رحب معظم المراقبين بقرار وزير العدل المستشار أحمد مكي بمنح الضبطية القضائية لأعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات, وأكدوا أن هذا القرار سيساهم في ضبط الكثير من قضايا الفساد, وتحقيق العدالة الانتقالية التي وعد بها الرئيس محمد مرسي وهذا ما رصدناه في هذا التقرير.
قرار تاريخي
أكد عصام إبراهيم – رئيس مجموعة بالجهاز المركزي للمحاسبات – أن قرار منح الضبطية القضائية لأعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات قرار تاريخي لوزير العدل لتفعيل دوره الرقابي, وتحقيق استقلالية الجهاز، مؤكدا أن هذه الصفة ستعطي الأعضاء فرصة أكبر في كشف وقائع الفساد, مشيرا إلى تهرب الكثير من الفاسدين؛ بسبب عدم وجود هذه الصفة من قبل.
مطلب ثوري
أشاد عصام الإسلامبولي – المحامي والخبير الدستوري – بقرار وزير العدل بمنح الضبطية القضائية لأعضاء المركزي للمحاسبات، وقال: إنه تمت المطالبة كثيرا قبل الثورة وبعدها بإعطاء صفة الضبطية القضائية لأعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات حتى يتمكن من الحصول على المستندات التي يريد أن يتحفظ عليها لكشف الفساد في أي مؤسسة, وأشار إلى أن دور الجهاز المركزي للمحاسبات كان قاصرًا على الإبلاغ فقط عن وقائع الفساد دون أي آلية تمكنه من اتخاذ أي إجراء ضد المتهمين بالفساد ولكن بعد منح الجهاز سلطة الضبطية القضائية سيتمكن الجهاز من فضح جرائم الفساد في جميع الأجهزة بشكل أكبر بالإضافة إلى الحفاظ على المال العام.
مصر مصنفة عالميا في حجم الفساد
وضح الدكتور علاء رزق – الخبير الاقتصادي والإستراتيجي – أن منح الضبطية القضائية لبعض أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات أمر مهم لمحاربة الفساد؛ حيث إن مصر أصبحت من الدول المصنفة عالميا في كم الفساد والمحسوبية والرشاوى. وأشار إلى أهمية المشاركة المجتمعية في كشف الفساد من خلال وضوح الإستراتيجية العامة للدولة ليشارك بها المواطنون والاحتذاء بالدول التي سبقتنا في التطهر من الفساد مثل دولة جنوب أفريقيا.
العدالة الانتقالية
وفي السياق ذاته يرى المستشار محمود الخضيري – نائب رئيس محكمة النقض السابق – أن هذا شيء جيد؛ لأنهم يضبطون الكثير من القضايا ويقفون أمامها مكتوفي الأيدي؛ لذلك كان لا بد من منحهم هذه الصفة حتى يتمكنوا من تحرير المحاضر وسؤال المسئولين عما يريدون ثم يرفعون هذا المحضر للنيابة للتحقيق وعن وجود تعارض بين دورهم ودور النيابة الإدارية يؤكد الخضيري أنه لا تعارض؛ حيث إن النيابة الإدارية تختص بالجرائم الإدارية أما الجهاز المركزي للمحاسبات فيختص بالجرائم الجنائية.
وأكد الخضيري أيضا أن الرئيس مرسي حريص في هذه الفترة على العدالة الانتقالية, وكشف وقائع الفساد الموجودة في أجهزة الدولة, مشيرًا إلى أن الجهاز المركزي للمحاسبات كان دوره ضعيفا للغاية؛ حيث لم يكن يتعدى فقط الإبلاغ دون أي إجراء آخر تقريبًا وهو الأمر الذي همش دور الجهاز.
الالتزام بالضوابط
في حين يرى الدكتور إبراهيم الدسوقي – أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية – أن هذا القرار من الناحية النظرية البحتة سيساهم في ضبط الكثير من قضايا الفساد إلا أنه يجب أن يتم من خلال مجموعة من الضوابط مثل تدريب المراجعين, واختيار الذين سيتم منحهم الضبطية خصوصا في المرحلة الأولى, وأشار إلى أنه من الممكن أن يبدأ بالمديرين ثم يتم التدرج لمن هم أقل منهم, والتأكد من عدم منح هذه الصفة لبعض الفاسدين داخل الجهاز الذين يتقاضون مرتبات من الجهات التي يراقبون عليها – على حد قوله – حتى لا نحارب الفساد بفساد أكبر.