بعد سبع سنوات على بدء الحرب السورية، لدى الأمم المتحدة شيء لتخبر به العالم: «أوقفوا الحرب على أطفال سوريا»، والأرقام تتحدث عن نفسها.
فمن بين الأطفال السوريين، البالغ عددهم عشرة ملايين، ثمّة 8.6 ملايين طفل في حاجة ماسة إلى المساعدة؛ بعد أن ارتفع الرقم إلى ضِعف عما كان عليه في السنة الأولى للحرب، وهناك أيضا ستة ملايين طفل سوري لاجئين ونحو 2.5 مليون حرموا من مدارسهم، ويتعرض ثلاثة ملايين آخرين للخطر الناجم عن الألغام التي لم تنفجر؛ فـ40% من قتلى الأطفال ماتوا بسببها.
وتحقّقت الأمم المتحدة من أنّ 2500 طفل قتلوا بين عامي 2014 و2017، لكنّ الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير؛ إذ وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من بريطانيا مقرًا له، ما يصل إلى 19 ألفًا و800 طفل ميت منذ بدء الحرب في مارس 2011. كما وثّقت دراسة نشرت في مجلة «لانسيت» أنّ 23% من ضحايا الحرب السورية كانوا أطفالًا في عام 2016، مقارنة بـ9% في عام 2011، بما يمثل 13 ألفًا و800 طفل، وفي الشهرين الأولين من عام 2018 قُتل أو جُرح أكثر من ألف طفل؛ وفقًا لتقرير الأمم المتحدة.
وقالت «جيرت كابيلير»، المديرة الإقليمية لمنظمة «اليونيسف»، إنّ الحرب المستمرة منذ سبع سنوات بلا هوادة هي في الحقيقة حرب على الأطفال؛ ففيها قتل الآلاف منهم، ولا زالوا يُقتلون، بينما أصيب عشرات الآلاف ولا زالوا يُجرحون. وغير ذلك، فهم يحملون معهم ندوبًا نفسية وجسدية ستستمر للأبد، بينما تعطّلت حياة الآلاف منهم؛ سواء لمدارسهم أو عيش طفولتهم.
وبالرغم من اتفاقات وقف إطلاق النار في مناطق التصعيد، فالعنف تفاقم، وحوصر قرابة 400 ألف مدني في ضواحي دمشق، التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، في الغوطة الشرقية تحديدًا، في الوقت الذي تستمر فيه قوات النظام المدعومة من روسيا وإيران في إطلاق هجماتهم البرية والجوية.
وقالت منظمة «أنقذوا الأطفال» البريطانية إنّ موظفيها في أرض الميدان بسوريا وصفوا حملة القصف الأخيرة بـ«المروعة»، مؤكدين أنها تستهدف المنازل ومرافق المدنيين بشكل خاص؛ بعدما قصفت قرابة 60 مدرسة و24 مستشفى ومرفقًا طبيًا آخر، وأجبرت الآلاف على الاختباء في ملاجئ تحت الأرض.
وفي الشمال، يتعرض مئات الآلاف في مدينة عفرين الكردية إلى ضغط متزايد مع استمرار الهجوم التركي، الراغب في طرد المليشيات الكردية المدعومة من أميركا. ووصفت المنظمة نفسها الوضع بأنّه «أسوأ نقطة وصل إليها الصراع حتى الآن لمئات الآلاف من الأطفال».
بينما يستمر أطراف النزاع في تجاهل دعوات وقف إطلاق النار وتوقف المساعدات الإنسانية. وقالت مجموعة مساعدة الأطفال إنّ قوافل الأغذية والمساعدات التي تتمكن من الدخول تُسرق. وغير ذلك، الأطفال في المخيمات والملاجئ لا يجدون ما يسد رمقهم من طعام وماء، وأمن وأمان.
وقالت منظمة «أنقذوا الأطفال» إنّ عدد النازحين زاد بنسبة 60% منذ إقرار «مناطق التصعيد» في يوليو الماضي، مؤكدة أنّ نحو 250 طفلًا يفرون من منازلهم كل ساعة واحدة فقط.
ودعت اليونيسيف العالم إلى ضرورة الضغط لوقف «الحرب الطائشة ضد الأطفال».
وفي تذكير لما يتعرّض إليه الأطفال السوريون داخل أراضيهم وخارجها لاجئين، كشف معرض فني أقيم في بيروت عن المعاناة التي يواجهونها بعيون فنانين لبنانيين وسوريين؛ ووجدت صورة لفتاة سورية تبلغ 11 عامًا، من ريف دمشق، بدت وكأنها تطاردها صورة الصبي الكردي «إيلان» البالغ من العمر ثلاث سنوات وجرفته الأمواج لشواطئ تركيا في 2016، بعدما غرق به وبوالديه قارب كانوا يستقلونه مع لاجئين آخرين، مع تعليق أسفل الصورة: «أعاتب عليك أيها البحر.. لماذا ابتلعت صديقي؟».
ووفقًا لكابيلرر من منظمة اليونيسيف، ففي السبع سنوات الماضية لم يُظهر أي طرف للنزاع أيّ احترام للمبدأ المقدس لحماية الأطفال، مضيفا أنّه يخشى على مستقبل سوريا، وتابع: «عندما تتحدث مع الأطفال وتستمع إلى أحلامهم وتطلعاتهم فجلّ ما يردونه أن يعيشوا؛ لكني أرى في الوقت نفسه عزمهم ونضالهم لمواصلة الحياة لأجل مستقبل أفضل وأكثر إشراقًا؛ لذا أؤمن أن سوريا لها مستقبل بهؤلاء».
وفي مؤتمر عُقد أمس الاثنين نظمته «اليونيسف»، أكّد باسل مقداد، شاب عمره 17 عامًا، أنه أصيب بالشلل بسبب تعرضه لقصف في محافظة درعا جنوبي سوريا في 2013.
وقال مقداد، الذي يستخدم الآن كرسيًا متحركًا، بعد محاربة الاكتئاب ومدة قصيرة من العزلة التي فرضت نفسها عقب إصابته، إنّه قرر النظر للمستقبل وإيجاد هدف لنفسه، مضيفًا أنه «إذا لم يوفق في امتهان الموسيقى سيفكر في التصوير»، ومتابعًا: «يمكنك القول إنني نسيت إصابتي، والآن أستطيع التجول أفضل من أي شخص يسير على قدميه، الآن لدي هدف وسأتبعه».