أكدت الخارجية السودانية، أمس، أنها تقدمت بثلاث شكاوى لمجلس الأمن، بخصوص مثلث حلايب المتنازع عليه مع مصر، منذ أبريل 2016 وأعلنت لأول مرة صراحة رفضها لأي مقترحات بإدارة مشتركة، واعتبرت النزاع عقبة أمام تطور العلاقات السودانية المصرية، وخيرت الجانب المصري بين قبول التحكيم الدولي أو التفاوض، وهو ما ترفضه القاهرة.
وقال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور أمس، ردا على أسئلة النواب أثناء تداول المجلس الوطني بشأن السياسة الخارجية للسودان، إن «مثلث حلايب جزء لا يتجزأ من السودان، وإنه سيظل ضمن أولويات سياستنا الخارجية»، على الرغم من التزام السودان بـ«سياسة ضبط النفس وعدم التصعيد حفاظاً على العلاقة الأزلية بين البلدين والشعبين».
وأوضح المسؤول السوداني، أن حكومته مستعدة لما يطالب به البرلمان بشأن النزاع الحيوي، وأنها جاهزة لتنفيذ ما يجمع عليه النواب بشأن القضية، وأنها ستحرص على إبقاء القضية حية، وأن مداولات المجلس الوطني حولها تزيدها حيوية.
وقال غندور: «كان ديدننا طرق القضية في طاولة الحوار عبر القنوات الرسمية في كافة المستويات بكل صراحة وشفافية»، مشيراً إلى ما أطلق عليه «الإجراءات التصعيدية» التي تبنتها مصر، خلال الفترة من ديسمبر 2017 إلى مارس 2018 في المثلث، وتضمنت حسب قوله محاولات «طمس للهوية السودانية، وتغيير أسماء المرافق العامة وفرض سياسة الأمر الواقع، وإجراء الانتخابات وغيرها»، بحسب الشرق الأوسط.
وأضاف: «هذا التصعيد، دفعنا لاستدعاء سفيرنا، وتقدمنا بثلاث شكاوى منفصلة لمجلس الأمن، في الآونة الأخيرة».
ودعا غندور الجانب المصري للاختيار بين التفاوض والتحكيم الدولي لحل المشكلة، وقال: «عدم حل قضية حلايب، وإرجاعها إلى حضن السودان سيظل عقبة في طريق انطلاق علاقة الخرطوم بالقاهرة إلى الآفاق التي نرجوها ونتطلع إليها».
وتابع: «أول شكوى تقدمنا بها كانت عند ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، واعتراف مصر بتبعية جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية في أبريل 2016 أما الشكوى الثانية فتتعلق بإنشاء ميناءي صيد مصريين في شلاتين وأبو رماد في فبراير الماضي، والثالثة فتتعلق بإجراء الانتخابات الرئاسية في المثلث».
وأضاف: «طرحنا قضية حلايب على كافة المستويات الرسمية بصراحة وشفافية، وفي المقابل استمر الجانب المصري في مواصلة الإجراءات التصعيدية غير المبررة، والتي لا تصب في مصلحة تلك العلاقات».
وأوضح أن إجراء الانتخابات الرئاسية، والبدء في إنشاء محطات تحلية مياه البحر الأحمر بحلايب وأبو رماد، وإتاحة الفرصة لشركات أجنبية للاستثمار في الثروات المعدنية والبحرية في المنطقة، وممارسة الصيد الجائر للثروة السمكية، كلها تعتبر بالنسبة لبلاده إجراءات تصعيدية.
واتهم غندور الجانب المصري بقتل أحد التجار السودانيين رميا بالرصاص بالقرب من «شلاتين» أكتوبر 2017 زاعما أن الرجل متورط في أعمال تهريب عبر الحدود، وبمطاردة مواطنين سودانيين وقبض على عدد منهم داخل مثلث حلايب، وتقديمهم لمحاكمات تحت دعاوى مخالفة قوانين الهجرة، واشتراط إطلاق سراحهم باستخراج وثائق سفر سودانية اضطرارية لهم.
وأوضح أن حكومته رفضت استخراج وثائق سفر للمواطنين المقبوض عليهم من قبل الجيش المصري داخل حلايب، للحيلولة دون استخدامها إقراراً سودانياً بأن الأرض التي ألقي القبض عليهم فيها مصرية، وتم إطلاق سراحهم عبر تفاوض لاحق مع الجانب المصري، مؤكداً في ذات الوقت أن السودان متمسك بحقه الكامل في السيادة على المثلث.
وبرز النزاع السوداني المصري على مثلث حلايب أول مرة في يناير 1958 بعد عامين من استقلال السودان، بمذكرة مصرية للحكومة السودانية اعترضت فيها على قانون الانتخابات السوداني الذي أدخل المنطقة الواقعة شمال مدينة وادي حلفا، والمنطقة المحيطة بحلايب وشلاتين على سواحل البحر الأحمر، ضمن الدوائر الانتخابية السودانية.
ومنذ ذلك التوقيت ظلت الأزمة كامنة، ثم تزداد حدة التوتر بشأنها ثم تتراجع، حتى سيطر الجيش المصري على المنطقة 1995 بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في إثيوبيا، والتي اتهم بها السودان، ودأب السودان منذ ذلك الوقت على تقديم شكوى دورية لمجلس الأمن الدولي بشأن المثلث.
ولاحقاً اتفق البلدان على حل النزاع ضمن «إطار أخوي واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحويل المنطقة لمنطقة تكامل بين البلدين»، لكن هذا الاتفاق قوبل برفض شعبي سوداني واسع، كما أنه ظل عرضة لتقلب العلاقات بين البلدين.