قالت شبكة «جلوباليست» إنّ العالم به مؤشرات قليلة على محاسبة الرؤساء والسياسيين المنتخبين أو غير المنتخبين الفاسدين، كما تتزايد ثروات رؤساء العالم باستمرار مع غياب قواعد محاسبة تضمن جلبهم إلى العدالة دون أيّ عوائق؛ أبرزهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمصري عبدالفتاح السيسي.
وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّهما فازا في انتخابات مزورة على نطاق واسع، دون أن يتعرضا لأي مساءلة، سواء دولية أو إقليمية أو محلية؛ وتراجعت المساءلة على المستوى المحلي إلى انعدام حرية الرأي والتعبير وتقييد الوسائل الإعلامية والسيطرة عليها، إضافة إلى تخاذل المجتمع الدولي.
وكانت هناك جهود دولية محدودة للمساعدة في محاسبة الرؤساء الفاسدين؛ أبرزها اقتراح حاكم ولاية بوسطن الأميركية بإنشاء محكمة دولية لمحاكمة السياسيين الفاسدين. وهذا الاقتراح وحده غير كافٍ، ولا بد من إجراء حوار عالمي لإنقاذ مصير الشعوب التي يسرقها رؤساؤها.
وصرخ النشطاء المناهضون للفساد والمظلومين عبر سنوات كثيرة، رافعين شعار «لا للإفلات من المحاسبة»، دون نجاح يُذكر؛ لكنّ الأمور يبدو أنها تتغير حاليًا، بعدما حُكم على رئيسة كوريا الجنوبية السابقة «بارك غيون هاي» بالسجن 24 سنة خلف القضبان، وغرامة 17 مليون دولار؛ لإدانتها في قضية فساد أقصتها من منصبها.
وينتظر الرئيس البرازيلي السابق «لويس إيناسيو لولا دا سيلفا» مصيرًا مماثلًا؛ بعدما حُكم عليه بالسجن 12 عامًا لاستيلائه على أموال حكومية بشكل غير قانوني. وفي اليوم نفسه الذي واجه فيه الزعيمان مصيرهما المحتوم، ينتظر «جاكوب زوما»؛ إذ يمثل حاليًا أمام القضاء في وقائع فساد تعود لعشرين عامًا ماضية ومتعلقة بمبيعات أسلحة.
رؤساء في السجن
من المثير للدهشة أن نرى رؤساء سابقين أدينوا، لكن المتشككين يتساءلون دومًا: هل سيبقون فعلًا في السجن لقضاء العقوبة؟
الإجابة: للأسف لا؛ ففي حالة رئيسة كوريا الجنوبية السابقة، أقدم رئيس شركة سامسونج «لي جايونج»، أحد أقوى رجال الأعمال في البلاد، على دفع رشاوى مختلفة للإفراج عن صديقته. وحكم على «لي» نفسه في قضية فساد؛ وأطلق سراحه بعد ستة أشهر بعد دفعه كفالة ضخمة.
وبخصوص الرئيس البرازيلي السابق، فأنصاره يريدون له الحرية؛ بل وحق الترشح مرة أخرى للرئاسة في أكتوبر المقبل. وبالرغم من سجله الواضح في الفساد، يبقى أكثر السياسيين شعبية في البرازيل. أما «زوما»، فالقضية ضده كبرى وتستند إلى صفقة أسلحة بملايين الدولارات منذ أكثر من 20 عامًا؛ لكنه ما زال يمتلك أصدقاء لن يدخروا أيّ جهد في إسقاط جميع التهم الموجهة إليه.
لكنّ الخبر السار أنّ هناك أدلة متزايدة على أن جنوب إفريقيا تشعر بقلق متزايد من تفشي الفساد. ويقول «ديفيد لويس»، رئيس مكافحة الفساد الجنوب إفريقي، إنّ الضغوطات الشعبية المتزايدة كانت مهمة في الإطاحة بزوما، وما أعقبه من استقالة عشرة وزارء من الدولة، وتفنيد مزاعم حلفائه المخلصين.
العالم في حاجة إلى المزيد
الثلاثة رؤساء السابقين تعلّموا أنهم لا يتمتعون بالإفلات من المحاسبة، وهو أمر مشجِّع للناشطين في مكافحة الفساد. وبالرغم من ذلك، ما زال رؤساء في جميع أنحاء العالم يزيدون غنى يومًا عن يوم، ولا زالوا يتمتعون بالإفلات من العقوبة؛ من بينهم «بوتين والسيسي»، وفاز الاثنان في انتخابات مزوّرة إلى حد كبير.
وكذلك الرئيس الماليزي «نجيب رزق»، الذي زاد من الرقابة الحكومية على وسائل الإعلام، وضرب خصومه المحتملين بقوة؛ تمامًا كما فعل عبدالفتاح السيسي وبوتين، غير أنّه ما زال يشعر بالثقة التامة، وأعلن لتوّه أنّ الانتخابات ستجرى في الشهرين المقبلين.
وتؤكّد التطورات الأخيرة أنّ البلدان التي تتمتع بصحافة حرة إلى حد كبير، ومجتمع مدني نشط، ونظام قضائي مستقل نسبيًا عن السياسيين المنتخبين؛ فهناك فرصة كبرى لجلب الرؤساء والسياسيين الفاسدين إلى العدالة، ولا توجد شروط ضامنة على إفلاتهم من العقاب.
إمكانية التغيير
هناك كثير يتعيّن على النشطاء فعله؛ فعندما يغسل القادة الفاسدون ثرواتهم الباطلة التي جمعوها ستترتب عليها عواقب تتجاوز حدودهم الوطنية. وفي السنوات الأخيرة، لم يحدث سوى القليل في سبيل دعم هذه الفكرة، واقترح قاضي ولاية بوسطن الأميركية «مارك وولف» إنشاء محكمة دولية لمكافحة الفساد على المستوى الدولي.