجمات التي تقول طهران إن إسرائيل نفذتها على قواعدها بسوريا.
أما على المدى البعيد، فيرى بيرجمان، أن إيران ستخرج مستفيدة من الواقع الجديد الذي لن يكون لصالح «إسرائيل».
ويفسر بيرجمان ذلك بالقول إن انسحاب الولايات المتحدة سيجعلها لاعبًا هامشيًا أخرج نفسه بإرادته من كل لعبة سياسية ممكنة في الشرق الأوسط تجاه إيران.
وأمس الثلاثاء، أعلن ترامب، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق الذي عقدته الإدارة السابقة والدول الكبرى مع طهران، وتعهد بأن تفرض واشنطن «أعلى مستوى من العقوبات الإقتصادية على النظام الإيراني».
وفي 2015، وقعت إيران، مع الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن (روسيا والولايات المتحدة وفرنسا والصين وبريطانيا) وألمانيا، اتفاقًا حول برنامجها النووي، قبل أن تعلن واشنطن، أمس، الانسحاب منه، وينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.
المصدر: الأناضول