فتحت الأوامر السعودية بإحداث تغييرات في جيش المملكة بابًا من التساؤلات بشأن دلالاتها ومفاجأتها، ورآها البعض تتزامن مع رؤية استراتيجية جديدة بعد الخطأ العسكري الذي تسببت فيه بقتل ضباط في الجيش اليمني.
طالت التغييرات رئيس هيئة الأركان العامة وقادة الدفاع الجوي والقوتين الجوية والبرية، ووصفها محللون بأنها ضمن رؤية السعودية في تمكين بن سلمان وتشديد قبضته في الداخل؛ وقالت هيئة الإذاعة البريطانية إنّ «ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يشغل أيضًا منصب وزير الدفاع، يقف وراء هزات في البلاد».
تثبيت الحكم
ورأى حسن الدقي، المحلل السياسي الإماراتي، أنّ محمد بن سلمان يجدد من ولاء الجيش السعودي ويستقطب فريقًا جديدًا يكون له وحده، ولا يرتبط بأبناء العمومة أو الدولة السعودية السابقة؛ وبالتالي الأمر يتعلق بطبيعة الانتقال السياسي الداخلي بين جيلين وأسرتين بإطار نظام ملكي يشهد خلافات وتباينات شديدة.
وأضاف، في تصريح لـ«رصد»، أنّ حادث الهجوم الخاطئ في اليمن جاء مبررًا لهذه التغييرات؛ لكنه لا علاقة مباشرة به، خاصة وأنّ الأداء العسكري للقوات السعودية في اليمن مشهود له بالفشل منذ مدة.
ووفقًا لتقرير بصحيفة «بلومبيرج» الأميركية، قال هاني صبرا، مؤسس شركة أليف الاستشارية السياسية في نيويورك، إنّ «استبدال القادة العسكريين يمكن أن يكون في سياق أوسع لتعزيز قوة ابن سلمان ليضع مسؤولين جددًا مكان آخرين يعتقد أنهم لم ينجحوا في أداء مهامهم».
من جهته، قال «باول سوليفان»، المتخصص السعودي في جامعة جورج تاون بواشنطن، إنّ «التغييرات العسكرية قد تكون جزءًا من الحملة ضد الفساد»؛ و«يبدو أن الملك وولي عهده يريدان أن يذهبا إلى اتجاهات جديدة، ويرغبان في تعيين مسؤولين شباب أكثر نشاطًا حتى يواصلوا الضغط تجاه قضايا إيران وسوريا واليمن».
الجيش السعودي
كما قال ريتشارد سبنسر، مراسل صحيفة «التايمز» البريطانية بالشرق الأوسط، إنّ «هذه التطورات تسبق زيارة مرتقبة للأمير محمد بن سلمان إلى بريطانيا، ويتوقع أن تخرج احتجاجات بسبب الحرب في اليمن».
وأضاف أنّ الجيش السعودي «متورط في حرب داخل اليمن، لا تحظى بشعبية في الداخل؛ ولوّثت صورة ولي العهد محمد بن سلمان بالخارج».
ودفع مدنيون يمنيون ثمنًا باهظًا بسبب الحرب؛ إذ قتل الآلاف منذ أن بدأت السعودية تدخلها العسكري، ووفرت بريطانيا للقوات الجوية التابعة للمملكة تدريبًا وإرشادات بخصوص تنفيذ الغارات. كما أن هناك حصارًا جويًا وبحريًا تفرضه السعودية على اليمن.
صناعات عسكرية
تأتي هذه التغييرات أيضًا بعد معرض «أفد» للصناعات العسكرية، الذي يعد جزءًا حاسمًا من خطة محمد بن سلمان لإنشاء برنامج دفاع محلي، وفق ما قال «ثيودور كاراسيك» كبير مستشاري الخليج في واشنطن، لوكالة «فرانس برس».
وافتتحت فعاليات هذا المعرض الأحد الماضي، ويستمر سبعة أيام، وهو للقوات المسلحة السعودية لدعم التصنيع المحلي. نظمته وزارة الدفاع لعرض متطلبات الجهات المشاركة وقدرات المصانع الوطنية والجهات البحثية بما يحقق رؤية المملكة (2030)، وترسيخًا لتوجه الدولة نحو استراتيجية قوية وفعالة لتوطين الصناعات الرئيسة والتكميلية.
اللافت في الأمر أنّ الذي افتتح المعرض نيابة عن ولي العهد السعودي هو رئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول عبدالرحمن بن صالح البنيان، الذي أُقيل بعدها؛ ليكون هذا آخر عمل له وقبل انتهاء المعرض بأيام.
