«انتخابات لا تتمتع بأي مشروعية سياسية»، هكذا وصفت أربع منظمات حقوقية في بيان مشترك، أمس الاثنين، انتخابات الرئاسية المصرية، التي فاز فيها عبدالفتاح السيسي، بنسبة تجاوزت 97%، وفق ما أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات.
والمنظمات هي: (مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، ومركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب، والجبهة المصرية للحقوق والحريات)،
وقالت المنظمات الحقوقية، في بيان مشترك، إنه (الانتخابات) «فقدت مشروعيتها السياسية قبل أن تبدأ، بعد أن تحول الحق في المشاركة السياسية– تحت سمع وبصر الهيئة- إلى مناسبة لممارسة أبشع أشكال البلطجة السياسية والأمنية في تاريخ الانتخابات المصرية منذ يوليو 1952، ضد كل مرشح كان يمكن أن يشكل خطرًا على تمديد أجل عبد الفتاح السيسي في رئاسة مصر».
بلطجة أمنية
وأضافت: «تمت مصادرة حق المصريين في التعبير عن رأيهم بحرية، بما في ذلك حقهم في الامتناع عن التصويت، وذلك بإجبارهم على ذلك بالتهديد بالغرامة المالية، وبممارسة أبشع أساليب الابتزاز باسم الوطن والدين، وبالحشد الإجباري في المصالح الحكومية والهيئات العامة، بل ومعاقبة الصحف التي تنقل حقيقة ضعف الإقبال على الاقتراع وتفشي الرشاوى الانتخابية» .
وتابعت: «وخلال ذلك كله لم تتذكر الهيئة أن عليها أية مسؤولية أخلاقية في حماية المرشحين المنافسين للسيسي من البلطجة الأمنية، رغم استنجاد بعضهم بها، فقط تدخلت لتعاقب وسائل إعلامية تجرأت على أن تكشف جزءا يسيرا من حقيقة الجرائم السياسية غير المسبوقة التي ارتكبت لتجميل زيف الانتخابات المزعومة»
وتابعت المنظمات أنه «بعد أن أزاح السيسي كافة المرشحين المنافسين المحتملين في هذه الانتخابات منذ ديسمبر الماضي بالحبس تارة (سواء المنزلي أو في السجن الحربي)، وبالتهديد تارة أخرى، تكفلت أجهزته الأمنية بالانتقام ومعاقبة كل من تجرأ على الدعوة لمقاطعة هذه الانتخابات أو شكك في نزاهتها، وفتحت النيابة تحقيقات ضد قوى المعارضة، أو كما اعتبرهم النائب العام «قوى الشر»».
وحول دور الأذرع الاعلامية للسيسي؛ قالت المنظمات أن «أجهزة الإعلام شنّت حملة مسعورة لتخوين كل من يدعو لمقاطعة المشاركة في هذه المسرحية. وعاقب المجلس الأعلى للإعلام من ترجم ونقل عن صحف أجنبية انتقادات لهذه الانتخابات. وتدخلت الهيئة العامة للاستعلامات لدى مواقع أجنبية لسحب موضوعاتها».
مزيد من القمع
وبينت المنظمات أن «حكومة السيسي أغلقت الطرق السلمية للاعتراض على هذه النتائج، وأوصدت كل الطرق للتغيير السلمي للسلطة، أو ممارسة المعارضة وطرح بدائل سياسية، بل بدأ المقربون من السيسي يسوقون لتعديل دستوري يزيل القيود عن «مدد الرئاسة»، ويسمح له بأن يبقى في الحكم مدى الحياة، الأمر الذي يجدد المخاوف التي سبق وحذرت منها العديد من المنظمات الحقوقية من أن يعزز هذا الكبت السياسي من فرص الترويج للطرق غير السلمية للتعبير، ويغذي نزاعات التطرف العنيف والإرهاب، ويدفع الدولة لمزيد من عدم الاستقرار»، بحسب البيان.
ورأت المنظمات إن «هذا المشهد المؤسف اليوم هو حصاد ما يقرب من خمس سنوات من القمع غير المسبوق في تاريخ مصر الحديث، والقتل خارج نطاق القانون، والتوسع غير المسبوق في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام، وتدمير البنية التشريعية لتصبح أكثر عدائية للعمل العام (قانون التظاهر، قانون الكيانات الإرهابية، قانون مكافحة الإرهاب، تعديلات قانون الإجراءات الجنائية.. وغيرها)» .
وتحدث البيان، أيضا، عن «إفساد مؤسسة العدالة، وغياب استقلال القضاء، والتوسع في اللجوء للمحاكم العسكرية، تأميم الإعلام لحساب الأجهزة الأمنية فيه، الزج بالصحافيين في السجون، ترحيل المراسلين الأجانب، والتشهير بالقنوات والصحف الأجنبية وتعرضها لتهديدات مستمرة، والهجوم الشرس على الحقوقيين وتهديدهم بالحبس تحت سيف القضية 173 لسنة 2011».
واختتمت البيان بقوله «أن الاعتراف بهذه الانتخابات وما ترتب عليها من نتائج هو بمثابة منح رخصة جديدة للقمع والتطرف العنيف والإرهاب لأربعة سنوات أخرى على الأقل».
وفي وقت سابق، أمس الاثنين، حثت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، السلطات المصرية على «إتاحة الفرصة أمام المصريين للمشاركة في الحياة السياسية»، ردًا على انتقادات طاولت العملية الانتخابية التي شهدتها مصر مؤخرًا.
وكانت النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية، التي أعلنت أمس الاثنين، قد أظهرت فوز عبدالفتاح السيسي، بولاية ثانية بنسبة 97 في المائة من الأصوات الصحيحة وبمشاركة 41 في المائة ممن يحق لهم التصويت، بعد فشل جميع جهود أجهزته، الحكومية والأمنية والإعلامية، في رفع نسبة المشاركة على الرغم من جميع محاولات الحشد وما رافقها من عمليات ترهيب ورشى لدفع الناخبين للتصويت في انتخابات أجمعت المنظمات الحقوقية على تأكيد عدم نزاهتها لغياب أي مرشح جدي فيها بعدما اختار السيسي السياسي المغمور المؤيد له موسى مصطفى موسى منافسًا صوريًا له.