جاءت تصريحات الفريق أول صدقي صبحي، وزير الدفاع، عن دور قوات الجيش في «العملية الشاملة سيناء 2018»، التي بدأت في فبراير 2018، بأنّه امتداد لجيل أكتوبر 1973 العظيم الذى حقق النصر؛ لتفتح بابًا للتساؤلات عن مدى المقارنة بينهما.
وهناك اختلافات نستعرضها في التقرير التالي:
قيادة الجيش
خلت المناصب القيادية في الجيش المصري من أيّ فرد شارك في حرب 1973؛ بعد التغييرات التي أجراها السيسي في ديسمبر 2016 بإبعاد القائد السابق للدفاع الجوي الفريق عبدالمنعم التراس، وأحاله إلى التقاعد عن عمر 64 سنة.
وكان التراس آخر عضو في المجلس العسكري شارك في قتال «إسرائيل»، ويحمل ميدالية حرب «6 أكتوبر»، التي كان معظم أعضاء المجلس العسكري ممن يحملونها منذ أربعة أعوام فقط.
وفتحت تغييرات السيسي آنذاك الباب أمام رُتب من جيله ووزير الدفاع صدقي صبحي، والجيل الذي يليه، وتخرجوا جميعًا بعد انتهاء الحرب فعليًا؛ فجميع أعضاء المجلس العسكري حاليًا ممن شاركوا في حرب الخليج أو في دورات القوات المتعددة الجنسيات، ومعظمهم حاز درجاته العلمية العسكرية الأساسية من أميركا في التسعينيات، ضمن المساعدة الأميركية العسكرية لمصر.
ويضمّ المجلس العسكري حاليًا قائدين لم يدخلا الجيش إلّا بعد «معاهدة السلام»: قائد الدفاع الجوي «اللواء علي محمد علي فهمي»، قائد القوات البحرية «اللواء أحمد خالد حسن».
ولم يعد هناك قائد عسكري مصري أكثر خبرة من السيسي نفسه، لا سيما بعد الإطاحة بالتراس، ومن قبله باقي أبناء جيله. وعلى الرغم من أن حجازي أكبر سنًا من السيسي فهو ليس أكثر خبرة؛ إذ تخرج معه في دورته نفسها، كما تلقى السيسي دورات أكثر عددًا وكفاءة من حجازي.
التعاون مع «إسرائيل»
شهد الجيش في عهد السيسي تعاونًا علنيًا لأول مرة مع الاحتلال الإسرائيلي بعد أن كانت «إسرائيل» عدوًا لعقيدة الجيش؛ بل وأصبحت شريكًا في الحملات العسكرية للقوات المصرية.
وأعلنت المتحدثة باسم جيش الاحتلال «افيتال ليبوفيتشجيش» في فبراير الماضي قصف ما يزيد على 40 نفقًا تربط بين قطاع غزة المحاصر وصحراء سيناء في مصر.
تهجير سيناء
في حرب أكتوبر 1973، اقتحمو مقاتلو مصر سيناء لتصفية القوات الإسرائيلية وإعادة المصريين إليها مواطنين، بينما حدث العكس اليوم؛ إذ تقصف القوات المصرية منازل المصريين وتهجّر المواطنين الأصليين بحجة بناء المنطقة العازلة.
وكشفت أنباء دولية عن اتجاه السيسي لتنفيذ «صفقة القرن»؛ بتوطين الفلسطينين في شمال سيناء بعد تهجير أبنائها، وهذا ما كشف عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب العام الماضي.
اقتحام السياسة
منذ انقلابه العسكري في 2013، أقحم السيسي الجيش في السياسة والاقتصاد. وهذا عكس جيش النصر، الذي انشغل بالاستعداد للحرب فقط.
ويتّضح اتّساع رقعة الجيش الاقتصادية مع السيسي في حضوره بقطاعات معينة مرتبطة بالبنى التحتية وصناعة الأدوية والأغذية، كما ارتفعت حصة الجيش في مجالات اقتصادية جديدة مثل استيراد حليب الأطفال وإنتاج الأدوية، والمستلزمات الطبية، وأيضًا توقيع اتفاق بين وزارتي الصحة والإنتاج الحربي لإنشاء أول مصنع لإنتاج أدوية السرطان في مصر.
ويتركز النشاط الاقتصادي الأكبر للجيش في مجال البنية التحتية؛ إذ لجأ السيسي إلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، أحد فروع الجيش، وكلّفها بالإشراف على تفريعة قناة السويس وعلى إنشاء مئات الوحدات السكنية لمحدودي الدخل، كما كلفها بتنفيذ البنية الأساسية لـ «العاصمة الجديدة» التي أعلن إنشاءها شرق القاهرة.
واعتاد السيسي أثناء افتتاحه أيّ مشروع أنجزته الهيئة الهندسية أن يمازح رئيسها اللواء كمال الوزيري طالبًا منه تنفيذ مشروع آخر في وقت أقل. كما بات الجميع الآن يلاحظ العلامة التجارية لجهاز «الخدمة الوطنية للقوات المسلحة» على الطرق السريعة؛ بعدما كُلّف بإصلاح الطريق وتطويره، ويمتلك هذا الجهاز منذ سنوات شركات تعمل في مجالات عدة؛ أبرزها إنتاج المكرونة والمياه المعدنية ومحطات وقود السيارات.