أودعت محكمة جنايات القاهرة حيثيات الحكم في قضية الكسب غير المشروع والصادر فيها حكم بالسجن علي أحمد نظيف رئيس وزراء مصر الأسبق بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ 4 مليون و586 ألف جنيه، وإلزامه برد مبلغ مماثل عن زوجته الراحلة منى عبد الفتاح ونجليه شريف وخالد وعدم قبول الدعوى المدنية.
وأشارت المحكمة في حيثياتها بأن القضية توافر فيها الركن المادي في جريمة قبول الكسب غير المشروع، يقتضى مساومة وتفاوض يصاحبها استمالة تؤدى إلى الرضوخ، في صورة سعى وطلب وقبول وغير ذلك من سلوك يؤدى إلى دخول المال ذمة موظف أو غيره على سبيل الكسب غير المشروع، وأنه من المعلوم أن المحكمة تتبين وقوع الجريمة بالأدلة المباشرة وغير المباشرة وبالقرائن والاستنتاجات الممكنة.
وتأكدت المحكمة من كشف الهدايا الذي قدمتها الأهرام، أن نظيف تحصل على هدايا متنوعة بلغت قيمتها 251 ألف جنيه في 2006، و250 ألف في العام التالي و237 في عام 2008، ثم 308 ألف جنيه في العامين اللاحقين، بإجمالي مليون و145 ألف جنيه.
وقالت المحكمة أن وقائع القضية تمثلت في حصول المتهم أحمد نظيف الذي شغل منصب رئيس وزراء في الفترة من 2004 وحتى 2011، قد استغل مكانته هذه في الخروج عن مقتضيات الوظيفة العامة وما توجبه من النزاهة والبعد عن المنافع والثراء بلا سبب مشروع اعتمادا على سلطان الوظيفة العامة، فتحصل لزوجته الراحلة قبل وفاتها على شقة سكنية في أبراج سان ستيفانو بثمن بخس قدره 154 ألف جنيه بأقل من سعرها الذي يباع به للناس بمقدار 69%.
كما قبل لنفسه في الفترة من 2006 حتى عام 2011 منافع مادية عديدة مثل هدايا عينية من مؤسسة الأهرام متمثلة في ساعات يد ورابطة عنق وغيرها بلغت قيمتها مليون و145 ألف جنيه، ما كان ليتحصل عليها لولا وظيفته وسلطاته التي تخولها له تلك الوظيفة.
وتحققت المحكمة من ثبوت تلك الوقائع من خلال مطالعة صورة العقد المقدمة من رئيس القطاع القانوني لشركة طلعت مصطفى للشقة ومقارنتها بغيره من عقود قدمها الخبراء المنتدبين لفحص موضوع الاتهامات، حيث سدد نظيف ثمن شقة زوجته المتوفاة خلال وجوده في منصبه، بينما كانت جملة مرتبات زوجته مدرسة رياض الأطفال منذ عام 1986 وحتى عام 2006 تاريخ شراء الشقة لا تتجاوز 201 ألف جنيه، وثبت للمحكمة أنها باعت شقة كانت تمتلكها بمبلغ 450 ألف جنيه، ثم ساهمت مع ولديها شريف وخالد في شراء أرض بمشروع وادي النخيل عام 2005 أقاموا عليها 3 فيلات،
كما قدرت المحكمة من إجمالي راتب زوجة نظيف وما أنفقته على فيلات وادي النخيل، أنه ليس بإمكانها أن تدفع إلا مقدم ثمن شقة سان استيفانو فقط، بما يعنى أن المتهم قد تحمل سداد الأقساط من ماله، وأنه كان على بينة من السعر الحقيقي والثمن المتفق عليه لأنه سيتحمل الجزء الأكبر منه، وأنه لن يحصل على الشقة بسعر زهيد لتواضع وظيفة زوجته كمدرسة رياض الأطفال.
وأن نظيف قبل مجاملته في السعر بأقل من السعر الذي يشترى به عامة الناس ، دون تفسير لذلك سوى استمالته لمصالح الشركة في ذلك الوقت مخالفا بذلك ما يقتضيه منصبه من الترفع عن المنافع المادية واستغلال منصبه في قبول كسب بقيمة 3 مليون و440 ألف جنيه، يمثل فارق الثمن بين السعر الحقيقي والسعر الذي اشترى به، وأنه بذلك قد ترخص في التعامل والمساومة مع الشركات أو ممثليها اعتمادا على سلطان وظيفته، في حين أنه ينتظر من أمثاله أن يكونوا قدوة ومثلا أعلى لغيره من رجال الحكم والإدارة في التزام الجدة والبعد عن المطامع فلا يقبل استمالة أو ترغيب من أحد.
واستعرضت المحكمة في حيثيات حكمها أقوال شهود الإثبات يتقدمهم محمد التهامي رئيس القطاع القانوني بمجموعة طلعت مصطفى، أحمد عبد الفتاح الذين أكدوا بأنه تم بيع الشقة لنظيف بخلاف المتبع بالرغم من أن شركة سان ستيفانو يساهم فيها شركات عامة مثل شركة مصر للتأمين والبنك الأهلي المصري وشركة التأمين الأهلية،
وردت المحكمة في حيثياتها على دفوع محامى نظيف بأنه لا وجه لإقامة الدعوى ضد موكله لزوال صفته كموظف عام وقت تحريك الدعوي ضده، وقالت المحكمة أن قانون الكسب ينص على إحالة ما يثبت وجود شبهات قوية ضد رئيس الوزراء بالتحصل على كسب غير مشروع إلى مجلس الشعب، باعتبار أن رئيس مجلس الوزراء يرأس التنظيم السياسي .