أبدى أهم مهندس لعملية السلام العربية مع «إسرائيل» إحباطه من الإجراءات «الإسرائيلية»، وقال إنه يعتقد بأن حل الدولتين مات ولم يعد قابلا للتطبيق، كما أكد أن «صفقة القرن لا يمكن أن تنجح لأنها لن تجد ولو فلسطينيا واحدا يقبل بها»، بحسب عربي21.
وقال الدكتور مروان المعشر، الذي كان ناطقا للوفد الأردني الفلسطيني المشترك إلى مفاوضات السلام مع إسرائيل خلال تسعينيات القرن الماضي: «سيقول بعض الناس إن حل الدولتين لم يعش يوما، ولكن من المؤكد اليوم أنه بات في عداد الأموات».
وكان المعشر أيضا وزيرا لخارجية الأردن عندما تم إطلاق مبادرة السلام العربية في العام 2002، كما أنه أول سفير للأردن في إسرائيل وكان سفيرا للأردن في واشنطن أيضا، وهو أحد أبرز السياسيين الأردنيين المعروفين.
وقال المعشر، في مقابلة مع موقع «ميدل إيست آي» البريطاني: «سيقول بعض الناس إن حل الدولتين لم يعش يوما، ولكن من المؤكد اليوم أنه بات في عداد الأموات. لا يمكن لأي قدر من التفاوض اليوم أن يصل بنا إلى حل الدولتين لأن أحد الأطراف لا يرغب فيه، وهو الطرف الإسرائيلي. ناهيك عن أن الوسيط في تلك المحادثات بات الآن منحازا تماما لصالح الإسرائيليين. ولا يمكنك في مثل هذه الظروف الاستمرار في التعلق بنموذج قديم».
وتابع: «دون حل الدولتين، وفي وجود مثل هذه الحكومة الإسرائيلية، فإن أحد السيناريوهات المحتملة جدا هو أن الحكومة الإسرائيلية ستعمل من أجل إنجاز حل سيكون على حساب الأردن»، مضيفا «أمامهم واحد من خيارين، إما أن يمنحوا الفلسطينيين حقوقا ضمن حل الدولتين أو يحيلوا المشكلة على جهة أخرى لتتولاها. وهم اليوم لا يعبأون إطلاقا بمصلحة الأردن. ولذلك نشعر بأننا مهددون، ويسبب لنا ذلك قلقا بالغا، وهذا ما يفسر دعم الأردن المستمر والقوي لحل الدولتين لأنه في صالح الأردن وليس فقط في صالح الفلسطينيين. أما اليوم، فقد تبخر كل ذلك».
ويضيف الموقع البريطاني: «سيذكر التاريخ دون شك أن مبادرة السلام العربية، التي اقترحها العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله، كانت فرصة سانحة لإنهاء الصراع بددتها إسرائيل بالاشتراك مع رئيس الولايات المتحدة آنذاك جورج دبليو بوش بينما احتضنها الزعيم الفلسطيني آنذاك ياسر عرفات ودعمها خلفه محمود عباس».
وقال المعشر إن المبادرة الأميركية الحالية، والتي أطلق عليها دونالد ترامب اسم «صفقة القرن» ماتت في مهدها، ووصف المعشر صفقة ترامب بأنها مجرد «وهم وخيال» وقال إنه لا يوجد فلسطيني واحد يمكن أن يقبل بمثل هذه الصفقة.
واستطرد: «تعتقد إدارة ترامب أن بإمكانها أن تسقط القدس وتسقط اللاجئين، دون حتى مجرد حق عودة رمزي، بينما تقلص الأموال المخصصة لوكالة غوث اللاجئين (الأنروا)، وأن تسقط وادي الأردن، وأن تسقط المستوطنات، ثم بإمكانك أن تجري مفاوضات على ما تبقى. هذا ضرب من الجنون. لا يمثل ذلك صفقة قرن لأحد فيما عدا للإسرائيليين».
ويؤكد المعشر، وهو مسيحي أردني، أن «القدس مهمة لكل عربي، ويسلط في هذا السياق الضوء على تناقص أعداد السكان المسيحيين في المدينة المقدسة؛ حيث كان المسيحيون يشكلون ما يقرب من 20 بالمائة من السكان في مطلع القرن الـ20 بينما لا تزيد نسبتهم اليوم على واحد بالمائة».
كما عبر الدبلوماسي الأردني السابق عن غضبه الشديد تجاه الدور الذي لعبه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في محاولة إقناع الرئيس الفلسطيني بقبول أن تكون «أبوديس»، وهي واحدة من ضواحي القدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية.
وأقر المعشر بأن القدس موضع خلاف مع الرياض، وذلك أن رعاية الأردن للأماكن المقدسة في المدينة كان قد نُص عليها في معاهدة وادي عربا للسلام مع إسرائيل. وقال إن الراحل الملك حسين شارك في حرب عام 1967 وهو يعلم يقينا بأنه سيخسر، ولذلك لم يفارقه في يوم من الأيام الشعور بالمسؤولية عن فقدان القدس.
يقول المعشر إن «فرصة إبرام صفقة بين الدول العربية وإسرائيل قد فاتت. والعوامل التي أدت إلى ذلك تشتمل على عدم وجود زعيم عربي في مثل منزلة عاهل السعودية الراحل الملك عبدالله، وكذلك الحرب في سوريا، ذلك البلد الذي شكل جزءا أساسيا من المبادرة، أضف إلى ذلك الرأي العام العربي الذي يعارض مثل هذا التقارب».
بدلا من ذلك، كما يقول المعشر، هناك جيل جديد من الفلسطينيين اليوم تجده ينأى بنفسه بعيدا عن النقاشات المتعلقة بشكل الحل للصراع باتجاه الدفاع عن حقوقه المدنية، الأمر الذي يعني مزيدا من التركيز على رفع كلفة الاحتلال الإسرائيلي من خلال اللجوء إلى مؤسسات الأمم المتحدة وإلى محكمة الجنايات الدولية وحملة المقاطعة المعروفة باسم بي دي إس.
ويقول: «لا يعبأ هذا الجيل بحل الدولتين، ليس لأنه لا يؤمن بالدولة الفلسطينية، ولكن لأنه يعي بأنها عصية على التحقق في أرض الواقع. ولذا، إذا كان مثل هذا الحل مستعصيا، فلا أقل من التركيز بدلا من ذلك على مقاربة تعتمد على المطالبة بالحقوق، حتى لو أوصلهم ذلك في نهاية المطاف إلى حل الدولتين. فكل ما يهمهم الآن هو حقوقهم».