يحتفل المصريون اليوم بـ«عيد الأم»، لكنّ المناسبة تمر على نساء بمعاناة وحزن؛ خاصة الأسر التي تجد صعوبة ومعاناة في توفير احتياجات المعيشة الأساسية من مأكل وملبس وعلاج، على الرغم من أنّ الزوج والزوجة يعملان للمساعدة في سد الاحتياجات. وتصل أعداد المرأة المعيلة إلى الملايين، بلا رجل أو تكافل؛ حتى وصل بهنّ الحال ليكنّ غارمات.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في آخر إحصائياته أنّ عدد الأسر التي تعولها النساء بلغ 3.3 ملايين، بنسبة 14% من إجمالي عددهن، وفقًا لبيان صادر عنه تزامنًا مع اليوم العالمي للمرأة، التي تتعرض كثيرات منهن إلى الاستدانة.
وأضاف أنّ عدد سكان مصر ارتفع في الداخل إلى 94.8 مليون نسمة، منهم 48.9 مليون نسمة للذكور (بنسبة 51.6%) مقابل 45.9 مليون نسمة للإناث (بنسبة 48.4%)، وبلغت نسبة النوع 106 ذكور لكل مائة أنثى.
وقدَّر الجهاز عدد السيدات في الفئة العمرية بين 12 عامًا و17 سبق لهنَّ الزواج بنحو 118.9 ألفًا؛ منهم 1.2 ألف أرملة، 1.2 ألف مطلقة، 111 ألف متزوجة، 5.5 آلاف عقد قران. وبلغ العمر المتوقع عند الميلاد للإناث 73.6 سنة مقابل 70.8 سنة للذكور.
وكشف الجهاز في آخر إحصاء أن نسبة مساهمة المرأة في سوق العمل بلغت 22.9% من إجمالي قوة العمل بين سني 15 عامًا و64؛ وتمثّل هذه النسبة قرابة ثلث مساهمة الرجال التي تبلغ 73.4%، وتبلغ نسبة الأمية للإناث 33.5% في مقابل 18.5% للذكور، كما ارتفعت معدلات البطالة للإناث من 22.7% عام 2011 إلى 24.2% عام 2013، بينما سجل 8.9% للذكور عام 2011، 9.8% عام 2013.
وبلغت نسبة البطالة بين الإناث 24.2% مقابل 9.4% للذكور عام 2015، وبلغت نسبة النساء اللاتي يعملن عملًا دائمًا 84.7% في مقابل 60.7% للذكور؛ و30% من الأسر المصرية تعولها المرأة، ويعود ارتفاع نسبة المرأة المعيلة في المجتمع المصري إلى انخفاض معدلات التنمية وتفشّي البطالة.
وتواجه المرأة المعيلة معاناة يومية وصعوبات متزايدة؛ لأنها المسؤولة عن أسرة بأكملها، كما يعانين من الأوضاع الاجتماعية السيئة، وهي مشكلة ليست من اختيارهنّ؛ بل صدمة قاسية وَجَدنَ أنفسهنَّ أمامها فجأة، ودون أن يكُنَّ مؤهلات لها أو مستعدات لمواجهتها.
معدل الفقر
وتعاني المرأة المعيلة من الفقر والحرمان من التعليم والرعاية الصحية، ونقص الفرص في سوق العمل ونقص التدريب، وكثير منهنَّ يعشن في ظروف سيئة؛ فالمرأة المعيلة تكون أرملة أو مطلقة أو زوجة لمريض أو لسجين أو مهجورة العائل، وغالبًا ما يلجأن إلى العمل في المنازل؛ لأنه أقرب الفرص المتاحة لهنَّ.
يأتي هذا على الرغم من أنّ دستور 2014 يحوي مادة تلزم الدولة بحماية المرأة المعيلة، وهذا لا يُطبَّق على أرض الواقع؛ لذا من الضروري مع ارتفاع الأسعار والحالة الاقتصادية الصعبة لا بد أن تضع الدولة خططًا تنموية للمرأة المعيلة لتوفير حياة كريمة لها ولأبنائها.
المعيلة في السجون
قال الناشط الحقوقي محمد زارع، في تصريح لـ«رصد»، إنّ «المرأة المعيلة حاليًا تعاني الأمرّين، خاصة وأنّ الرجال يعانون من صعوبة توفير المال أيضًا؛ فماذا سيكون الحال مع المرأة المعيلة التي أصبحت هذه الأيام المرأة الغارمة؟».
وأضاف أنّه «في الدول المحترمة تُوفّر فرص عمل مناسبة لكل امرأة، سواء أرملة أو معيلة، إضافة إلى تقديم كل المساعدة لأولادها من تعليم وصحة وعمل ورعاية ومتابعة».
وأكّد أنّ معاش التضامن الاجتماعي المقدم من الإمارات لمصر كان مرحلة تسوُّل، حوَّل فيها الأرامل إلى متسولات، ولا يكفيها لمدة أسبوع وليس شهرًا من مصاريف دفعت أغلبهنَّ إلى الاستدانة ثم مصير السجن.
وتابع أنّ السجينات يخرجن من السجن إلى سجن أكبر، وهو سجن المجتمع؛ إذ يخرجن بوصمة السجن السابقة، ونسبة كبرى منهن يعدن إلى السجن بسبب رفض المجتمع لهن، وغلق أبواب الرزق الحلال أمامهن، فلا أحد يوافق على منح سجينة سابقة فرصة عمل؛ وبالتالي لا تجد سوى الوسائل غير المشروعة لإطعام أطفالها.
ويلات من الظلم
من ناحية أخرى، تعاني زوجات المعتقلين في قضايا سياسية والمختفين قسريًا من اندثار عائل للأسرة واندثار منفذ للأموال لكي تصرف على الأسرة في ظل نظام انقلابي في مصر.
في هذا السياق، قالت الناشطة الحقوقية نيفين ملك، في تصريح لـ«رصد»، إنّ «في عيد الأم تعاني المراة المصرية ويلات الظلم، إما فقدان الابن أو الزوج أو الأخ أو الأب أو الابنة، ولا تزال هي رغم كل ذلك صابرة وصامدة في مصر، ونحن تنتظر عودة كل مظلوم من زنازين الطغاة؛ لكنها الآن تذرف الدمع على شهيد رحل، أو تبحث عن مخطوف ومختفٍ قسريًا».
وأضافت نيفين أنّ السيسي يتعامل مع المرأة المصرية كأنها وسيلة لتوصيله إلى الحكم، خاصة وأنه يوهم الشعب بأنها كان لها دور في التصويت في الانتخابات الرئاسية 2014؛ لكن هؤلاء لا يعبرون عن نساء مصر، وهم بالكاد قلة قليلة، بينما كل أم مصرية أصيلة رفضت أن تكون أداة في يد الطغاة.