قالت مجلة «إيكونوميست»، إن الانتخابات المصرية الصورية تجري وفيها مرشحان، لكن لا يمكن للمصريين الاختيار إلا السيسي؛ فهي بين «السيسي ومتملق ذليل»، بحسب «عربي21».
ويشير التقرير، إلى أن «السيسي سيفوز في الانتخابات، إلا أن الشعب المصري يعيش في حالة إحباط من حكمه، ولأن واحدا من كل 4 ناخبين في مصر لا يستطيعون القراءة والكتابة فإنه تم اعتماد الرموز السياسية لمساعدتهم على اختيار مرشحهم، ولهذا اختار عبدالفتاح السيسي (النجمة) رمزا وهي تشع من اليافطات واللوحات الإعلانية في كل مكان، إلى جانب (طلته البهية)، مبتسما في مزرعة، أو ينظر من خلال منظار إلى بارجة حربية، أما منافسه موسى مصطفى موسى فإنه اختار (الطائرة) رمزا لحملته الانتخابية، وعلق مصري مر إلى جانب لوحة إعلانية لموسى ساخرا بالقول إن رمز الطيارة (يريد طائرة للهرب في حال صوت له أحد)».
وتعلق المجلة قائلة إنه «لا يوجد شيء يمكن قوله عن الانتخابات، التي ستبدأ في 26 مارس-28 مارس، وقد أوفى المنافس للرئيس بوعده وهو ألا يتحداه، ففي القاهرة كلها لم يلاحظ مراسل المجلة إلا 4 ملصقات تدعو لانتخاب موسى، والسؤال هو عن مشاركة الناخبين، وإن كانوا سيتدفقون عليها بأعداد كبيرة أكثر من الانتخابات السابقة، التي شاركت فيها نسبة 47%».
ويلفت التقرير إلى أن «هذه هي المرة العاشرة التي يصوت فيها المصريون منذ الثورة التي أطاحت بالرجل القوي السابق محمد حسني مبارك، وهي الأكثر كآبة؛ حيث منح المصريون الإخوان الرئاسة والبرلمان في عام 2012، ليقوم السيسي وبدعم شعبي بالإطاحة بهم في عام 2013، واليوم عادت مصر إلى أيام جمال عبدالناصر، التي كانت فيها الانتخابات مجرد عرض، فلم يسمح إلا للشخص الفارغ موسى بالمشاركة فيها، أما البقية فقد اعتقلوا أو استفزوا لعدم المشاركة».
وتعترف المجلة بأن «السيسي قام بعدد من الخطوات لإعادة الاستقرار الاقتصادي، خاصة أنه ورث سنوات من الاضطرابات التي أثرت على الاقتصاد، وأنفقت فيها نصف احتياطها من العملة الصعبة، وتراجعت السياحة، وقام بتخفيض الدعم عن عدد المواد الأساسية، وبدأ العمل بضريبة القيمة المضافة لتخفيف العجز في الميزانية، وسمح بتعويم العملة في عام 2016، وبدأ السياح بالعودة؛ حيث زار مصر العام الماضي 8.3 مليون سائح، بزيادة كبيرة على عدد 5.4 مليون عام 2015، إلا أن السيسي اتخذ هذه الإجراءات بصفتها حلا نهائيا، وللحصول على قرض من صندوق النقد الدولي».
ويجد التقرير أن «رؤية السيسي الاقتصادية الأوسع مشوشة، فالنمو في القطاع الخاص لم يزد على الحد الأدنى، في وقت يؤدي فيه الجيش دورا مهما في الاقتصاد، وأشرف العسكريون على بناء العشرات من الطرق، وعندما اشتكت النساء من نقص حليب الأطفال فإن السيسي كلف الجيش بالإشراف على توزيعه».
وتنوه الصحيفة إلى أن «نسبة الدين العام زادت؛ حيث أصبحت مصر مدينة بـ81 مليار دولار، بزيادة على 46 مليار دولار عندما وصل السيسي للسلطة، وتضخ الدولة هذه الأموال كلها في مشاريع يشك في جدواها، مثل تفريعة غير ضرورية لقناة السويس، وفي شهر فبراير خفض البنك المركزي سعر الفائدة بنقطة واحدة، وهو أول تخفيض منذ تعويم العملة، إلا أن سعر الفائدة لا يزال فوق 18%، ولا يزال عقبة كبيرة أمام الراغبين في الاستثمار، فلم يعد المصريون ينفقون كثيرا بسبب غلاء الأسعار، وأصبح اللحم مادة كمالية لا يمكن للفقراء الحصول عليها، وخفضت الطبقة المتوسطة كل شيء من التسوق إلى التعليم».
ويفيد التقرير بأنه «في وقت يزيد فيه السخط في عموم مصر، فإن الغليان يستمر في سيناء، ويواجه الجيش تمردا جهاديا، ويقدم الغرب الحليف لمصر دعما عسكريا مستمرا، إلا أن معظمه لا يناسب حرب العصابات التي يخوضها المتمردون، وأدى النزاع، الذي انتشر في أنحاء أخرى من مصر، وحدثت فيه مذابح للمدنيين، إلى تقويض الرؤية عن قدرة السيسي بجلب الاستقرار لمصر».
ويذهب التقرير إلى أنه مع ذلك فإن مبارك سمح بنوع من النقاش السياسي خلال فترة حكمه، التي استمرت 30 عاما، وخلافا لنكات عصر مبارك، فلا أحد يطلق النكات عن السيسي، فلا يزال عشرات الآلاف من المساجين يقبعون في السجن، كما وقع السيسي على قانون في العام الماضي يمنع المنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان، وحد من تمويلها، وتم اعتقال الصحفيين، وتحرشت بهم الشرطة، وعادت أحكام الإعدام التي علقت بعد الثورة من جديد، وزاد السيسي من أحكام الإعدام بعد هجوم نوفمبر على مسجد في شمال سيناء، قتل فيه 300 مصل، وتقاد كل أسبوع تقريبا مجموعة من المساجين، ومعظمهم إسلاميون، لحبل المشنقة، وأصبح يوم الثلاثاء يوم الشنق، كما يقول الناشطون».
وتستدرك المجلة بأنه «رغم هذا كله فإن سيطرة السيسي على الحكم ليست قوية، ومع أن ثورة جديدة غير محتملة، إلا أنه قد يواجه تحديا من داخل المؤسسة العسكرية والنخبة المالية غير الراضية عن سياساته؛ حيث حاول رئيس هيئة الأركان السابق سامي عنان الترشح في الانتخابات، واتهم السيسي بإضعاف الحكومة المدنية، وتحميل الجيش أعباء كبيرة، ورغم اعتقاله بعد أيام، إلا أن محاولته كانت تعبيرا عن معارضة من الداخل».
وتختم «إيكونوميست» تقريرها بالقول: «يجب أن تكون هذه هي الانتخابات الأخيرة للسيسي، خاصة أن الدستور لا يسمح للرئيس بإعادة انتخابه إلا مرة واحدة، وعليه التنحي وفسح المجال أمام خليفة له، وكما قال مدير مصرف خاص: (حتى لو كنت تحب المانجا فلا يمكنك تناولها كل يوم)».