تقف إيران في مواجهة قرارات خطيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما قد يشعل العالم مجددا، إذا ما قرر الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني بحلول يوم 12 مايو الجاري، وسط تأكيد مسؤولين بالبيت الأبيض ومصدر مطلع على المناقشات الداخلية للإدارة الأميركية، على قرار الانسحاب.
وقال دبلوماسيون، لـ«رويترز»، إنه إذا قرر ترامب عدم تمديد رفع العقوبات عن إيران فسوف يؤدي ذلك إلى انهيار الاتفاق، وقد يثير رد فعل عنيفا من قبل إيران، التي قد تستأنف برنامجها النووي أو «تعاقب» حلفاء أميركا في سوريا والعراق واليمن ولبنان.
تهديدات أميركية وطهران تصر
وفي الوقت الذي يؤكد أطراف عدة مطلعة داخل البيت الأبيض إلى الاتجاه القوي للانسحاب من الاتفاق، بحسب ما أوضح مسؤول البيت الأبيض أن ترامب «يتجه على الأرجح إلى الانسحاب من الاتفاق، لكنه لم يتخذ القرار بعد»، وأنه «يبدو أنه جاهز لعمل ذلك، ولكن إلى أن يتم اتخاذ قرار من جانب هذا الرئيس، فالأمر ليس نهائيا».
واليوم الخميس، قال السفير الإيراني في بريطانيا، حميد بعيدي نجاد، في مقابلة مع «سي إن إن»، إن بلاده ستدرس إلغاء الاتفاق النووي في حال انسحاب الولايات المتحدة منه.
وقال بعيدي نجاد، إن إيران «ستكون مستعدة للعودة إلى الوضع السابق»، في حال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق الموقع في يوليو 2015 كما يلوح بذلك الرئيس دونالد ترامب.
وأضاف أنه «لن يعود هناك اتفاق بعد انسحاب الولايات المتحدة»؛ لأن «قسما كبيرا من الاتفاق تم الإخلال به وانتهاكه بشكل واضح».
ومن جهته، أكد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف،أن إيران «لن تخضع للترهيب الأميركي بشأن الاتفاق مشيرا إلى أن واشنطن تنتهك الاتفاق النووي وتضغط على الموقعين الآخرين، داعيا الولايات المتحدة الى احترام تعهداتها بمقتضى ذلك الاتفاق».
تشكيك في جدوى وثائق نتنياهو
وأعلن الاحتلال الإسرائيلي عن وثائق لديه، تخص نشاطا إيرانيا نوويا، في مخالفة للاتفاق المبرم بينها وبين واشنطن و5 دول أخرى، في محاولة مستميتة من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، للدفع باتجاه إلغاء الاتفاق النووي، الذي تعارضه «إسرائيل» بشدة منذ توقيعه.
وذكر نتنياهو أنهم حصلوا على الوثائق من مستودع في قلب العاصمة الإيرانية طهران، لافتا إلى أنها تفرض على واشنطن الإصرار على إلغاء الاتفاق، إلا أن معارضة ظهرت في أعقاب الكشف عن تلك المستندات، تشير إلى أنها تفتقر إلى الدليل بحيث تقوم عليها قرارات مهمة دولية.
وتحدثت مصادر عبرية حول أهداف نتيناهو من الضجة الإعلامية بشأن الوثائق، وقالوا إنها تتركز في محاولة اختراق الملف الإيراني، وعلى صعيد آخر تحقق لنتنياهو نقاطا إضافية في الوضع الداخلي الإسرائيلي، خاصة بعد التحقيقات التي تتم بشأن تورطه في قضايا فساد.
وقلل الإعلام العبري من حجم وتأثير الوثائق على الاتفاق النووي الإيراني، ووصف المراسل للشؤون الحزبية، في صحيفة «هآرتس»، يوسي فيرتير، ما حدث بأنه «عرض بامتياز، استغل فيه نتنياهو المعلومات الاستخبارية، ووظفها في تقديم عرض لا يملك أي سياسي آخر في إسرائيل القدرة على تقديمه».
وأوضح أن «نتنياهو «لم يقدم دليلا» على أن إيران تخرق الاتفاق النووي منذ توقيعه قبل 3 أعوام.
وشاركه الرأي محلل الشؤون الدولية والأميركية، أنشيل ببير، وقال إن عرض نتنياهو يفتقر إلى معطى أساسي وحيد -تواريخ ومواعيد؛ إذ يقول إن المواد التي تمّ طرحها تثبت أن إيران، خلافا لادعاءاتها، طورت سلاحا نوويا، لكن هذا كله سبق وتمّ نشره واستعراضه في التقرير الرسمي للوكالة الدولية للطاقة الذرية في العام 2011. عدا عن ذلك، فإن نتنياهو لم يقدم أي دليل على أن إيران عملت منذ توقيعها على الاتفاق النووي مع الدول الغربية قبل 3 سنوات في مجال تطوير السلاح النووي.
ومن جهته، قال المحلل العسكري لـ«يديعوت»، أليكس فيشمان، إن مؤتمر نتنياهو لم يقدم «الدليل الذهبي» المطلوب على أن إيران تواصل نشاطها لبناء قوة نووية.
وعلى المستوى الدولي، اعتبرت باريس أن الوثائق والمعلومات التي قدمتها «إسرائيل» بشأن نووي طهران «تعزّز أهميةَ الإبقاء على الاتفاق المبرم بين إيران والسداسية»، وليس إلغاءه.
وأشارت لندن إلى أن تصريحات نتنياهو، تؤكد الحاجة إلى إبقاء القيود المنصوص عليها بالاتفاق مع طهران.
وفي المقابل، انتقدت إيران، تصريحات بومبيو، والذي أبرز اقتناع واشنطن بالوثائق الإسرائيلية، التي كشف عنها نتنياهو، مبرزة أن هذه التصريحات للطرفين «متناقضة»، واصفة ما يجري بـ«مسرحية مضحكة ومخجلة».
واشنطن تستغل الوثائق واتجاه دولي مخالف
وعلى صعيد آخر، ولأن الوثائق المزعومة، تتفق مع الموقف الإميركي بشأن إلغاء الاتفاق النووي، تحاول الإدارة الأميركية، النفخ في الفائدة وفي حجم «الكشف الإسرائيلي».
أصدرت وزارة الخارجية الأميركية، بيانا عن مكتب المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، ذكر أن وزير الخارجية الأميركية الجديد، مايك بومبيو، يعتقد أن الوثائق التي حصلت عليها إسرائيل صحيحة.
وجاء في البيان: «لسنوات عديدة والنظام الإيراني يصر على أن برنامجه النووي سلمي، ولكن الوثائق التي حصلت عليها إسرائيل من داخل إيران تظهر بما لا يدع مجالا للشك أن النظام الإيراني لا يقول الحقيقة».
ويضيف البيان أن الوثائق تظهر أن إيران لديها برنامج سري للأسلحة النووية منذ سنوات، وأن إيران أخفت أرشيفا ذريا ضخما.
كما علق البيت الأبيض على الوثائق، وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، إن الاتفاق النووي المبرم مع إيران، «تم التوصل إليه بناء على ادعاءات كاذبة؛ لأن برنامج طهران النووي كان أكثر تقدما، مما أشارت إليه وقت التفاوض على الاتفاق عام 2015».