أكدت صحيفة «أتلانتيك» الأميركية، أن المرحلة المقبلة في مصر، ستشهد تدهورا أكبر من التدهور الذي شابها في خلال فترة السيسي الأولى، مضيفة في مقال لـ«إتش هيلير»، الباحث في المركز الأطلسي، انه من المرجح أن يحكم أيضا لفترة رئاسية ثالثة إن لم يكن مدى الحياة، وما يساعده على ذلك هو تجاهل الدول الوروبية للمصائب التي ارتكبها، وإعلان دعهمهم الصريح لسياساته، فقط لأنه متوافق معهم فيما يتعلق بهجرة اللاجئين والمهاجرين الغير شرعيين، ومحاربة تنظيم الدولة.
وأضاف الكاتب، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنه من الصعب بمكان ما، وصف البيئة الانتخابية في مصر وما سبقها بأنها كانت حرة ونزيهة، لم يكن هناك سوى مرشحين فقط، عبدالفتاح السيسي وسياسي آخر غامض لا يعرف عنه أحدا شيئا، والذي كان أكبر داعمي السيسي. أجريت الانتخابات الهزلية، وتشير الأرقام الأولية من وسائل الإعلام المصرية، إلى فوز السيسي المؤكد بنسبة 92%، وسط حضور بلغت نسبته 42%، بأقل من نسبة انتخابات 2014 التي فاز فيها أيضا.
يُشار إلى أن الهيئة الوطنية للانتخابات أعلنت منذ قليل، فوز السيسي بنسبة 97.8%، بشكل رسمي.
ووفقا لوسائل إعلامية محلية وأجنبية، بذلت السلطات المصرية جهدا غير مسبوق من أجل حشد الناخبين للإدلاء بأصواتهم، ورغم ما فعلته الدولة لم تستطع حتى الوصول بالنسبة لنسبة 2014، وفي الواقع أفادت تقارير أخرى إلى وصول نسبة الأصوات الباطلة لأكبر من الأصوات الصحيحة.
لكن وفقا للصحيفة، يجب النظر للخطوة التالية، باعتبارها أهم من فكرة الانتخابات المعلوم نتائجها مسبقا.
فاز عبدالفتاح السيسي في المقام الأول بسبب الدعم القوي من معظم المؤسسات داخل الدولة، والجميع داخل مصر وخارجها كان يعلم ذلك مسبقا، لكن لا أحد يتوقع أنه سيسمح بعد فوزه بفتح المجال أمام المجتمع المدني أو تطوير شبكات أمان اجتماعي، حيث ستظل أولويته الأولى كما كانت دائما، هي الاقتصاد والأمن.
ومن الصعب التصور أيضا، بأن عبدالفتاح السيسي سعمل على إعداد شخص ليخلفه في الانتخابات المقبلة في 2022، ومن الصعب التصور أنه سيسمح لشخص مستقبلي بمنافسته، خاصة وأن نظامه منذ توليه السلطة، شرع في تضييق المجال العام في مصر، مما أضعف من فرص وجود بديل سياسي حقيقي؛ لذا قد يحكم السيسي لفترة رئاسية ثالثة، وهو ما يتطلب تعديلا للدستور بما يسمح له بتجاوز فكرة الفترتين، وهو بدوره أمر يتطلب استفتاءا شعبيا.
مقاومة تعديل الدستور
كما يصور لنا الواقع، يتمتع السيسي حاليا بالدعم الكافي من نخبة رجال الأعمال في مصر، إلى جانب نسبة كبيرة من شبكة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، كما تبدو المعارضة حاليا ضعيفة للغاية وشبه منعدمة، ورغم وجود شبكات من المعارضين اٌوياء مثل المرشحين السابقين الذين اجبروا على الانحساب ونشطاء ثورة يناير وجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن السؤال المقترح هو «هل بلإمكانهم الحشد ضد تغيير الدستور المقبل؟».
لكن ورغم ذلك، يبدو أن السيسي قلق بشكل كبير، بسبب ضعف إقبال الناخبين، رغم محاولاته القوية لحشدهم، وتشير اللامبالاة العامة إلى أن النظام السياسي المصري يعاني من خلل كبير، كما أن المعارضة تستلزم وجود قنوات للتعبير السياسي وهو أمر غير متوفر إطلاقا، وإذا لم يتلفت السيسي للجزئيتين فلن يستطيع السيطرة على عواقبها.
قضايا خارجية مستعصية
كما توجد بعد القضايا الخارجية التي تزعج السيسي ونظامه، أبرزها «المستنقع الليبي وبناء سد النهضة في أثيوبيا والمقرر أن يكتمل في وقت لاحق من هذا العام، والذي سيكون له عواقب وخيمة على حصة مصر من إمدادات مياه النيل» ولحسن حظ السيسي، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب يدعمه، ومن غير المرجح أن يتراجع عن هذا الدعم خلال الفترة القليلةا لمقبلة، رغم بعض القاضاي العالقة التي تحتاج إلى حل مع الولايات المتحدة، على وجه الخصوص علاقة مصر بكوريا الشمالية، فرغم ان علاقة القاهرة وواشنطن لم تتأثر بها بما فيه الكفاية، لكنها مسألة عالقة تستوجب الحل.
كما ترغب إدارة ترامب، في رفع السيسي للقيود المفروضة على عمل المنظمات الأجنبية في مصر والمنظمات الغير حكومية، خاصة بعد إدانة العاملين فيها وإحالة بعضهم إلى المحاكم.
لكن على كل، مهما بدت صعوبة العقبات في العلاقة بين واشنطن والقاهرة، إلا أنه من المتوقع أن يتم تلطيفها، وهو ما تشير إليه تصريحات وخطابات ترامب عن السيسي، بالإضافة إلى وجود «جون بولتون» أحد اكبر داعمي السيسي في إدارة ترامب، كما تنظر واشنطن إلى مصر باعتبارها جزء أساسي من الاستقرار في منطقة غير مستقرة، وفي النهاية ما زالت ملتزمة باتفاقية السلام مع إسرائيل، وهي السمة الأساسية التي تدعم بسببها واشنطن القاهرة، منذ عقود.
العلاقات مع أوروبا
أما بخصوص علاقات السيسي مع الدول الأوروبية، فيشوبها بعد الاختلاط، فكما هو الحال مع الولايات المتحدة، تم التغلب على مجموعة من المشكلات مثل الهجرة وتنظيم الدولة، بتعاونها مع القاهرة، حيث ترى الحكومات الأوروبية أن مصر على الجانب الأيمن منها وتتخذ صفها في تلك القضيتين تحديدا.
لكن المؤسف هو ان تلك الدول، تتغاضى عن سجلات حقوق افنسان، ليس في مصر فحسب، بل في السعودية وافمارات، كما لديها خلافات مع مصر فيما يتعلق بالوضع في سوريا واليمن، لكن بشكل عامة، تعتبر العلاقات جيدة نوعا ما.
تعامل الحكومات الأجنبية مع نظام السيسي خلال الفترات المقبلة، سيحدد ما إذا كان السيسي سيؤصل لنظام أكثر استدامة وعدالة أم سيتجه نحو الهاوية بمصر، ورغم أن الحكومات الأجنبية لم تلتفت إلى المشكلات التي تسبب فيها السيسي في فترته الرئاسية الولى وما قبلها بشهور، من المرجح ألا تلتفت أيضا خلال الفترة الرئاسية الثانية، مالم تكن هناك تغيرات محلية كبرى في مصر.
https://www.theatlantic.com/international/archive/2018/04/egypt-election-sisi-trump/557030/