بدأت الحكومة المصرية في هدم العشوائيات بمنطقة مثلث ماسبيرو، وهي المنطقة المجاورة لمبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون على كورنيش النيل، وذلك استعدادا لمشروع تطوير المنطقة، وتحويلها إلى منطقة استثمارية سياحية.
ويعد مثلث ماسبيرو من أغلى المناطق السكنية في القاهرة؛ حيث يطل على نهر النيل، وتحيط به مبانٍ مهمة مثل وزارة الخارجية، ومبنى الإذاعة والتلفزيون، والقنصلية الإيطالية، وعدد من الفنادق، وبسبب انتشار العشوائيات تحول إلى واحد من الأحياء الأكثر فقرا في العاصمة المصرية، وعلى مدار السنوات الماضية وضعت الحكومات المصرية المتعاقبة خططا عديدة لإعادة استغلال المنطقة، لكنها كانت تصطدم برفض سكانها الخروج منها، حتى إن بعض رجال الأعمال المصريين تدخلوا من قبل وعرضوا تعويضات على الأهالي، لكن كل جهودهم باءت بالفشل، لكن يبدو أن الحكومة الحالية كانت مصرة على تنفيذ المشروع بأي طريقة، ووضعت أمام السكان الأصليين مجموعة من الخيارات للخروج منها، بحسب جريدة «الشرق الأوسط».
وتتولى وزارة الإسكان تنفيذ المشروع بالتعاون مع محافظة القاهرة، وقال المهندس مصطفى مدبولي، وزير الإسكان، في بيان رسمي، نهاية الأسبوع الماضي: إن «فكرة تطوير منطقة مثلث ماسبيرو تعود إلى أكثر من 40 سنة، ولم يجرؤ أحد على تنفيذها، لكننا سننفذ مخطط التطوير، ولن نتراجع عن استكمال المشروع».
وأضاف مدبولي، في اجتماعه الأخير مع ملاك العقارات بمنطقة مثلث ماسبيرو: «أمامكم 3 خيارات: إما التوقيع على اتفاق بالمشاركة في أعمال التطوير مع الدولة، وإما أن تختاروا عدم الاستكمال، ووقتها نصدر قرارات لنزع الملكية وفقا للقانون».
وبدأت الحكومة، الأسبوع الماضي، عمليات هدم وإزالة العشوائيات بمثلث ماسبيرو، في الوقت الذي تنظر فيه محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة دعوى مقامة من عدد من سكان المنطقة لإلغاء قرار محافظ القاهرة بإزالة منازلهم بمثلث ماسبيرو.
وتتجاوز تعويضات الأهالي، وفقا لوزارة الإسكان، المليار جنيه، دفعت الوزارة منها 600 ألف جنيه حتى الآن، ويوضح المهندس خالد صديق، المدير التنفيذي لصندوق تطوير العشوائيات، لـ«الشرق الأوسط»، أن «تعويض سكان المثلث يتم بـ3 طرق منها إعطاء الأهالي مساكن بديلة في منطقة الأسمرات، مشيرا إلى أن 439 أسرة اختارت الذهاب إلى الأسمرات، وانتقل منهم بالفعل نحو 433 أسرة، بينما اختار 3005 أسر الحصول على تعويض مادي حسب قيمة العقار، مشيرا إلى أن الوزارة تقيّم الحجرة بمبلغ 60 ألف جنيه، إضافة إلى حصول الأسرة على 40 ألف جنيه دعما اجتماعيا»، ووفقا لصديق فقد «تسلمت 2800 أسرة تعويضاتهم».
أما الاختيار الثالث، فهو أن يعود السكان إلى بيوتهم في المنطقة نفسها بعد الانتهاء من تطويرها، «فهناك 872 أسرة اختارت العودة إلى ماسبيرو، ووقّع 700 منهم العقود الجديدة، وتحصل كل أسرة على مبلغ 40 ألف جنيه قيمة إيجار وحداتهم السكنية لمدة 3 سنوات، وهي المدة اللازمة للانتهاء من المشروع».
الوحدات السكنية ليست هي المشكلة الوحيدة في المنطقة؛ فمثلث ماسبيرو مليء بالمحلات والمخازن والورش، ويقول صديق: «هناك 904 محلات وورش ومخازن في المنطقة تم الاتفاق مع أصحاب 112 منها حتى الآن، ويجري التفاوض مع الباقي».
وتم تحديد سعر المتر للمحلات بما بين 3 و7 آلاف جنيه مصري، أما متر المخزن فسعره يتراوح من ألف إلى 3 آلاف جنيه، ويرى سكان المنطقة أن هذه الأسعار قليلة جدا مقارنةً بسعر المتر الحقيقي في المنطقة، والذي يبلغ وفق تقديرات السماسرة العاملين في المنطقة، ما بين 50 و100 ألف جنيه مصري، ويقدر خبراء التثمين العقاري أن قيمة الأراضي في المنطقة تبلغ 10 مليارات جنيه، وهو ما يؤكده المدير التنفيذي لصندوق تطوير العشوائيات الذي قال في معرض حديثه عن القيمة الاستثمارية للمنطقة: «قيمة الأرض في المنطقة مرتفعة جدا».
وتمتلك الدولة 10% فقط من مساحة مثلث ماسبيرو البالغة 84 فدانا، وهي أرض «وابور الثلج»، ومسجد «أبو العلا»، وتنقسم 25% من الأراضي إلى مساحات صغيرة مملوكة لأفراد، والباقي تقتسمه شركتان سعوديتان وشركتان كويتيتان، إضافة إلى شركة ماسبيرو المصرية، والكنيسة الأرمنية. وتستهدف عملية التطوير 51 فدانا، يخصَّص 10 أفدنة منها لبناء مساكن بديلة لمن اختاروا العودة إلى المنطقة بعد التطوير، ويجري حاليا توقيع العقود مع كبار الملاك لبدء عملية التطوير.
وعن هذا يوضح صديق: «لن نفرض على المستثمرين نوعا معينا، فجميع الخيارات متاحة، وإن كانت المنطقة مؤهلة لبناء فنادق أو شقق فندقية»، ويقول إن «الشركتين السعوديتين تمتلكان 23 ألف متر مربع، بينما تمتلك الشركتان الكويتيتان 52 ألف متر مربع، وتعمل الشركات الأربع، على وضع خطط للاستثمار في المنطقة بعد إخلائها من العشوائيات».
ومن المقرر أن ينتهي المشروع في 3 سنوات، وتنتظر الحكومة المصرية أن يبدأ المستثمرون في تنفيذ مشروعات مهمة على الأراضي خلال الفترة نفسها، لكنها لم تضع أي جدول زمني للمستثمرين حتى الآن.
ويشمل المخطط المقترح للمشروع، وفقا لموقع هيئة المجتمعات العمرانية، إنشاء حي سكني متميز، وأنشطة سياحية وترفيهية ومبانٍ إدارية، وصالات عرض ومتاحف، ومساحات خضراء، ومسارات مشاة، وجراجات وأماكن لانتظار السيارات.