لم تمر ساعات قليلة على إقالة مجلس إدارة صحيفة «المصري اليوم» لرئيس تحريرها الصحفي محمد السيد صالح، لنشره تقريرًا يفضح بعضًا من انتهاكات الانتخابات الرئاسية المنقضية؛ إلا وقرّر تعيين حمدي رزق، الصحفي المقرّب من النظام، خلفًا له؛ في خطوة تشير إلى مدى الضغوط الأمنية التي تمارس على الصحيفة الخاصة ومالكها رجل الأعمال «صلاح دياب».
يبلغ «حمدي» من العمر 54 عامًا؛ فهو مواليد محافظة المنوفية عام 1964، تخرج في قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة عام 1986م، وبدأ العمل في الصحافة منذ عام 1984م محررًا للتحقيقات بمجلة «روز اليوسف»، قبل أن يغادرها إلى مجلة «المصور» في عام 1993م، وتصعّد حتى صار رئيسًا لتحريرها بعدها بـ14 عامًا.
ولـ «رزق» مقال اسبوعي كل يوم أربعاء في مجلة المصور ، كما يكتب في صفحة قاهرية في صحيفة «المستقبل اللبنانية» في ملحقها الشهير (نوافذ) كل أحد.
عمل معدًا سياسيًا لبرنامج «البيت بيتك»، وقدّم برنامجًا يوميًا تحت عنوان «صحافة القاهرة» ضمن برنامج «القاهرة اليوم» على قناة أوربت الفضائية، ألحقه بالبرنامج الأسبوعي «نظرة» على فضائية «صدى البلد» التي يملكها رجل الأعمال المقرب من النظام محمد أبو العنيين.
أداة «أمن الدولة»
وفي أعقاب ثورة يناير 2011، تقدم مساعد رئيس تحرير مجلة «المصور»، الصحفي طارق سعد الدين، بشكوى لمجلس نقابة الصحفيين، يتهم فيها «رزق» بمنع نشر مقاله بالمجلة، بحجة «توجيه انتقادات لسياسات وزير الإعلام الأسبق، والبرلماني الحالي، أسامة هيكل، وحرمانه من حقوقه في العلاوات والترقيات، بالمخالفة للوائح العمل المنظمة».
وحرص «رزق» على التفاخر أمام الصحفيين بعمالته لجهاز أمن الدولة «المنحل»، ومنافقته مبارك، ونجله جمال، في مقالاته، في سنوات ما قبل الثورة، وفق ما ذكر سعد الدين، في مذكرته.
علاوة على ذلك بدى تحريضه على المتظاهرين أثناء ثورة يناير، مستشهدًا بمقال له يشيد فيه بحرص مبارك على متابعة أدق التطورات بشأن أحوال «البلاد والعباد» في مصر، حتى وهو يقضي فترة النقاهة من علاجه في الخارج.
وأثناء الإطاحة بحكم الدكتور محمد مرسي في يوليو 2013، وما تلاه من إجراءات قمعية من جانب السلطة العسكرية، شملت الفض «الوحشي» لاعتصامي «رابعة العدوية» و«نهضة مصر»، شمت كغيره من الإعلاميين بمقتل المئات من الضحايا العزل، واصفًا إياهم بـ«الإرهابيين» من دون دليل.
«الأب الحاني»
وفي 24 مارس 2010، وصف رزق مبارك بـ «الأب الحاني»، الحريص على مصالح المصريين، وشؤون حياتهم، عازفًا على فكرة أن مبارك هو من أسس دولة المؤسسات في مصر، وأن عودته المنتظرة إلى الوطن هي عودة للروح المصرية ذاتها، بوصفه «رئيس الفقراء»، والأكثر اهتمامًا بالبسطاء، ويدهم التي تدافع عنهم، وترفع الراية خفاقة.
ثم يعود رزق أدراجه، ويكتب بمقاله المؤرخ في 17 نوفمبر 2011، عن حزب مبارك، وفلول الحزب الوطني السابق: «اعزلوهم حيث ثقفتموهم، وأخرجوهم من المجلس (البرلمان) حيث أخرجوكم… ولا تأخذكم بهم رحمة، ولا شفقة تصويتية، لا تنتظروا قضاء يخرجهم ويعزلهم، ضعوهم في حجمهم… وما يأفكون!».
مدّاح النظام
عرف عن «حمدي رزق» أنه مدّاح النظام؛ إذ نشر مقالًا تطاول فيه على الذات الإلهية في مايو 2016، تحت عنوان «اذهب أنت والقوات المسلحة فقاتلا» على غرار قول «الله» تعالى لسيدنا موسى: «اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون» من أجل نيل رضا الأجهزة الأمنية لنظام السيسي.
وقال «رزق» في فقرة من نص مقاله: «يجد الرئيس غايته في تشغيل القوات المسلحة، إنجاز في توقيته المطلوب، القوات المسلحة عنوان عريض للإنجاز، إلا أن عدوى الإنجاز لم تنتقل إلى الوزارات والمحافظات والأحياء، القوات المسلحة في مهمة مؤقتة، أخشى أنها ستستمر طويلًا، الأجهزة المدنية يدها في المياه الباردة، اذهب أنت والقوات المسلحة فقاتلا نحن هاهنا قاعدون، على قلبها لطالون».